صفقة سعودية إخوانية تخرج قطر من سورية السلسلة تتحوّل لقيود وقيد الحساب لحبل من مسد
كتب المحرر السياسي
تعيش المنطقة ولبنان وخلفهما العالم ضغط تسارع الاستحقاقات الداهمة، فالانتخابات الرئاسية الأفغانية انتهت ونتائجها تظهر تباعاً، والانتخابات النيابية العراقية بدأت عملياً لتنته في نهاية هذا الشهر، وتبدأ معها استحقاقات رئاسية ثلاثة في لبنان وأوكرانيا ومصر وكلها مؤثرة وحاسمة، وبعدها انتخابات نيابية تركية في مطلع حزيران، وانتخابات رئاسية سورية في منتصف تموز.
سبعة استحقاقات في ثلاثة شهور تضيع بينها قدرة الضبط والربط والتعويض في الخسائر من استحقاق لاستحقاق، حيث سيتم تأجيل وتبديل المواعيد ما يتيح التحكم بالتوازنات بين خسارة هنا وربح هناك، فالانتخابات الأوكرانية والانتخابات التركية يربطهما البحر الأسود وحجم القوة الروسية في حسابات أميركا وأوروبا، ومثلها الانتخابات العراقية والتركية تقرران حجم القوة المتاح لإيران وسورية في معادلات المنطقة، ومثلها انتخابات سورية ولبنان تحددان مساحات الحركة المفتوحة للمقاومة في مواجهة إسرائيل، وتبقى الانتخابات الأفغانية بوصلة لوجهة الانسحاب الأميركي ونهائيته.
تحت ضغط هذه الاستحقاقات خلط أوراق وتبديل اصطفافات ومواقع وحذر أحياناً وتخبط أحياناً أخرى.
معارك المخيمات وما تداخل معها من تصفية حسابات بين القيادي المنشق عن حركة فتح محمد دحلان والقيادة الرسمية للحركة برئاسة محمود عباس، ليست بعيدة عن حسابات التدخل الخليجي على خط المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ، كما انتخابات الهيئة التنفيذية للائتلاف السوري المعارض وما شهدته من صفقة سعودية مع الإخوان المسلمين، وأدت لإخراج قطر من الساحة السياسية السورية، ليست بعيدة عن الكلام الدائر في الكواليس الدولية عن اقتراب الدعوة لعقد جولة جديدة من مؤتمر جنيف.
لبنانياً ليست المناقشات المربكة للسياسة في ملف سلسلة الرتب والرواتب، بين التحسب لانقضاض الخارج على المعادلة النقدية والمصرفية وتفادي تجاوز الخطوط الحمر التي يرسمها، وبين ضغط الشارع وحقوقه المزمنة والحاجة لإنصافها وعجز القيادات السياسية عن تجاهلها على أبواب الاستحقاق الرئاسي، حتى تحولت السلسلة إلى قيود في أيدي السياسيين والنقابيين معاً، وتحول قيد الحساب الذي تقدمه إدارات الدولة إلى حبل من مسد لا نهاية له ولا مكان للحلول فيه.
الوضع الداخلي
في هذا الوقت، تكثّف الحراك السياسي والحكومي والنيابي لإنضاج بعض الاستحقاقات الداهمة، بالتوازي مع إعطاء الموضوع الأمني أولويّة كبرى، إذ يُنتظر أن تبدأ الخطة الأمنية في البقاع خلال ساعات، وفق ما قالت مصادر أمنية بارزة لـ«البناء»، في حين تنتظر سلسلة الرتب والرواتب انتهاء اللجان النيابية من بحث مواد التغطية المالية لها.
نصرالله: أمامنا فرصة لصنع الرئيس
ووسط هذه الأجواء، يبقى الملف الرئاسي يشغل الكتل النيابية والقوى السياسية المختلفة، وكان لافتاً في هذا السياق ما أكّده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، من أن المناخ في البلاد هو مناخ إجراء انتخابات رئاسية. وقال: «إن الحزب سيدعم المرشّح الذي يحقّق المصلحة الوطنية الكبرى». وقال: «إن العناصر المحلية ستكون مؤثّرة أكثر من أي وقت مضى في الاستحقاق الرئاسي». وأكد «أن أمامنا فرصة صنع رئيس في لبنان».
كذلك نوّه السيد نصرالله بالخطة الأمنية التي قرّرت الحكومة تنفيذها في الشمال والبقاع. مشدّداً على عدم الاكتفاء بالمقاربة الأمنية والقضائية، بل أن تكون هناك مقاربة اجتماعية ـ إنمائية. وشدّد على أهمية إجراء مصالحات حقيقية بين التيارات والاتجاهات السياسية كافة، مبدياً انفتاح الحزب على الحوار.
وأبدى السيد نصرالله في حوار تنشر «السفير» الجزء الثاني والأخير منه اليوم، تقويمه الإيجابي لإنتاجية الحكومة وعودة الحياة إلى المجلس النيابي، مؤكداً أهمية انتظام عمل المؤسسات واستكمال التعيينات.
وشرح السيد نصرالله الأسباب التي أدّت إلى مقاطعة الجلسة الأخيرة للحوار، معتبراً أن مواقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان الأخيرة أفقدته موقع من يستطيع إدارة حوار وطني.
برّي لم يحدّد موعداً لجلسة الانتخاب
وفي هذا الإطار، لفتت مصادر نيابية إلى أن ما نُشر عن وجود نيّة لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري بالدعوة لجلسة انتخابات في 15 نيسان الجاري ليس دقيقاً. وأوضحت أن رئيس المجلس يدرس الخطوات الممكنة، وأن الدعوات لعقد جلسة لهذه الغاية مفتوحة من 15 الجاري إلى 25 أيار المقبل.
وأشارت إلى أن الأمور لا تزال تحتاج إلى مزيد من التشاور مع الكتل النيابية لأن أي دعوة إلى جلسة عامة تبقى بلا معنى من دون ظهور مؤشرات حول إمكان التوافق على شخصية الرئيس الجديد. ورأت أن الظروف الحالية لا تحتمل فتح باب الانتخابات من دون حدّ أدنى من التوافق.
السلسلة أمام خيارات صعبة اليوم
في ما خص سلسلة الرتب والرواتب، فلليوم الثاني على التوالي، واصلت اللجان المشتركة بحث سلسلة الرتب والرواتب وعقدت جلستين نهارية ومسائية بتوجيهات من الرئيس بري، على أن تعقد جلسة اليوم صباحاً في سعي إلى إنجازها وإلحاقها بجدول أعمال الجلسة التشريعية المقرّرة يومي غد وبعد غد.
ولم تتمكّن اللجان من حسم النقاش حول موضوع الـ TVA والرسوم على بعض السلع والمواد، لا سيما أنها تتعلّق بخيارات السياسة المالية والضريبية، وقد طرحت أسئلة عدة على النواب في هذا المجال على أمل الإجابة عليها في جلسة اليوم، بعد العودة إلى مراجعهم، ومنها: هل تبقى زيادة الـ TVA إلى 15 في المئة على المواد التي قررت في مشروع اللجنة، أم توسّع مروحتها لكماليات أخرى، أم هل تُزاد الـ TVA من 10 إلى 12 في المئة على كل السلع والمواد بما فيها الأساسية، أم سيصار إلى إبقاء الـ 15 في المئة على المواد المطروحة مع زيادة الرسوم على بعض المواد الأخرى؟ وطرح في الجلسة رفع الدعم عن الكهرباء وطرح سؤال آخر يتعلّق بتجزئة السلسلة وتقسيطها والسؤال الخامس حول موضوع ترشيد السلسلة وما يتعلق بالفروقات، بحيث تحتسب من 1 1 2013 بدلاً من 1 7 2012 والسؤال الأخير حول ترك موضوع التشريع الجمركي للحكومة.
وأقرت اللجان أمس المادة الخامسة المتعلقة بالطابع على العقارات على أن يترك الموضوع للحكومة ويؤخذ في الاعتبار موضوع النسبة، وقالت مصادر نيابية إنها تتراوح بين 1.5 و2 في المئة.
والبارز أيضاً في جلسة الأمس، مداخلة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي شرح نتائج السلسلة كما هي الآن، مرجّحاً فكرة تجزئتها وتقسيطها على خمس سنوات، معتبراً أن في ذلك استيعاباً للآثار المالية والاقتصادية السلبية.
وردّ بعض النواب بينهم علي عمار، مؤكدين على حق الناس، على رغم أهمية القراءة المالية والاقتصادية والآثار الإنسانية التي ستنعكس سلباً من عدم إقرار السلسلة من دون تجزئة. وقالت مصادر نيابية إن هناك جدية في موضوع إقرارها، لكنها لم تجزم في ما إذا كان ذلك سيجري في اجتماع اليوم، مشيرة إلى موقف الرئيس الداعي إلى تكثيف النقاش لحسم هذا الموضوع. وبينما كانت اللجان تجتمع داخل البرلمان حضر أعضاء هيئة التنسيق النقابية أمام المجلس وحذّروا من انتفاضة شعبية كبرى، إذا لم تقرّ السلسلة في جلسة غد وبعد غد، على أن يكون للهيئة موقف بعد ظهر اليوم بعد اجتماع اللجان النيابية.
دفعة تعيينات في مجلس الوزراء اليوم
في الشأن الحكومي، ينعقد مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا ويبحث جدول أعمال يتضمّن 40 بنداً، بالإضافة إلى موضوع التعيينات الإدارية من خارج جدول الأعمال، وكذلك التعويض على المزارعين.
ورجحت مصادر وزارية أن تصدر عن جلسة الحكومة اليوم «سلّة» تعيينات تطاول عدداً من المراكز. وقالت إن معظم الوزراء يعدّون لوائح بالشواغر في وزاراتهم، مع اقتراحات الأسماء التي يمكن تعيينها في هذه المواقع. أضافت إن ملء الشواغر سيتم على دفعات، فعندما تجهز بعض الأسماء ويتم التوافق حولها سيُصار إلى إقرارها في مجلس الوزراء.
وتوقّعت أن يعيّن مجلس الوزراء اليوم مديراً عاماً ورئيس المجلس الأعلى للجمارك ومدير عام وزارة العمل وآخرين.
اجتماع أمني في بعبدا
في هذا الوقت، بقي الشأن الأمني في أولوية الاهتمامات السياسية والحكومية، ولهذه الغاية عُقد اجتماع أمني في قصر بعبدا بحث في مسار الخطة الأمنية في طرابلس والاستعدادات للخطة الأمنية في البقاع.
وقالت مصادر مقرّبة من المجتمعين إنه جرى تأكيد ملاحقة كل المطلوبين في طرابلس بدءاً من الذين صدرت بحقهم استنابات قضائية. وأضافت أنه كان هناك إجماع على عدم التهاون مع أي مخل بالأمن أو أي محاولات للاعتداء على أمن المواطن ودور الجيش سواء في الشمال أو في البقاع. وأوضحت أن الجميع بدءاً من رئيسي الجمهورية والحكومة شدّدوا على أن لدى الجيش والأجهزة الأمنية غطاءً سياسياً كاملاً للقيام بدورهم في حفظ الأمن واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لذلك.
مصادر أمنية: خطة البقاع خلال ساعات
وأشارت مصادر أمنية في هذا السياق، إلى أن الخطة الأمنية للبقاع باتت جاهزة وهي تنتظر ساعة الصفر وبالتالي متوقّعة خلال ساعات، بعد أن أعطى اجتماع بعبدا الضوء السياسي لها. وقالت إن خطة البقاع تختلف عن خطة طرابلس، فالأولى تتعلق بموضوع أمني أكثر مما هو صراع طائفي. فالأمور في طرابلس كانت مختلفة تماماً لجهة مخاطر إشعال فتنة طائفية. وأوضحت أن كل الأطراف أكدت أنها لا تغطي أيّ مخل بالأمن، وبالتالي فلدى الجيش والقوى الأمنية لائحة مطلوبين رئيسيين من متزعّمي العصابات الذين قاموا بأعمال خطف وطلب فدية، وصولاً إلى كل المطلوبين للقيام بأعمال قتل وإرهاب وعمليات تفجير سيارات وإطلاق نار على القوى الأمنية.
مداهمات وتوقيفات في طرابلس
وفي الإطار الأمني أيضاً، واصلت وحدات الجيش حملة المداهمات في عدد من مناطق وأحياء طرابلس، متمكّنة أمس من توقيف قائدي محورين الأول في البقار والآخر في جبل محسن، وصادرت مخزنين للأسلحة في باب التبانة وجبل محسن. كما دهم الجيش مقر قائد محور التبانة زياد علوكي في سوق القمح وصادر كمية من الأسلحة.
8 قتلى في المية ومية
إلى ذلك، وقعت اشتباكات بين مجموعتين مسلّحتين ظهر أمس في مخيم المية ومية ـ صيدا استخدمت خلالها الأسلحة المتوسطة والقذائف الصاروخية أدت إلى سقوط ثمانية قتلى و15 جريحاً.