أخيرة

دردشة

أسمّيك، منذ اليوم، جنينغراد*
يكتبها الياس عشّي

 

سلام لعينيك يا جنّين،
السلام عليك أيتها العذراءُ الممتلئةُ بروح الشهداء،
سلام لكلّ حجر، وكلّ حبّة تراب، وكلّ كوفيّة، وكلّ أمّ، وكلّ أب، وكلّ رصاصة، وكلّ مئذنة، وكلّ أيقونة، وكلّ صلاة، نبتوا وأينعوا وأزهروا في حدقاتنا وتحت جلدنا،
سلام عليك يا جنّين،
يا حاملة خطايا العرب، وخطايا العالم،
أيتها المسافرة، في شوق، تبحثين عن بطولة وأدها العرب يوم باعوك شعارات، وضرّجوا جدرانك بدم أنقى وأعرقَ من كلّ الدماء الزرق السارية في شرايين الملوك،
سلام لك يا جنّين وأنت تعيدين إلى العرب نسبهم، وإلى قُريش نبيَّها، وإلى المسجد الأقصى آذانه، وإلى كنيسة المهد أجراسها،
سلام لك أيتها النقيّة المقاتلة عنّا منذ أن نسينا رائحة الخيول.
لقد دخلتِ، يا جنّين، تحت جلدنا… لقد صِرتِ في ذاكرتنا «جنينغراد».
تحدّيتِ شارون…
استجداك شارون ليستعيد جثث جنوده…
خافكِ شارون… لهث كالمجنون وراء دبّابته،
دمّر شارون أسوارك ولم يستسلم أبناؤك…
قاتلتِ حتى آخِرِ رصاصة… ولم تستسلمي،
فضّلتِ أن تقضي واقفةً باعتزاز، مرفوعة الرأس، بهيّة الوجه، منتصبة كالرمح،
علّمتِ الدنيا أنّ من يحسن القتال يحسن الموت،
وأن من يدافع عن أرضه يدافع عن كرامة الوطن،
وأن من يموت وهو واقف إنما يموت بشفافية وبهاء، ويكون موته نبويّاً بامتياز،
أسمّيك، منذ اليوم، جنينغراد،
فتحية لك أيتها العذراء الجميلة!
*مقطع من كتاب يُعدّ للإصدار بعنوان «العودة إلى المربّع الفلسطيني».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى