أولى

التماسك الفلسطيني والتفكك الإسرائيلي

يقدم السقوط السريع لاتفاق العقبة، الهادف إلى التهدئة منعاً لتسارع الانفجار، رغم الجهود الأميركية والشراكة المصرية والأردنية ورغبة بنيامين نتنياهو ومحمود عباس، إشارة واضحة بأن المواجهة بين الفلسطينيين وكيان الاحتلال حيث صار الحمقى والفاسدون في الحكم، وتصدر المستوطنون والمتطرفون مشهد الحكومة، ذاهبة الى المزيد من الاتساع والتصعيد.
لا يملك ثنائي سموتريتش وبن غفير استراتيجية خروج من خطاب الكراهية والقتل الأعمى، فهو الخطاب الذي صنع لهما الزعامة ونقلهما الى الحكومة، وهو الخطاب الذي يعبر عن التزامهما بالمفهوم العقائدي الفج للحركة الصهيونية بعيداً عن مساحيق التجميل الوافدة من الجاليات الغربية العلمانية التي أنشأت الكيان، ولذلك تسير مخططات التهجير والإعدام بحق الفلسطينيين بالتوازي مع مخططات إنهاء شكليات الصيغة المدنية للمؤسسة الحاكمة، من قضاء الى مؤسسات أمنية وعسكرية تحتكم الى قواعد ولوائح عمل، رغم توحّشها بحق الفلسطينيين.
وصل التيار اللا دولتي إلى الحكم في الكيان، بالتوازي مع تسلّم دفة العمل الفلسطيني من الجماعات اللاسلطوية، بعدما صارت نظرة المستوطنين لمؤسسات القضاء والأمن كعائق أمام الاستيطان والتهويد من جهة، وكتعبير عن العجز عن تأمين التفوّق اللازم لفرض الشعور بالأمن الذي كانت توفره قوة الردع، وبالتوازي ينظر الفلسطينيون لخيار التفاوض والسلطة كعائق أمام مقاومتهم من جهة، وكتعبير عن العجز عن تأمين حماية الأرض من الاستيطان وحماية الشعب من القتل والتهجير، وحماية المقدّسات من التهويد، ولذلك تتهاوى مؤسسات الكيان ومؤسسات السلطة في مكانتها في العقل الجمعيّ لكل من المستوطنين الصهاينة والمواطنين الفلسطينيين، وتبدو المواجهة طريقاً حتمياً يتسارع السير فيه نحو بلوغ الذروة مع كل جولة.
المفارقة هي أن الكيان يزداد انقساماً عمودياً كل يوم، لأن الهوية الهجينة الناتجة عن خليط عشوائي للهويات المستوردة من مصادر الاستيطان، تعيش لحظة الانفجار بعد فقدان شرط الوحدة التي جمعتها، وهو شرط التفوّق العسكري والقدرة على خوض الحروب الخاطفة وتحقيق الانتصار الحاسم، وقد أصبحا شيئاً من الماضي، بينما يتماسك الفلسطينيون على الهوية المتجذرة الواحدة، ولم يعد للتفاوض مؤيّد ولا للسلطة مشروع، وقد أثبت خيار القوة والمقاومة في فلسطين والمنطقة قدرته على الإنجاز سواء في التحرير، كما في جنوب لبنان وغزة، وفي الردع كما في حروب غزة ولبنان وأخيراً في معركة سيف القدس.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى