أولى

خطاب الأسد المرجعي

يصلح خطاب الرئيس بشار الأسد في اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي المنتخبة حديثاً، ليشكّل وثيقة مرجعيّة في فهم رؤية يبدو واضحاً أن معالمها قد اكتملت لدى الرئيس الأسد حول كيفية إدارة إشكاليّات وأزمات ومشاكل الدولة والحزب والمجتمع.
يقدّم الرئيس الأسد في رؤيته التي تبلورت معالمها على إيقاع الملحمة التي خاضت غمارها سورية طوال عقد ونيّف من السنوات، وفي مواجهة تحديات معرفية ومفاهيمية وعقائدية، وأزمات اقتصادية واجتماعية، ومسؤوليات حزبية وحكومية، مشاريع واضحة لأجوبته على هذه العناوين.
الزمن هو زمن العقائد والأيديولوجيات، والبشرية لم تعرف مرحلة أكثر حاجة للايديولوجيات وانغماساً فيها مثل المرحلة الراهنة، ولذلك فإن التركيز على الجانب العقائدي حاجة وضرورة على المستوى العملي للتعامل مع قضايا الحاضر والمستقبل، وليست مجرد التزام موروث من الماضي يجب الحفاظ عليه من باب الوفاء.
العروبة والاشتراكية ثنائيّة حزب البعث قواعد جوهرية في القيمة المضافة التي يحملها الحزب، بصفته حزباً منحازاً للطبقات الفقيرة، وحزباً مؤمناً بالفضاء العربي الذي يتداخل مع العمق الحضاري للإسلام، بحيث يصعب الفك بينهما ويستحيل قبول دعوات التصادم بينهما.
الحروب في أصلها ثقافية والنصر والهزيمة فيها بسيادة مفاهيم وانحسار مفاهيم مقابلة. وأخطر الثقافات التي يمكن التأقلم معها واعتيادها، هي ثقافة اللامبالاة والانتظارية واليأس والهزيمة والاستسلام.
ما يمثله مشروع الهيمنة الأميركية ومن خلاله مشروع العدوانية الذي يحمله كيان الاحتلال، ومن حولهما ثقافة التطرّف وتشكيلات الإرهاب، جبهة واحدة، لكنها تحتضر وتعيش أسوأ أيامها. وسورية في قلب صناع معادلة النصر على هذه الجبهة، وما يجري منذ طوفان الأقصى يزيدها تمسكاً بموقعها في خيار المقاومة وثقافة المقاومة ومحورية قضية فلسطين.
الاستقلال والقوة ثنائية سورية، لأنهما ثنائية بقاء الأوطان على قيد الحياة، وقد انتصرت سورية بهما وهي ماضية بتمسكها بهما حتى نصرها الكامل.
الرئيس الأسد توّج رؤيته بانتخابات اعتمدت معايير أرادت إعلان نهاية مرحلة وبدء مرحلة. وجاءت القيادة المركزية الجديدة للحزب على قاعدة تحمل المسؤولية والخضوع لاختبار القدرة على قيادة المجتمع والدولة في ظلال هذه الرؤية.
يقول تاريخ الشعوب والحروب والثورات إن البنى الصلبة للمجتمعات والأوطان هي تلك التي تولد في زمن المشقة والحاجة وتصهرها نيران التحديات وضعف الإمكانات وصعوبة المسارات، لا تلك التي تولد في زمن الرخاء والوفرة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى