قوة الردع اليمنية
مفهوم قوة الردع هو القدرة على امتلاك قوة يقيم لها الذين يفكرون بالحرب عليك حساباً يجعلهم يتمهّلون كثيراً قبل التورط في هذه الحرب. وما يحدث بين اليمن وأميركا، في ضوء حجم الغضب الأميركي مما فعله اليمنيون، والعجز عن إيقافهم عبر خوض غمار مواجهة عن بُعد، وتحدّث الكثيرون عن الحاجة لخوض حرب لإيقافهم، بينما يتصرّف الأميركيون بتأن خشية التورط في حرب فاشلة، فيتردّدون ويتمهلون ويعيدون الحسابات ويدخلون الوسطاء، فهل يعني هذا وجود قوة ردع يمنية أم لا؟
جاء الأميركيون الى المنطقة بأساطيلهم وحاملات طائراتهم والشعار مرفوع علناً، والرسائل بالمضمون ذاته تصل عبر الوسطاء، لا تدخلوا على خط الحرب التي تشنها “إسرائيل” وإلا سوف تلحق بكم عواقب تحدي المشيئة الأميركية، وهي عواقب تقولها الأساطيل والحاملات، إذا اليمنيون تمادوا بفرض إرادتهم، لكنهم قالوا نحن سنقوم بمنع السفن الذاهبة الى موانئ كيان الاحتلال من عبور مضيق باب المندب نحو البحر الأحمر، ومن يعترض طريق إجراءاتنا سيتلقى العواقب، والعواقب أيضاً تقولها الصواريخ والطائرات المسيّرة.
عملياً ردّ اليمنيون على التهديد الأميركي بالتحدّي، ورفض الانصياع للتهديد ومنذ شهور وهم يفعلون ذلك، ولم تفلح أميركا بفعل شيء يمنعهم من المضي مجدداً الى التكرار. وهذا يعني سقوط قوة الردع الأميركية. وعندما حدّد اليمنيون ما يريدونه في البحر الأحمر وقد ترجموا مراراً تهديداتهم لمن يحاول معاندة إجراءاتهم، وأثبتوا قدرة ردعهم، الى درجة أن سفناً كثيرة تخلت طوعاً عن العبور، وأخرى صارت تعرّف عن نفسها بأنها لا تحمل شيئاً نحو موانئ كيان الاحتلال وانها ليست إسرائيلية ولا بريطانية ولا أميركية، في ترجمة ملموسة لمفهوم قوة الردع اليمنية.
في البحر الأحمر ثبتت قوة الردع اليمنية وتراجعت قوة الردع الأميركية. وهكذا هي العلاقة بين الدول العظمى والتاريخ، بعضها يهبط لأن بعضها الآخر يصعد. وهذا حال اليمن وأميركا، الدولتين العظميين، وهما واقفتان وراء طرفي الحرب، اليمن وراء غزة، وأميركا وراء “إسرائيل”، هكذا تنتصر غزة وينتصر اليمن، وتفشل “إسرائيل” وتفشل أميركا.
التعليق السياسي