أخيرة

دبوس

خطوطه الحمراء… أو لنقل الورديّة

رحم الله امرئٍ عرف حدّه، فوقف عنده، يحضرني هذا المثل وأنا استعرض تلك العنتريات التي صدرت عن أحد الزعماء العرب قريباً، وليس منذ أمدٍ بعيد، حينما قال انّ المقدسات هي خط أحمر، لن نسمح بتجاوزه…
وفي واقع الحال فإنني يلحّ عليّ التساؤل بإزاء هذه التبجّحات والصّولات الفارغة التي تطلق في الهواء ثم تتلاشى وكأنّ شيئاً لم يكن.
أليس الانسان المظلوم المعتدى عليه هو من المقدسات؟ أليس الأطفال الذين تقطّع أوصالهم بالآلاف، والنساء اللواتي تبقر بطونهن وتنزع ملابسهن عنهن وفي بعض الأحيان يعرّين ويغتصبن! أليس هذا هو درجة أعلى من التنادي لدرء الخطر عن المكان والمكين المقدس! أليس التنكيل بامرأة في باحات المسجد الأقصى من قبل الجنود الاسرائيليين وضربها وطرحها أرضاً والاعتداء عليها ونزع حجابها، ألا تشكل مثل هذه الممارسات استحثاثاً للنخوة والرجولة، انْ وجد منها شيء، لدى هذا الحاكم حتى يتحرك لرفع المظالم، ومنع المساس بكلّ ما هو مقدّس؟
متى يكون هنالك تجاوز للخطوط الحمر، إذا لم يكن القتل والتدمير الكلّي وانتهاك الحرمات والتدنيس الممنهج للمقدسات وإذلال الرجال والاستيلاء المكاني والزماني على أقدس المقدسات وحرمان الناس من ممارسة عباداتهم اذا لم يكن كلّ هذا تجاوز للخطوط الحمر أيها الحافظ للمقدسات والمؤتمن عليها، فمتى يكون التجاوز؟
واقع الحال انّ هذا الكلام المرسل على عواهنه، وتلك العنتريات اللفظية، والفقاعات الفارغة لا تعدو كونها هراءً، شخصياً أعتقد انّ من لم تحرّكه كلّ هذه المذابح والإبادة الجماعية والتدمير المطلق للحياة وللشجر والحجر، والاستئصال البربري لمجاميع البشر، لن يحركه شيء في هذا الكون، باللا ردّ فعل هذا وبالموقف الذي لا ينتمي حتى للإنسان ناهيك عن ان ينتمي الى العروبة والاسلام، تستطيع «إسرائيل» ان تهدم المسجد الاقصى الليلة، وأراهن انّ هؤلاء الأوغاد لن يرمش لهم جفن، وسيواصلون عمالتهم وخيانتهم بطريقة طبيعية كما مارسوها لمئة عام، وعلى رأسهم هذا الذي وضع خطوطاً حمراء لانتهاك المقدسات…
ألا ايتها الشعوب المغلوب على أمرها، لقد ابتليتم كثيراً، وأهدرت إرادتكم، وتمّ تسليمكم الى هؤلاء القادمين عبر الحدود بالمباشر وباللامباشر، لإذلالكم وقتل فحواكم وسلب ثرواتكم، ألا أيتها الشعوب التي لا تملك من أمرها شيئاً ويُزدرى وجودها في الصباح وفي المساء، ويفرض عليها ما لا تريد، وتقاد الى مصارعها وتستقطع أوطانها وتهان مقدساتها، انْ لم تأخذوا أموركم وبالقوة بأيديكم فلن تقوم لكم قائمة بعد الآن…
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى