الصواريخ الإيرانية العابرة تستهدف داعش في دير الزور… والسيطرة على الحدود حُسِمَت عون يجمع بري والحريري وقاسم وجنبلاط وباسيل وجعجع وفرنجية وقانصو وبقرادونيان وأرسلان
كتب المحرّر السياسي
عبّرت واشنطن عن غيضها من نجاح الجيش السوري بتجريدها من أوراقها الفاعلة في جنوب سورية ووسطها على الحدود مع العراق، وإثبات أنه القوة القادرة بدعم حلفائه على رسم المسارات التي تشكلها الميادين العسكرية في سورية، بإسقاط إحدى الطائرات السورية التي كانت تواكب تقدّم الوحدات البرية في منطقة الرصافة جنوب الرقة، وجاء الادّعاء الأميركي بتبرير إطلاق النار على الطائرة السورية باستهداف الطائرات الأميركية، تعبيراً عن ضعف عسكري أو ضعف سياسي يصيب الحضور الأميركي في سورية، الذي بدا منذ ضربة الشعيرات أنه يحاول استرداد زمام المبادرة من يد الجيش السوري وحلفائه.
في الوقائع الميدانية دخل الجيش السوري وحلفاؤه بقوة على خط معركة الرقة بعد إتمام الانتشار جنوبها على مجرى نهر الفرات بموازاة الطريق بين الرقة ودير الزور، بينما تقدّمت وحدته نحو مدينة السخنة على طريق تدمر دير الزور، وتكاملت مواقف الجيشين السوري والعراقي من جهة والجيش السوري والحشد الشعبي من جهة أخرى في تأكيد الإمساك بالحدود السورية العراقية، وصولاً للإعلان عن التعاون لتحرير دير الزور والميادين من سيطرة داعش، حيث بات واضحاً أنّ المعركة الفاصلة مع داعش ستكون هناك، وستكون فيها اليد العليا لدمشق وحلفائها، وهو ما عبّرت عنه الصواريخ الإيرانية العابرة، التي تستخدم في غير المناورات للمرة الأولى، فتستهدف معاقل داعش في دير الزور، تحت شعار الردّ على هجمات داعش في طهران، معلنة رسالة قوية للأميركيين قبل سواهم.
في لبنان تهدأ تدريجاً مناخات التشنّج التي خلفتها التجاذبات المرافقة لمناقشات قانون الانتخابات النيابية، ويأتي الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الخميس المقبل لرؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة بدلاً من رؤساء الكتل النيابية، فضمن مشاركة رئيس الحكومة كرئيس لحزبه وليس الرئيس فؤاد السنيورة كرئيس للكتلة النيابية، وكذلك ضمن مشاركة وزير الخارجية جبران باسيل كرئيس للتيار الوطني الحر والدكتور سمير جعجع كرئيس لحزب القوات اللبنانية، ومشاركة رئيس المجلس النيابي كرئيس لحركة أمل، والنواب وليد جنبلاط وسليمان فرنجية وطلال أرسلان وهاكوب بقرادونيان والوزير علي قانصو كرؤساء لأحزابهم بالإضافة إلى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لتعذّر مشاركة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وهكذا يتفادى اللقاء بحصره بالأحزاب المشاركة في الحكومة تحوّله سجالات سياسية حامية فلا يتمثل بعض المشاركين في هيئة الحوار الوطني، وخصوصاً حزب الكتائب ورئيسه النائب سامي الجميّل والنائب بطرس حرب.
لقاء الخميس الذي رحّب به الرئيس نبيه بري، يهدف وفقاً لمصادر متابعة إلى إعلان نهاية مرحلة التجاذبات والتوترات التي رافقت مناقشة قانون الانتخابات النيابية. وهو محاولة لتطبيع العلاقات بين رؤساء الأحزاب الذين سيقفون بوجه بعضهم البعض كمتنافسين في الانتخابات النيابية المقبلة، لتحويل التنافس مباراة غير تصادمية تنسجم مع فرص التعاون لرسم الأولويات من جهة، ومع إنجاح العمل الحكومي والنيابي خلال السنة الفاصلة عن الانتخابات من جهة أخرى.
المواضيع التي سيُدعى رؤساء الأحزاب للتفكير بها وتقديم مقترحاتهم حولها تتصل بعنوان عريض هو تطبيق كامل لبنود اتفاق الطائف، وبحث بعض الإصلاحات المتمّمة، لكن ضمن مناخ توافقي غير تصادمي وفقاً للمصادر نفسها، التي توقعت أن يعود اللقاء للانعقاد كلّ ثلاثة شهور لمواصلة البحث في العناوين المطروحة، وإسهاماً في تبريد الأجواء السياسية قبيل الانتخابات النيابية، ليتسنّى للمجلس المنتخب وفقاً للقانون الجديد وضع يده على عناوين عريضة لتوافقات وطنية ترسم خط سيره التشريعي.
أما وقد انتهت مشقة البحث عن قانون انتخابي جديد، مع إقرار المجلس النيابي يوم الجلسة قانوناً جديداً على أساس النسبية مع تقسيم لبنان 15 دائرة ونشره يوم أول أمس السبت في الجريدة الرسمية، حاملاً الرقم 44 تاريخ 17/6/2017 بعد توقيعه من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، فإن بعبدا تستعد لاستقبال رؤساء الأحزاب الممثلة في الحكومة يوم الخميس المقبل ضمن إطار التشاور.
ووجّه رئيس الجمهورية دعوات إلى رؤساء احزاب حركة أمل، حزب الله، التيار الوطني الحر، حزب القوات، الحزب السوري القومي الاجتماعي، تيار المرده، الحزب التقدمي الاشتراكي، الحزب الديمقراطي، حزب الطاشناق، وتيار المستقبل .
وأكدت مصادر قصر بعبدا لـ«البناء» أن الدعوات وجهت الى عشر شخصيات يمثلون رؤساء الأحزاب المشاركة في الحكومة، مشيرة إلى أن رئيس الجمهورية سيبحث معهم في تفعيل عمل المؤسسات الدستورية لا سيما مجلسي النواب والوزراء، من خلال العمل على تنفيذ وإنجاز عدد من المشاريع العالقة التي وضعت جانباً طيلة فترة البحث في القانون الانتخابي. وقالت المصادر: نحن أمام 11 شهراً من عمر المجلس النيابي لا يجوز ان تمر هذه الأشهر من دون العمل على استكمال تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني مجلس السيوخ – اللامركزية الإدارية . من هذا المنطلق سيضع الرئيس عون رؤساء الأحزاب في أجواء رؤيته وتوجّهاته ومواقفه للمرحلة المقبلة.
وشددت المصادر على أن اجتماع يوم الخميس المقبل ليس حواراً وطنياً أو لقاء تشاورياً انما اجتماع للتداول في السبل الآيلة الى تفعيل عمل الهيئات الدستورية في البلد من دون أن تحدد اوساط القصر ان كان سيكون اجتماعاً وحيداً، لأن الدعوة الى اجتماعات أخرى متلاحقة يتوقف على ما يمكن أن يخرج به المجتمعون.
فرنجية إلى بعبدا
وبينما أكدت مصادر تيار المردة لـ«البناء» أن النائب فرنجية سيحضر اجتماع الخميس، أشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن حضور رئيس تيار المردة الاجتماع يشكل علامة إيجابية بالشكل، اذ إنه سيخفف الاحتقان ولو نسبياً، لكن لا يمكن البناء عليه كثيراً في معالجة سريعة للعلاقة التي شابها أكثر من توتر، فالوزير فرنجية نفسه كان أكد منذ اسبوع في ذكرى مجزرة اهدن أن «أحداً لا يمكن أن يلغينا، وإذا فشل الكبار في إلغائنا في السابق من خلال مجزرة إهدن وغيرها، فلن يستطيع الصغار جداً اليوم، القيام بما عجز عنه الكبار».
تفعيل عمل المجلس
ونقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ«البناء» ترحيبه بدعوة رئيس الجمهورية لا سيما أن هذا الاجتماع من شأنه أن يساعد في تفعيل عمل المؤسسات. وأشار زوار الرئيس بري الى أنه سيعمل على تفعيل عمل المجلس، فهناك ملفات أساسية على جدول أعمال الهيئة العامة لعل ابرزها سلسلة الرتب والرواتب والموازنة.
بعبدا والتنوّع السياسي
لفتت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ «البناء» إلى أن دعوة الرئيس عون رؤساء الاحزاب المشاركة في الحكومة للاجتماع في القصر الجمهوري من شأنها الى حد كبير أن تُنهي الحساسيات التي رافقت إقرار القانون الانتخابي. فرئيس الجمهورية يبغي مسح آثار المرحلة الماضية ونزع صواعق لا تزال موجودة في قلب القانون الانتخابي.
ولفتت المصادر إلى أن الرئيس عون يريد الانتقال الى مرحلة سياسية جديدة وتكريس مناخ ايجابي وإظهار صورة بعبدا الحاضنة للتنوع السياسي كله، وخروجه من موقع الطرف الذي كرّسه التفاوض حول قانون الانتخاب ووضعه فيه الوزير باسيل.
لجنة وزارية لمعالجة ثُغَر القانون
وفيما علمت «البناء» أن لجنة وزارية تمثل القوى الأساسية ستجتمع خلال الأيام المقبلة لمعالجة بعض الثغر التي تعتري القانون الانتخابي، قال وزير الخارجية جبران باسيل: يجب أن تكون عندنا الجرأة للقول بأن القانون الحالي كما صدر، فيه أخطاء وأن نذهب وبهدوء بالأيام والأسابيع القليلة المقبلة لإعداد مشروع قانون تعديلي لهذا القانون في مسائل مهمة وبنيوية، وفي أمور أخرى أقل أهمية لمعالجة الثغرات التي فيه ليكون كاملا أكثر وإصلاحياً أكثر». من ناحية أخرى قال باسيل «اتكالنا كبير جداً على رئيس الحكومة سعد الحريري لكي يضع يده بيدنا، وليكون رأس حربة معنا في محاربة الفساد. وهذا الامر سيحدث فعالية كبرى وتغييراً كبيراً بقدرتنا على محاربة الفساد».
وأكد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن الاتفاق على القانون الجديد شكّل أفضل الممكن وسط الانقسامات والتوتّرات والتّناقضات السّياسيّة بين مختلف القوى السّياسية اللبنانيّة، وأن هذا الاتفاق أخرج لبنان من مأزق خطير وشكّل خطوة مهمّة ومتقدّمة على طريق الإصلاح السياسي وتحسين التّمثيل والشراكة الفعليّة في البلد، مضيفاً أن هذا الاتفاق يُشكّل خطوة متقدّمة نتطلع من خلالها إلى بناء دولة المؤسسات.
جلسة لمجلس الوزراء الأربعاء
وعشية اجتماع الخميس، يترأس رئيس الجمهورية في قصر بعبدا أول جلسة لمجلس الوزراء بعد إقرار القانون الانتخابي، وسيبحث مجلس الوزراء في جدول أعمال من 67 بنداً أبرزها استدراج العروض المتعلقة باستقدام معامل توليد الكهرباء العائمة، وتمديد مهلة العقود مع مقدّمي خدمات التوزيع في مؤسسة كهرباء لبنان لغاية 31-12-2020 ونقل اعتمادات من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنات رئاسة مجلس الوزراء، ووزارات الطاقة والمياه، المال، الخارجية، التربية والتعليم العالي، وعرض وزارة الخارجية موضوع المساهمة في تمويل الأنشطة الخاصة بتنفيذ خطة العمل لحل الأزمة السوري.
الحريري وعدّة الانتخابات
وما إن أقرّ القانون الانتخابي حتى باتت الانتخابات المرتقبة في أيار المقبل الخلفية لكل موقف سياسي. فرئيس الحكومة سعد الحريري بدأ من صيدا يوم السبت يُعدّ العدّة مستفيداً من التمديد للمجلس النيابي الذي كان يحضّ على تمريره من تحت الطاولة لتسوية أوضاعه المالية والشعبية. فأغدق على الصيداويين خلال إفطار أقامه تيار المستقبل في مجدليون الوعود بتنفيذ المشاريع الإنمائية والصحية والتعليمية لا سيما أن الحريري نفسه كان رفض الصوت التفضيلي على أساس الدائرة، لأن من شأن هذا الصوت أن يطيح نائباً مستقبلياً من نائبين متذكّراً العرقوب بدعوته المجتمع الدولي الى المساهمة في تخفيف العبء عن أهل العرقوب وعن كل لبنان الذي احتضن آلاف النازحين السوريين عبر مشاريع البنى التحتية والخدمات العامة.