وزير البيئة يستعرض «إنجازات» الوزارة في نصف دزّينة من الأشهر
أحمد طيّ
أمس، نشرت جمعية «Animals Pride And Freedom» التي تعنى بالحفاظ على الحيوانات كضرورة للتنوّع الإيكولوجي، فيديو على صفحتها في «فايسبوك»، يظهر فيه شاب معتدّ بنفسه، وهو يستعرض «بطولاته» في صيد كمّية كبيرة من الطيور في إحدى المناطق اللبنانية.
مدّة الفيديو حوالى دقيقة ونصف الدقيقة، ولم تكن هذه المدّة كافية للصياد «البطل» كي يحصي ما «اغتاله» من طيور وزّعها بين مشانق أو على أسقف سيارات عدّة وأغطية محرّكاتها.
وأمس أيضاً، شهد لبنان في عاصمته بيروت، مؤتمراً صحافياً ذا علاقةٍ وطيدة بهذا الفيديو. وخُصّص هذا المؤتمر الصحافيّ لـ«استعراض» إنجازات وزارة البيئة خلال ستّة أشهر.
مَنْ دُعي إلى هذا المؤتمر الصحافيّ ظنّ أنه سيكون أمام إنجازات بكل ما للكلمة من معنى، لكنه فوجئ أنّ هذه الإنجازات لا تعدو كونها لائحة طويلة من البروتوكولات والاتفاقيات والدراسات والمراسيم ومشاريع القوانين، التي لم توقف أي مجزرة بحق طيور لبنان، ولا أيّ مجزرة بحق بحر لبنان وأنهاره وغاباته وهوائه وتنوّعه الإيكولوجي وثرواته البيئية.
اللافت، أنّ هذه «الإنجازات»، صُرف عليها الكثير من المال، والقاصي والداني يعرفان، أنه لو صرف نصف هذه المبالغ على «خطوات عملانية»، لشهدنا إنجازات «بحق وحقيق»!
إذاً، قدّم وزير البيئة محمد المشنوق أمس، عرضاً لما «أُنجز» خلال ستة أشهر منذ نيل حكومة «المصلحة الوطنية» الثقة في مجلس النواب، وذلك تطبيقاً لبرنامج عمله تحت شعار «بيئتي وطني» الذي رفعه لدى تسلّمه مهماته الوزارية.
وأتت هذه الإنجازات في لائحة ضمّت 75 بنداً، وتضمّنت «ما تحقق على صعيد المعاهدات والبروتوكولات البيئية والقوانين والمراسيم والاستراتيجيات البيئية والحوكمة والحفاظ على ثروات لبنان الطبيعية من أرض ومياه وشاطئ وتنوّع بيولوجي وإدارة المخاطر البيئية وقايةً وعلاجاً، وكلّ ما تشمله من نفايات خطرة وغير خطرة وتلوّث صناعي وتغيّر مناخي وطاقة ونقل وهواء».
دراسة هذه اللائحة من 75 بنداً تحتاج إلى وقت طويل تفنيداً وتقصّياً، وربما تحتاج أكثر إلى أهل الاختصاص.
نكتفي في هذا التقرير المقتضب بالإشارة إلى عددٍ من البنود، التي تحدّث عنها المشنوق كـ«إنجازات».
البند الثاني وتضمّن: «موافقة مجلس الوزراء بموجب قراره رقم 27 تاريخ 26/6/2014 على الانضمام إلى بروتوكول الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في المتوسط، المنبثق عن تعديلات اتفاقية حماية البيئة البحرية والمناطق الساحلية في المتوسط التي أقرّت في برشلونة بتاريخ 10/6/1995».
ومن يقرأ هذا البند، يحسب أنّه في المدى القريب، سيكون شاطئ لبنان النموذجيّ بين شواطئ المتوسّط. فلا تعدّيات على الأملاك البحرية، ولا سيولَ من المجارير تصبّ في البحر، ولا جبالَ من النفايات ترتفع على الشواطئ، ولا قتل للسلاحف البحرية، ولا حرمانَ للبنانيين من مشاهدة الصخرة «الرمز» الروشة.
البند الثالث وفيه: «موافقة مجلس الوزراء بموجب قراره رقم 51 تاريخ 14/8/2014 على توقيع مذكّرة التفاهم حول المحافظة على الأنواع المهاجرة والطيور الجارحة في أفريقيا وأوروبا وآسيا وتفويض وزير البيئة التوقيع عليها».
والصورة أعلاه خير دليل على المحافظة على الطيور المهاجرة. والفيديو الذي تحدّثنا عنه يمكن للقرّاء أن يتابعوه على هذا الرابط:
https://www.facebook.com/video.php?v=755433484518576 set=vb.126039547457976 type=2 theater
أمّا البند العاشر فجاء فيه: «التقدّم بمشروع قانون حول حرائق الغابات إلى مجلس الوزراء».
وبالنسبة إلى هذا البند، لا يمكننا أن ننسى الحرائق المندلعة يومياً، ولا يمكننا إلا أن نسأل عن الطوافتين اللتين قُدّمتا للبنان في عهد وزير الداخلية الأسبق زياد بارود، والمتوقفتين عن العمل لأسباب لا تزال مجهولة.
وجاء في المراسيم البيئية، وتحديداً في البند الثاني عشر: «إقرار مرسوم تصنيف مغارة الكسّارات ـ أنطلياس كموقع طبيعي المرسوم رقم 11949 تاريخ 23/5/2014 . وهنا يطرح السؤال نفسه: ما هي «إنجازات» وزارة البيئة، خلال ستّة أشهر وأيضاً منذ استحداثها، إزاء الكسارات التي أكلت الجبال والتلال؟
وفي البند الثالث عشر جاء: «إقرار مرسوم عقد الضمان ضدّ الأخطار التي قد تلحق بالغير من جراء ممارسة الصيد البرّي المقدّم من وزارتَيْ البيئة والاقتصاد والتجارة المرسوم رقم 11987 تاريخ 24/5/2014 .
وهنا نطمئن معالي الوزير أنّ الصيادين، محترفين وعشوائيين، يملأون اليوم سهل البقاع وبساتينه وحقوله، ويغتالون كل ذي جناحين، بغض النظر إن كان يؤكل أو لا يؤكل، إن كان طائرًا مقيماً أو مهاجراً. كما نطمئنه أنّ السيارات تصطفّ أرتالاً أرتالاً أمام متاجر الأسلحة والخرطوش، وإن لم يصدّق فليقصد شتورا كلّ صباح باكر ويرى بأمّ عينيه. ونطمئنه أيضاً، أنّ غالبية الصيادين في لبنان لا يعيرون اهتماماً للمجلس الأعلى للصيد البرّي ولا لأيّ قوانين.
أمّا البند الرابع عشر فتضمّن «إعداد مسودّة معدّلة لمشروع مرسوم الضابطة البيئية تطبيقاً للقانون».
وهنا نقول، أنّه منذ أيامٍ فقط، أعلنت جمعيّة حماية جبل موسى أنّ مجهولين أقدموا على إضرام النار عمداً في كشكٍ مخصّصٍ لاستقبال زوّار المحمية، عند مدخلها الواقع من جهة بلدة قهمز في جبيل، وذلك للمرة الثانية. إذ أقدم مجهولون على إحراق الكشك الأول السنة الماضية.
وأنّه منذ أيام فقط، طالب أهالي بلدة عيناتا الأرز بوقف الاعتداء على الثروة الحرجية، إذ يعمد بعض أصحاب الأملاك الخاصة الذين يملكون نسبةً مئوية لا تتعدّى العشرة في المئة من الأراضي المزروعة، بالاعتداء على الثروة الحرجية والأملاك العامة والخاصة، وتحويلها إلى مشاحر لتصنيع الفحم وبيع الحطب بحجّة حصولهم على رخصة تشحيل الاشجار تبدأ اعتباراً من 15 الشهر الحالي، لكن هذا إذا تبقى شيء من الثروة الحرجية قبل هذا التاريخ.
هذا قليلٌ مما نراه في «الإنجازات» التي تحدّثت عنها وزارة البيئة أمس، وبانتظار تطبيق هذه البروتوكولات والاتفاقيات ومشاريع القوانين والمراسيم، ربما لن تبقى هناك بيئة لتتمّم شعار «بيئتي وطني»!