أخيرة

دبوس

بين المونديال والزلزال

 

 

في المونديال، تدفقت الحقيقة بدون ان يخطط لها أحد، فالله له طريقة أخرى في التبيين، ليست كمثل طريقة بني البشر، فبينما ظنّ كيان الإحلال وهو في أوْج مسيرة التطبيع، وفي قمة شعوره الزائف بأنّ الأمر قد استتبّ له، وبأنّ الأعراب يهرولون نحوه تطبيعاً وتحالفاً واستتباعاً، وجّهت له جماهير العروبة من كلّ الأقطار، ومن كلّ الدول، ومن كلّ الممالك والإمارات والجمهوريات العربية لطمةً أطاحت بكلّ المراكمات الوهمية التي شيّدها من الهراء في الهواء، وبدون أيّ أساس، ورسّخت ما كان راسخاً في كلّ وجدان عربي، وفي كلّ ضمير عروبي، وانّ فلسطين هي البوصلة، وبأنّ كلّ ذلك الجهد العبثي السيزيفي الذي يبذله الكيان الطارئ للتقرّب من الأمة، وللحصول على القبول والانسجام مع شعوب المنطقة هو محض هراء، ولا يمكن ان يتحقق الا بتحقيق العدل والإنصاف، وانّ هذا العدل والإنصاف لن يتحقق إلا بزوال الكيان

في المونديال ترسّخت الحقيقة بأنّ البوصلة تتجه دائماً نحو فلسطين بإجماع الشعوب العربية، وبدون ايّ استثناء، ولتطبّع الأنظمة ما شاء لها ان تطبّع.

ثم ضرب الزلزال، فبزغ من تحت الركام نور الحق، وزهق ظلام الباطل، وكشفت المحنة عن حقيقة يمقتها أعداء الأمة، ويعشقها مريدوها، وهي انّ العروبة هي المحتوى، وهي الملاذ، وهي الصيرورة وعدا عن ذلك رذاذ، وانه ورغم كلّ هذا الجفاء، وهذه المجافاة، وكلّ ذلك العتاب وكلّ ذاك السباب، فما هو إلا قشرة واهية يقبع تحتها حبّ راسخ، فتسعون بالمئة ممن هبّوا لنجدة سورية كانوا عرباً، مهما اختلفت مواقفهم أو مشاربهم أو مواقعهم، الديدن كان الأخوة العربية، والبوصلة كانت نحو قلب العروبة النابض، ولتذهب الخلافات والاصطفافات الى الجحيم، بين مونديال وزلزال، انبعثت الآمال، آمال الخير الذي لا يصحّ إلا صحيحه، ولا ينجلي إلا صباحه.

سميح التايه

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى