طرد الإرهابيين من جرود السلسلة الشرقية تكامل استراتيجي في الميدان والسياسة
نبيل المقدم
في الفترة الأخيرة لاحظنا حملة عنصرية غير مسبوقة على النازحين والعمال السوريين في لبنان. تحت ستار مزاحمة هولاء للبنانيين على لقمة عيشهم، هذه الحملة قويت وتصاعدت مع عملية تطهير جرود عرسال التي قامت بها المقاومة بالتنسيق مع الجيش اللبناني والجيش السوري. المقاومة قامت بعملية الاقتحام والجيش اللبناني أقام سداً منيعاً بالنار منع من خلاله تسلل إرهابيّي النصرة إلى مخيمات النازحين. والجيش السوري أمّن التغطية الجوية للمقاومين الذين قاموا بعملية الاقتحام. يمكن القول إنّ الخاسر الأكبر من عملية تحرير عرسال هو العدو «الإسرائيلي» الذي كان يريد من خلال وضع المسلحين الإرهابيّين على الحدود بين لبنان وسورية تشكيل ورقة ضغط وابتزاز على كلّ من لبنان وسورية وعلى المقاومة من خلال التهديد بنقل المعركة إلى ساحتها في البقاع في حال لم تنسحب من القتال في سورية.
تدرك سورية جيداً انّ ضرب لبنان ووحدته ليس إلا مشروعاً لتغييب هذا الظهير المكمّل لسورية ولاختراق ساحتها الداخلية في وقت تواجه فيه أشرس حرب كونية على أرضها من قبل دول تدعم الجماعات الإرهابية وتمدّها بالمال والسلاح وتسهّل حركتها للانتقال الى سورية.
انّ سبب الحملة العدائية على سورية والمقاومة من قبل بعض الأطراف في لبنان هي أنّ صمود سورية في وجه الإرهابيين وصمود الرئيس بشار الأسد حدّ من طموحات بعض الأطراف في لبنان بتغيير هوية لبنان وإبعاده عن محيطه القومي ووضعه على سكة المطبّعين مع «إسرائيل».
انّ سقوط سورية يعني حكماً سقوط لبنان في أتون حرب مدمّرة تؤدّي في النهاية الى تقسيمه وقيام كيانات طائفية عنصرية تريدها «إسرائيل» كمبرّر لقيامها كدولة على أساس الدين وعلى ان تكون هذه الكيانات ضعيفة ومعادية لبعضها البعض ومضطرة للاعتماد على الكيان الاسرائيلي لمواجهة بعضها البعض. من هنا كان قرار سورية بدعم المقاومة التي حرّرت الأرض عام 2000 وانتصرت على «إسرائيل» عام 2006.
اذاً… لو لم يكن هناك تنسيق بين الأطراف الثلاثة المقاومة والجيش اللبناني والجيش السوري لكانت المسألة أنتجت تداعيات أكثر والمعركة استغرقت وقتاً اطول. معركة جرود عرسال التي رفضتها بعض الأطراف اللبنانية وقامت قيامتها على الجيش السوري والمقاومة. كان لها فائدة كبرى على لبنان فهي أعادت لأهل عرسال أرضهم المغتصبة من قبل الإرهابيين والتي تشكل مورد رزقهم الأساسي، والذي تعطل لفنرة طويلة من الزمن. واليوم بعد إنجاز التحرير ها هي الدورة الاقتصادية لأهل عرسال بدأت بالعودة الى وضعها الطبيعي. كما أنّ تحرير الجرود شكل بيئة ملائمة لعودة النازحين السوريين إلى ديارهم.
واليوم ينتقل الدور الى إرهابيي داعش الذين سيكون حتماً مصيرهم الطرد من الأراضي التي يحتلونها في جرود السلسلة الشرقية. وهذه المعركة لن يكتمل نجاحها إلا بالتنسيق بين الأطراف الثلاثة التي نسّقت في ما بينها في معركة تحرير جرود عرسال ايّ المقاومة والجيشين اللبناني والسوري، هذا هو المنطق السياسي والعسكري للعملية. ولكن للأسف هناك مجموعة من السياسييين في لبنان لايعملون إلا ضدّ مصلحة لبنان وهم منعوا الجيش سابقاً من القيام بهمامه في تطهير جرود عرسال، ومن غير المستبعد ان يحاولوا اليوم القيام بنفس الدور. ولكن ما صحّ في الماضي لم يعد يصحّ اليوم في ظلّ تغيّر الظروف الإقليمية والدولية والتي فرضتها الانتصارات المتتالية للجيش السوري على الأراضي السورية، وفي ظلّ وجود رئيس جمهورية في لبنان قرّر أن لا يعير ايّ اهتمام للضغوط التي يحاول البعض ممارستها على الجيش اللبناني من أجل منعه من استكمال دوره الوطني.