بطريركيّة الكاثوليك نعت بطل القضيّة الفلسطينية المطران كبوجي: قدّاس الجنّاز في الربوة الاثنين والدفن في صربا
يصل جثمان النائب البطريركي العام في القدس وفلسطين، المطران الراحل هيلاريون كبوجي، إلى بيروت الأحد المقبل على أن تُجرى مراسم تشييعه يوم الاثنين إلى مدافن الرهبان الحلبيين.
وكانت بطريركية الروم الملكيّين الكاثوليك نعت كبوجي في بيان، جاء فيه: «من آمن بي وإن مات فسيحيا… بمزيد من الأسى وبرجاء القيامة تنعى بطريركية الروم الملكيّين الكاثوليك، غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، والسادة أعضاء سينودس أساقفة كنيسة الروم الملكيّين الكاثوليك في البلاد العربية وبلاد الانتشار، ورئيس عام الرهبانيّة الباسيلية الحلبية الأرشمندريت نجيب طبجي، والرؤساء العامّون والرئيسات العامّات للرهبانيات الرجالية والنسائية، وأسرة الفقيد، وأبرشية القدس البطريركية، فقيد الكنيسة الكبير بطل القضية الفلسطينية المثلّث الرحمة المطران إيلاريون كبوجي النائب البطريركي العام في القدس الشريف وفلسطين، الذي انتقل من القدس الأرضية إلى القدس السماوية، وتوفّاه الله في المدينة الخالدة في روما صبيحة الأحد اليوم الأول من العام الجديد كانون الثاني 2017 عن عمر أربع وتسعين سنة. يصل الجثمان المقدّس إلى مطار بيروت، الأحد الثامن من كانون الثاني 2017 في الرابعة والنصف بعد الظهر، ويسجّى في كاتدرائية سيدة البشارة البطريركية للروم الكاثوليك في الربوة أنطلياس .
تُقبل التعازي قبل الجناز في صالون كنيسة سيدة البشارة البطريركية – الربوة، نهار الاثنين التاسع من كانون الثاني 2017 من العاشرة حتى الحادية عشرة والنصف ظهراً. ثمّ تُقام صلاة الجناز الاحتفالية في الكنيسة عينها في الحادية عشرة والنصف ظهراً.
ثمّ يُنقل الجثمان بعد الجناز إلى دير المخلّص للرهبانية الباسيلية الحلبيّة في صربا جونيه ، حيث يوارى الثرى في مدافن الرهبان الحلبيّين.
يُقام قدّاس وجناز في كاتدرائية بطريركية الروم الكاثوليك في القدس يوم الاثنين التاسع من كانون الثاني 2017 في الرابعة من بعد الظهر، ويُقام قدّاس وجنّاز الأربعين في كاتدرائية بطريركية الروم الكاثوليك في دمشق حارة الزيتون يوم السبت الرابع من شباط 2017 في الحادية عشرة ظهراً، ويُقام قدّاس وجناز في مسقط رأسه في حلب الشهباء المحرَّرة في تاريخ لاحق يُعلن عنه في حينه. تُقبل التعازي في دير الآباء الحلبيّين في صربا يوم السابع من كانون الثاني بعد الدفن. فليكن ذكره مؤبّداً».
وسيسجّى جثمان كبوجي اليوم الخميس من الساعة الرابعة عصراً ولغاية السابعة مساء في كنيسة سانتا ماريا أن كوزمادين.
إشادات بنضاله
وتواصلت أمس بيانات نعي كبوجي المشيدة بنضاله من أجل القضية الفلسطينية. وفي هذا السِّياق، تلقّت الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمّة ولجنة المبادرة الوطنية لكسر الحصار على غزة برقية من الدكتور نبيل شديد، مدير عام المراسم والعلاقات العامّة في القصر الجمهوري، الذي أعلن فيها عن تحيات رئيس الجمهورية ميشال عون وتقديره لمسيرة المطران كبوجي، وجاء في البرقيّة: «لمناسبة اللقاء التحية الذي دعوتم إليه لروح المطران الراحل هيلاريون كبوجي، يسرّني أن أنقل إليكم تحيات فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشيل عون وتقديره لمسيرة المطران الرّاحل في خدمة القضية الفلسطينية، مع تمنّياته لكم بدوام التوفيق».
وكانت «الحملة الأهليّة» ولجنة المبادرة الوطنية لكسر الحصار على غزة، نظّمت لقاء تحية لروح المطران كبوجي في «دار الندوة»، بحضور الشيخ خلدون عريمط ممثّلاً مُفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الوزيرين السابقين بشارة مرهج، وعصام نعمان، أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير فتحي أبو العردات، المنسِّق العام للحملة الأهلية معن بشور، منسّق لجنة المبادرة هاني سليمان، ممثّلي سفيرَي سورية وفلسطين، منسّق عام اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى والمعتقلين عمر زين وممثّلين عن الأحزاب والجمعيات.
بدايةً، قال بشور إنّ «المطران كان رمزاً للالتزام بفلسطين وقضايا الأمّة، وقدوة للتلازم بين الإيمان والانتماء»، داعياً إلى «تأسيس مؤسّسة ثقافية تربوية جامعة بِاسم مؤسسة المطران كبوجي».
بدوره، ألقى مرهج كلمة قال فيها: «رحلت باكراً أيها الأب الجليل لأنّ مثلك يُفتقد في أيّ زمان وفي كلّ مكان، أنت الذي تحدّيت الزمان والمكان بتواضع المؤمنين وصلابة القدّيسين … تواجه ربّك اليوم نظيف الكف واثقاً من صمود فلسطين، بينما يواجه عدوّك وعدو الإنسانية بنيامين نتنياهو الشرطة الصهيونية تحقّق معه في الهدايا والاختلاسات».
وألقى عريمط كلمة، نقل فيها تحيات المُفتي دريان وقال: «نلتقي اليوم في وداع الراحل كبوجي، وكأنّه يقول لنا في وطننا العربي إلامَ تتقاتلون في حروب عبثيّة في سورية والعراق واليمن وليبيا والقدس ما زالت أسيرة بيد العدو الصهيوني!».
وقال هاني سليمان: «ينطلق المطران من حلب الشهباء إلى طرابلس الشام إلى سفينة «الأخوة اللبنانية» المتجّهة صوب غزة لكسر الحصار المفروض عليها، هو طواف الجسد من حلب إلى دمشق، إلى فلسطين، ومنها منفيّاً إلى الفاتيكان. وأيّ اتجاه للجسد يكون ولا تكون الروح فيه بوصلة هادئة؟».
بدوره، قال أبو العردات: «سلام لك أيّها المناضل الفلسطيني، الفتحاوي اللبناني السوري العربي وأنت اليوم تودّعنا وداع الكبار، نفتقدك وتفتقدك القدس التي أحبّتك وناضلتَ وقاتلتَ من أجلها بكلّ شرف وعزّة واقتدار».
ثمّ توالى على الكلام عدد من الحضور، ثمّ كانت شهادات لرفيقي المطران كبوجي في سفينة مرمرة، كلّ من نبيل حلاق عن «الملتقى العربي الدولي من أجل العدالة لفلسطين» وحسين شكر.
من جهته، وصف الأمين العام للمجلس الأعلى لطائفة الروم الكاثوليك، العميد شارل عطا، في بيان، المطران كبوجي بـ«المؤمن الجبّار». وقال: «قبل أن نكتب عن المطران كبوجي، يجب أن نطهّر ريشتنا بالمياه المقدّسة لأنّ الرجل الذي سار على درب المسيح يوم قلب الهيكل على رؤوس التجار اليهود كان يعلم أنّ أحفاد أولئك التجّار هم سالبو فلسطين ومشرّدون أهلها، فتصدّى لهم وهم مدجّجون بسلاح الموت فلم يخذله الرب لأنّ سلاحه الإيمان، فانتصرت محبة الله على حقد الإنسان.
أضاف: «يوم وقف أمام محكمة الصهاينة، انقلبت الأدوار فأصبح المتّهم قاضياً والقاضي مُداناً، خافوا من وهج نور وجهه فأدخلوه إلى السجن وتآمروا عليه أمام أعين العرب، ولم ينفع تدخّل الفاتيكان إلّا بعد سجنه لأربع سنوات ومن ثمّ نفيه إلى روما. وقبل إخراجه من السجن، اشترطت «إسرائيل» وضعه في الإقامة الجبرية. لم تخفها كلّ ثورات العرب، لكن هذا المؤمن الجبّار أخافهم يوم أنشد مع فيروز أجراس العودة فلتقرع، وردّد معه كلّ عربي شريف هذه الأنشودة».
وقال: «سنسترجع فلسطين، لأنّ من سار في المسيرة هو الآن في جوار يسوع، ونقسم أمام نعشك الطاهر أنّنا على دربك سائرون».
وأشادت قيادتا «رابطة الشغيلة» و«تيار العروبة للمقاومة والعدالة الاجتماعية» إثر اجتماع مشترك برئاسة الأمين العام للرابطة النائب السابق زاهر الخطيب، بـ«الدور الريادي للراحل الكبير»، وأكّدتا أنّ «المطران كبوجي شكّل نموذجاً لرجل الدين الذي يرفض الظلم والاضطهاد ويجابه الاحتلال والاستيطان، ويتقدّم الصفوف بشجاعته وجرأته، في دعم المقاومة المسلّحة ضدّ الاحتلال الصهيوني، رافضاً المساومة على أيّ شبر من أرض فلسطين العربية، وأنّ فلسطين بحاجة لأمثال المناضل المطران كبوجي للحفاظ على عروبتها وإحباط مخطّطات طمس قضيّتها، والتي تهدف إلى تفتيت وحدة الأمة عبر الحروب الإرهابية الاستعمارية التي تستهدف العديد من الدول العربية، ولا سيّما في سورية قلب العروبة النابض الذي انطلق منها الراحل كبوجي».
ووجّهتا «التحية لروح الفدائي المطران كبوجي»، وأكّدتا «مواصلة درب الكفاح والمقاومة لتحرير فلسطين التي حملها في قلبه، وناضل من أجل تحريرها المطران المقاوم كبوجي».
ونظّمت «الجبهة الشعبية القيادة العامة»، لقاء تحية لروح المطران كبوجي في قاعة الجبهة في مخيم البرج الشمالي بحضور ممثّلي الفصائل والقوى الفلسطينية والأحزاب القوى الوطنية اللبنانية وفاعليات المخيم.
بدايةً، استهلّ اللقاء عضو قيادة الجبهة فيصل أبو شهاب، مشيداً بمزايا الرحل المطران كبوجي.
ثمّ ألقى كلمة فلسطين عضو المكتب السياسي لـ«جبهة التحريرالفلسطينية» عباس الجمعة، قال فيها: «إنّ فلسطين تفقد مطرانها المقاوم، المطران الجليل هيلاريون كبوجي، كما تفتقده سورية والأمّة العربية وأحرار العالم، فهو كان أحد أبرز رجالاتها المتنوّرين والمدافعين عن الحق في وجه الظلم والاحتلال والعدوان».
وأكّد أنّه «في زمن أضاعت معظم الأنظمة العربية بوصلة فلسطين، بقيت هذه البوصلة حاضرة في فكر ووجدان المطران كبوجي ونضاله، وهو الذي رفع الصوت عالياً معلناً ما تتعرّض له سورية من عدوان وإرهاب، ومدركاً في العمق أنّ سورية هي الوحيدة التي تحمل راية فلسطين وتدعم مقاومتها، حيث أغمض عيناه مع انتصار حلب، ونحن نؤكّد في رحيل قامة كبيرة وشجاعة من قامات أمّتنا، والمطران كبوجي سيظلّ حاضراً بمواقفه وتضحياته، في مسيرة الصراع الذي تخوضه أمّتنا ضدّ العدو الصهيوني وضدّ مشاريع التفتيت والإرهاب».
وختم داعياً إلى «التمسّك بخيار الصمود على الأرض وخيار الوحدة الوطنية، والتمسّك بالكيان الفلسطيني السياسي الواحد ضماناً لاستمرار القوة والصمود والمقاومة، وعلى تعزيز العلاقات الأخوية اللبنانية – الفلسطينية والحفاظ على مسيرة السلم الأهلي في لبنان، وصيانة واستقرار أمن المخيمات الفلسطينية».
بدوره، ألقى كلمة «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» عضو لجنتها المركزية أبو وائل عصام، الذي أكّد السير على خطى المطران كبوجي والاستمرار في المقاومة «حتى استعادة جميع الحقوق المغتصبة، واستعادة القدس عرين المطران الجليل».
ولفتَ إلى أنّ «الشعب الفلسطيني بأسره، وبدرجات متفاوتة، أسير للحرية. وأنّ الأسرى في سجون الاحتلال يعدّون أقدم أسرى حرية في العالم».
وأكّد «تمتين العلاقة الأخوية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، والحفاظ على مسيرة السلم الأهلي في لبنان وعلى أمن المخيمات واستقرارها، وأهميّة عقد لجنة المتابعة للمجلس الوطني اجتماعها في بيروت من أجل تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وتحقيق المصالحة وإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وإنهاء حالة الانقسام بِاعتبار ذلك قوّة للقضية الفلسطينية».
كما قدّم الأمين العام للتيار الأسعدي المحامي معن الأسعد، في تصريح، تعازيه للشعب الفلسطيني والشعوب العربيّة بوفاة «مطران العروبة والمقاومة هيلاريون كبوجي، الذي يُعتبر غيابه خسارة قومية وإنسانية لا تُعوّض، وهو الذي حمل القدس ودافع عنها وقدّم الكثير من أجلها، وهو الرمز النضالي والجهادي الذي سوف يظلّ نهجاً لا يمكن لأحد أن يتجاهله أو يتخلّى عنه».
ونعت «لجنة أصدقاء عميد الأسرى في السجون الصهيونية يحيى سكاف» في بيانٍ لها بعد اجتماعها برئاسة أمين سر اللجنة جمال سكاف، «مطران القدس الثوري المناضل هيلاريون كبوجي».
واعتبرت اللجنة «أنّ رحيل كبوجي، الذي سلك طريق الحق طيلة حياته بمواجهة العدو الصهيوني وغطرسته ومخطّطاته بعزيمة إرادة قلّ نظيرها، هو خسارة كبيرة لفلسطين بالدرجة الأولى ولأحرار العالم وللمقاومين في لبنان وفلسطين، لأنّه أفنى حياته في دعم ومساندة المقاومة، وكان صوتها المدوّي في ساحات النضال والذي سيفتقده كلّ حر وشريف».
وتوجّهت اللجنة «بأحرّ التعازي من عائلته، ومِن الشعب الفلسطيني وأحرار العالم».
ولفت رئيس تيار صرخة وطن جهاد ذبيان، إلى أنّ العام الجديد حمل إلينا خسارة تمثّلت بوفاة المطران كبوجي، «هذا المطران الذي ذهب من حلب إلى فلسطين المحتلة ودعم مقاومتها وأمّن لها السلاح، فعاقبه العدو بالسجن لمدة أربع سنوات ولاحقاً بالنفي الى إيطاليا، لكنّه بقي حاملاً صليب آلامه ومقاومته مجسّداً صوت الحق بوجه الاحتلال الصهيوني، كما كان موقفه واضحاً في رفض المؤامرة التي تتعرّض لها سورية وأثبتت الأيام أنّ موقفه كان صائباً».