السقوط بفعل الوطأة
عمران الزعبي
أين تكمن أسباب فشل المعارضة السورية وكيف تمكن النظام السياسي في سورية من الثبات والبقاء، رغم طبيعة الحرب الصعبة والمعقدة التي تعرّض لها؟
سؤال صعب يحتاج لبحث عميق ومقاربات كثيرة سياسية وعسكرية وجيوبوليتيكية، لكن مبدئياً يمكن الإسهام في تحديد بعض أسباب الفشل الذي مُنيت به المعارضات السورية خلال السنوات الماضية:
أولاً: إنّ هذه المعارضات لا تعكس أبداً الواقع الشعبي السوري والحاجات الشعبية وطموحات السوريين ولو بحدّها الأدنى.
ثانياً: إنّ هذه المعارضات كانت ولا زالت غافلة عن مفاهيم الحراك السياسي الديمقراطي ومحدّداته، وتعاملت مع الشارع السوري بدكتاتورية فاضحة وتغييب قلّ نظيره وتسيّدت منبر الحديث باسم السوريين من دون اعتمادية شعبية، ولو جزئية.
ثالثاً: إنّ بعض المعارضات شكّل وما زال واجهة تُخفي خلفها كمّاً هائلاً من العنف والقتل والإرهاب الذي سرعان ما ظهر على ساحة الأحداث دالاً بوضوح على طبيعة المكوّن والمموّل والراعي.
رابعاً: إنّ حجم التناقضات بين هذه المعارضات كان وسيبقى سبباً في عدم مقدرتها على ابتكار خطاب موحّد، إلا إذا وجدت الجهات الراعية والداعمة لها ضرورة في فرض نوع من الخطاب المشترك عليها.
خامساً: إنّ الكثير من المعارضين أصحاب طموحات شخصية بالسلطة أو بالمال أو بكليهما، ولذلك لم يتمكنوا من إقناع ولو عشرة سوريين بما يقولون عدا عن أنّ الشارع السوري يعرفهم بشكل جيّد.
سادساً: إنّ حجم الأخطاء المرتكبة من المعارضات طيلة السنوات الماضية كان كافياً كي يدرك جميع السوريين طبيعة هذه المعارضات، ومَن يقف خلفها وأهدافها الحقيقية التي لا تمتّ بصلة للشعب السوري.
سابعاً: إنّ توزّع ولاء المعارضات بين قطر والسعودية ودول غربية وحتى «إسرائيل» والأردن وتركيا، شكل علامة استفهام كبرى عن مدى ارتباط هذه الولاءات وتلك الدول، بمصالح الدولة الوطنية السورية.
ثامناً: إنّ رغبة بعض المعارضة السورية بالانفصال عن الدولة السورية تحت مسمّيات كالفدرالية، تبدى لعموم الشعب السوري كضربة خنجر من الخلف، وكخيانة وطنية لا يمكن القبول بها أو مسايرتها، بخاصة أنها تعتمد على الحليف الرئيسي للعدو الصهيوني أيّ الولايات المتحدة الأميركية.
تاسعاً: إنّ جميع المعارضات السورية على صغر حجمها لم تتمكّن من طرح بدائل وبرامج ديمقراطية، في حين دعت الدولة الجميع إلى الاحتكام لصناديق الانتخابات، مما أصاب هذه المعارضات بذعر وهلع.
عاشراً: إنّ حجم العصاب الشخصي والرهاب السياسي الذي فرضته بعض الدول على المتلطين من المعارضات في حماها سرعان ما ظهرت معالمه واضحة من خلال تخبّط التصريحات والإعلانات والانشقاقات والمنصات وتغيير الأسماء وغير ذلك من العبث السياسي.
لقد أساءت المعارضات إلى مفهوم المعارضة السياسية عبر الولاءات للغرباء الأعداء والاحتكام إلى السلاح والتشاركية مع الإرهاب والتآمر على الدولة.
كلّ ذلك كان يعني سقوط المعارضة بفعل ثقل ووطأة سلوكها المشين والمريب.
سيقول قائل: هل تعني الجميع بالمطلق؟
وجوابي هو: إلا من رحم ربّي… وللحديث صلة.
نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدّمية في سورية