أخيرة

دبوس

القنبلة الذرية الوهابية التكفيرية

تماماً كما في الحرب الخشنة الصلبة، حيث يقوم العدو بإجراء تقييم ميداني لكتلتنا المقاتلة، فيحدّد نقاط الضعف ونقاط القوة في جبهتنا، ثم يقوم بالتركيز بالنار وبالهجمات المتكرّرة على مناطق ضعفنا، كذلك في الحرب الناعمة التي خيضت علينا منذ عقود، فهو يعلم انّ الضعف الإنساني السرمدي الأزلي إزاء المنافع المادية والمال موجود في كلّ المجتمعات الإنسانية وأننا لسنا استثناءً لذلك، وهي حالة تتناسب تناسباً عكسياً مع مقدرة ايّ مجتمع من المجتمعات في الارتقاء بالأنا المثالية وتعزيز دورها في البنية الأخلاقية للإنسان، فكلما تضخمت هذه الأنا المثالية كلما قلّت مقدرة القوى المعادية على رشوتها وتقديم الإغراء المادي لانحرافها وتكريسها لخدمة أهدافه…
كما أنه يعلم انّ هنالك شريحة عريضة من النشء الجديد لم تتعلم الدين من منابعه الصحيحة، وانّ عبثاً جدياً، وعلى مدى قرون من الزمان، أطاح بكثير من الأصول، ومزّق السياق والسردية الحقيقية لأهداف دنيوية ارتآها السلاطين ومن تبعهم من مفتي هؤلاء السلاطين، فغدا الدين مطية في أيدي أعداء الحقيقة، كيّف بالطريقة التي تخدم مصالحهم وبقاء عروشهم، يعلم العدو ذلك، ويعلم بأنّ الأمر يحتاج الى مجاميع من الدعاة وعلماء الدين المارقين المأجورين والذين سيعملون كأجراء لدى السلاطين، وبالتالي كأجراء لدى الأجندة الصهيو ـ انجلوساكسونية بالضرورة، والذين لن يتورّعوا عن استعمال الدين بالفتاوي غبّ الطلب، وبالاجتهادات المبرمة لخدمة أهداف من يدفع أكثر، من أمثال القرضاوي والعريفي والعرعوري وغيرهم بالآلاف…
لقد قاموا باستهداف الشباب الصغار واستغلوا تعطّشهم للدين، ليعملوا في كيمياء عقولهم كيفما أرادوا، شباب لم يُصَر الى بناء الموانع الدينية الحقيقية في ذواتهم من قبل البيت والمدرسة ومنظومات البث الفكري المتنوعة…
ارى شخصياً انّ من واجبنا نحن الذين استطعنا ان نستبصر الحقيقة، وان نميّز بين الغث والسمين في كلّ ما يتدفق الى العقول، أرى انّ من واجبنا اختراع المصل الواقي والذي يوفر المناعة الفكرية والموضوعية إزاء هذا الوباء القاتل، بالأرقام، الخسائر البشرية المترتبة على القنابل الذرية الوهابية التكفيرية التي ضربنا بها، في الجزائر وليبيا وسورية والعراق، لا تقلّ عن مليون إنسان، والتدمير المنهجي والشامل الذي أصابنا نتيجة لهذه القنابل تتعدّى التريليون دولار، أضعاف مضاعفة لما أصاب هيروشيما وناغازاكي بفعل القنابل الذرية الحقيقية.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى