الوطن

استهداف القواعد الأميركية في حقول النفط بدير الزور تطوّر هامّ جداً… والحرب سجال

 

خاص «البناء» ـ دير الزور
للمرة الأولى منذ دخول القوات الأميركية الى سورية عام 2014 وإنشاء قواعد لها في سورية يتمّ استهداف قاعدتين في توقيت واحد، وهذا يثبت تطور المقاومة السورية ضدّ قوات الاحتلال الأميركي، خاصة أنّ المعلومات المتوافرة تفيد بأنّ طائرة مُسيّرة تولّت تنفيذ العملية، حيث تمّ استهداف قاعدة حقل العمر بريف دير الزور الشرقي وحقل كونكورد بريف دير الزور الشمالي الشرقي.
أسباب كثيرة تدعو خصوم أميركا في سورية إلى تصعيد وتيرة استهدافهم لقاعدة العمر النفطية دون سواها، وهي التي تضمّ أكبر قاعدة أميركية قريبة من نهر الفرات .
آخر هذه الاستهدافات كان في 18 شباط 2023.
ما هي القرية الخضراء وأين تقع القاعدة الأميركية وما هي أهميتها؟
عام 2017 سيطرت «قسد» على المنطقة الواقعة فيها حقول النفط بريف دير الزور الشرقي، وسارع الأميركان إلى إنشاء قاعدتين عسكريتين في المنطقة، الأولى في معمل كونكورد بريف دير الزور الشمالي الشرقي شمال قرية خشام، والثانية في مساكن حقل العمر جنوب حقل العمر النفطي، وأسباب تركيز التحالف الذي تقوده واشنطن على هذه المنطقة كثيرة منها أنها أهمّ منابع النفط في سورية، حيث بلغ إنتاج النفط من حقل العمر قبل الأزمة السورية عام 2011 حوالى 30 ألف برميل يومياً، ويضم الحقل معملين للغاز ومحطة لتوليد الكهرباء، والسبب الثاني أنه قريب من ضفة الفرات حيث تواجد الجيش السوري وبعض القوات الرديفة التي تتهمها أميركا أنها مدعومة من إيران ويوجد بعض المستشارين الروس، وتتوسط القاعدة مناطق استراتيجية مهمة من حيث التركيبة الاجتماعية فيها وسط معقل عشيرة العكيدات المعروفة بولائها للدولة السورية وشراستها بمقاومة المحتلّ وهي من أكبر العشائر في المنطقة الشرقية.
والقاعدة الأميركية التي يخطئ كثير من الإعلاميين بموقعها حين ينقلون أيّ خبر عنها، تقع في مساكن حقل العمر وليس في حقل العمر نفسه، لأنه من الغباء في التكتيك العسكري إنشاء قاعدة وسط حقل نفطي يضمّ أكثر من 200 بئر غاز وعشرات آبار النفط التي تضخ بشكل ذاتي مما حدا بالأميركيين إلى إنشاء القاعدة جنوب الحقل بما يقارب 2 كم، مقابل مفرق الشحيل على الطريق المؤدّي الى جسر المياذين المدمّر، وهي مساكن حقل العمر التي تضمّ 200 شقة سكنية على ارتفاع طابقين فقط مما ساعد القوات الأميركية على إنشاء تحصينات داخل المساكن يمكن التحرك داخلها بحرية حيث أنها مسوّرة جيداً بالإضافة إلى التحصينات العملاقة، مما جعل الأميركيين يطلقون عليها اسم القرية الخضراء تيمّناً بالمنطقة الخضراء في العراق، على افتراض أنها منطقة آمنة وهي اسمها «القرية الخضراء» منذ أن أنشأتها شركة الفرات للنفط قبل الأزمة السورية كونها منطقة صحراوية وفيها فقط حدائق في هذه منطقة المساكن.
من أين تُستهدف القاعدة الأميركية؟
طبيعة المنطقة على ضفاف الفرات تسمح باستهداف القاعدة من عدة مناطق أولاً من مناطق الحوايج حيث تكون الحويجة جزيرة في وسط نهر الفرات بعضها مثل الغابة، كما يوجد بعض الكهوف نتيجة انخفاض نهر الفرات، ويمكن استهدافها من منطقة الشحيل حيث يوجد ما يشبه الغابة من القصب والزل على ضفاف نهر الفرات، كذلك يمكن اختباء كتيبة مشاة دون رصدها، ويمكن استهدافها من الضفة الأخرى لنهر الفرات حيث يتواجد الجيش السوري والقوات الرديفة، والتي تتميّز بنفس الطبيعة الجغرافية .
ماذا تحوي القاعدة الأميركية لتغري بالاستهداف دون سواها من القواعد وتثير الرعب لدى القيادة الأميركية؟
القرية الخضراء هي القاعدة الوحيدة في سورية التي تحوي قوات متعددة الجنسيات من عدة دول، في عام 2019 انتقل ما يقارب 36 عسكري وظابط فرنسي بعتادهم من قاعدة الشدادي جنوب الحسكة الى قاعدة مساكن حقل العمر «القرية الخضراء»، وفي العام نفسه تمّ نقل ما يقارب 25 عسكري وظابط بريطاني من مساكن كم البلغار شرق مدينة الشدادي 2 كم جنوب الحسكة الذي حوّلته «قسد» إلى سجن لعناصر «داعش».
كما نقل إلى قاعدة مساكن حقل العمر أواخر عام 2019 ما يقارب 20 ظابط وعسكري إيطالي من شمال العراق بحماية من القوات الأميركية مروراً بمحافظة الحسكة، والى قاعدة حقل العمر 2020 تمّ نقل عدد من الضباط السعوديين الذين أحضرهم الأميركان كمستشارين في الشؤون العشائرية من مساكن حقول الجبسة بمدينة الشدادي الى قاعدة مساكن حقل العمر.
وأنشأ الأميركان داخل المساكن مهبط طائرات هيلوكوبتر كانت موجودة بشكل دائم كطائرات طوارئ، ولكن منذ آواخر العام 2021 لم تعد القوات الأميركية تسمح لهذه الطائرات بالبقاء في القاعدة ليلاً خوفاً من الاستهدافات .
قاعدة حقل كونكورد
أما قاعدة حقل كونكورد فهي بريف دير الزور الشمالي الشرقي قريبة من معمل غاز كونكورد وتحوي على معدات عسكرية متوسطة مثل مدافع رشاشة وهاون ومدافع أميركية متوسطة، وأُنشئت لحماية معمل غاز كونكورد من تقدّم الجيش السوري والقوات الرديفة عام 2017 كونه من أهمّ معامل الغاز في سورية، وكونه قريباً من طرق سرقة النفط من حقول دير الزور الى محافظة الحسكة، وهو لا يبعد عن نقاط الجيش السوري سوى بضعة كيلو مترات، حيث يختلف عن حقل العمر هناك، ويفصل نهر الفرات بين القوات السورية والجيش الأميركي،
لكن هنا الجيش السوري عبر نهر الفرات ويتمركز في بعض القرى التي لا تبعد كثيراً عن تواجد الأميركان ويمكن استهدافها من عدة نقاط على ضفاف الفرات إنْ كان من مناطق سيطرة الجيش السوري أو من القرى التي تسيطر عليها «قسد» على ضفاف الفرات والتي تتميّز بنفس الطبيعة الجغرافية من كهوف وحوايج وغابات من الزل والقصب…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى