أردوغان لدولة «داعش» ما بين النهرين… مقابل خطوط الغاز هل أخلى ريفي المولوي ومجموعته من التبانة… براً أم بحراً؟
كتب المحرر السياسي
كشفت مصادر عسكرية متابعة لمعارك عين العرب «كوباني»، معلومات وردت عبر قنوات ديبلوماسية واستخبارية تكشف بعضاً من مفاوضات الوفد العسكري الأميركي في أنقرة، حيث تركزت نقاط الخلاف على مدخل محدّد، هو تحديد طبيعة العلاقة التي تربط القيادة التركية بـ«داعش» ورفض واشنطن للتهاون مع هذا الأمر، خصوصاً بعد التراخي الذي ظهر تجاه معارك عين العرب، وكأن هناك قراراً تركياً بترك «داعش» يستولي عليها، ليصل النقاش، على رغم العرض التركي للخصوصية الكردية في ملف كوباني، إلى مجاهرة تركية بالحرص على الحفاظ على مفاصل العلاقة مع «داعش» أمنياً ومالياً، والدعوة لرسم إطار للحرب مع «داعش» ينحصر بمنع التمدد خارج حدود ما بين نهري الفرات ودجلة، وجعل الضغط المالي والأمني والعسكري في خدمة هذا الهدف، باستثناء الضرورات التي تتطلب ترك «داعش» يتخطى حدود ما بين النهرين نحو الصحراء الفاصلة من نهر الفرات وحدود الأردن والسعودية.
فوجئ الضباط الأميركيون بتقديم الوفد التركي المقابل، لعرض موثق بالخرائط يشرح أسباب رفض تركيا لمنح «داعش» فرصة التشكل على أساس حصرية مذهبية معينة، بل على أساس جغرافي، يرتبط بمنطقة ما بين النهرين التي تضم الموصل والفلوجة ولا تضم تكريت ولا بغداد، ما يعني وجوب إخراج «داعش» من تكريت لكن ترك قوات «داعش» تستولي على الأنبار، ما يفسر المعارك الضارية هناك، وما بين النهرين يعني منع «داعش» من التمدد نحو حلب، لكن ترك كوباني تسقط، ومنطقة ما بين النهرين التي تغطي المساحة السورية والعراقية التي يحتلها مقاتلو «داعش» باستثناء الرمادي ومحيط الفلوجة، حيث تدور المعارك القاسية، تتصل بالصحراء مع الحدود الأردنية والسعودية، والمقاربة التركية تقوم بعد وقف تقدم «داعش» ما بين النهرين عند حدود بغداد وحرف الخريطة نحو الصحراء، تراهن على إغراء بقاء دولة «داعش» كحاجز جغرافي بين سورية وإيران تصعب إزالته من جهة، ويحول دون تشكيل هلال قوة بوجه «إسرائيل»، ومن جهة ثانية يمنع مرور خطوط أنابيب النفط والغاز من إيران والعراق نحو البحر الأبيض المتوسط، ويحول دون تواصل الصين مع المتوسط تالياً، مهما كان الوضع في أفغانستان وما بين إيران وأفغانستان بعد الانسحاب الأميركي، وثالثاً يتيح تأمين خط الغاز القطري إلى أوروبا، بديلاً من الغاز الروسي، وهذه كلها أوراق قوة تضعها أنقرة بيد الأطلسي وتنتظر المباركة من واشنطن، ولا تمانع أنقرة من منع دولة «داعش» من بلوغ حدود السعودية عبر الصحراء ووصلها جغرافياً بحدود الأردن فقط، وهذا يسمح بجعل الامتداد العسكري في جنوب سورية وجنوب البقاع اللبناني متصلاً بها، وصولاً عبره لربط الوجود العسكري بين لبنان وسورية على طول السلسلة الشرقية بدولة «داعش» لوجستياً، رابعاً وخامساً، وبقاء مجموعة من حروب الاستنزاف المفتوحة على مساحة تطاول قوى مناوئة لواشنطن وأنقرة و«إسرائيل» تضم الدولة السورية وحزب الله.
المعلومات تقول إن الأميركيين أصابتهم الدهشة وأذهلتهم المعادلة التركية، المدعمة باستعداد أنقرة لضبط موارد «داعش» المالية والقدرة العسكرية بمفاتيح تدفق الرجال والسلاح والتدخل العسكري عند الضرورة بتفويض من الحلف الدولي، وصولاً لصفقة كاملة تضمن التفاهمات على خطوط النفط والغاز وكذلك تجارة الترانزيت بين أوروبا والخليج من دون المرور بالممرات الواقعة بيد الحكومتين السورية والعراقية اللتين تصنفهما أنقرة في دائرة حلفاء ثابتين لإيران، وترى أن المصالح الاقتصادية الحيوية لتركيا ترتبط بهذا المشروع، وان إغراء «داعش» بعائدات مجزية من تجارة الترانزيت وخطوط النفط والغاز سيجعل من المصالح مصدراً لحسابات وسلوكيات جديدة تبعد القلق من مخاطر التنظيم وتحوله إلى قوة عاقلة.
الأميركيون لم يقولوا شيئاً عما سمعوا في أنقرة، فقد سربت مصادرهم عبر بعض الإعلام القريب من البنتاغون كصحيفة «وول ستريت جورنال»، كلاماً مفاده أن الخلاف يدور مع القيادة التركية حول الموقف من حصر الحرب بقتال «داعش» أم قبول توسيعها لتطاول تغيير النظام في سورية، ما تعتبره مصادر متابعة محاولة لوضع أوراق على طاولة التفاوض مع إيران مع اقتراب نهاية المفاوضات على ملفها النووي.
إيران المتابعة عن كثب لكل ما يجري، والتي بلغتها تفاصيل التفاوض التركي الأميركي، وجهت رسالة شديدة اللهجة لأنقرة، محذرة من اللعب بالنار، تحت عنوان اعتبار الرئيس بشار الأسد خطاً أحمر، والقصد كما قالت مصادر إيرانية مطلعة في طهران لـ «البناء» هو التحذير من كل المخطط التركي واعتباره بمثابة إعلان حرب، لن تقف إيران مكتوفة الأيدي أمامها، وقالت المصادر إن كلام طهران المرتفع النبرة ستصاحبه إجراءات عملية تجعل الصورة واضحة أمام القيادة التركية بميزان الأرباح والخسائر، قبل حسم قرارها.
في لبنان، انشغال بهموم متفرعة عن الهم العام في المنطقة، من قضية المخطوفين العسكريين، وقضية الخلايا النائمة لـ«داعش» و »النصرة» التي كشف عنها قائد الجيش، إلى قضية شادي المولوي ومجموعته في التبانة، التي لم يعرف بعد ما إذا كان كلام الوزير أشرف ريفي لـ «البناء» عن إخلائهم من التبانة، قد تحقق، مع ورود معلومات متضاربة حول مصيرهم بعد منتصف الليل، وهل تمّ الإخلاء براً إلى حي قريب في طرابلس، أم تمّ بحراً بصورة تهريب متفق عليه مع الوزير ريفي، كما كانت تتضمن وساطة النائبين محمد كبارة ومصباح الأحدب؟
وبينما لا تزال قضية العسكريين المخطوفين على حالها، بدت الحكومة تستعد لخطوة نوعية على هذا الصعيد وسط تكتم شديد حول تفاصيلها. وهذا الموضوع كان محور اجتماع «خلية الأزمة» برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام أول من أمس حيث عرضت للأوضاع والتطورات في إطار التفاوض لتحرير العسكريين المخطوفين، واتخذت «قراراً بعدد من الخطوات»، آملة «أن تؤدي إلى الوصول بهذه القضية إلى نتائج عملية بكل الوسائل المتاحة».
المسلحون يحاولون فتح ممر بين الزبداني والقلمون
وفي الأثناء استمر التوتر مخيماً على بلدة عرسال وجرودها بفعل المحاولات المتكررة للتنظيمات الإرهابية التسلل إلى داخل عرسال. وأحبط الجيش اللبناني مساء أول من أمس إحدى هذه المحاولات، حيث جرت اشتباكات بين الطرفين استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة ما أجبر المسلحين على الانكفاء والعودة إلى مخابئهم في الجرود.
وأكد مصدر أمني لـ«البناء» «أن المسلحين لا يزالون يحاولون فتح ممر بين الزبداني والقلمون بعدما فشلوا في معركتي عرسال وبريتال»، مشيراً إلى «أن معركة بريتال كانت محاولة لاستعادة السيطرة على عسال الورد السورية لتأمين التواصل بين المجموعتين المركزيتين للمسلحين المتواجدتين في جرود عرسال وبساتين الزبداني حيث نجح حزب الله والجيش السوري بعد معركة يبرود بتأمين الفصل بينهما عبر السيطرة على عسال الورد السورية، إذ تؤدي استعادة المسلحين لعسال الورد إلى مرونة التنقل بين الزبداني وجبال القلمون للأفراد والأسلحة والذخائر بما يسمح وفقاً لبعض التقديرات العسكرية بالتفكير بالتمدد باتجاه القصير وربما التسلل إلى عكار.
«حزب الله» يتصدى للإرهابيين في معربون وحام
وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة أن «حزب الله» لا يزال يتصدى للمسلحين الإرهابيين في بلدات معربون وحام والطفيل وعسال الورد، على أكثر من موقع ويعمل على اكتشاف مراكز تجمعاتهم والأنفاق التي تأويهم، في محاولة لتضييق الخناق عليهم أكثر ودفعهم إلى الداخل السوري ليتكفل الجيش السوري بهم هناك.
وأشارت المصادر إلى أن المسلحين بتسللهم يحاولون الاستطلاع بالنار لقياس قوة بنية الدفاع عند «حزب الله» وإيجاد الثغرات في محاولة للاختراق مرة ثانية.
ريفي يخرج المولوي ومنصور من التبانة
وفي سياق متصل تواصلت الاعتداءات على الجيش في طرابلس فيما برز تطور تمثل بمغادرة كل من شادي المولوي وأسامة منصور من باب التبانة إلى جهة مجهولة نتيجة «اتفاق» شارك فيه وزير العدل أشرف ريفي. وأوضحت مصادر طرابلسية مطلعة لـ«البناء» أن مولوي ومنصور لا يزالان في طرابلس، إلا أنهما نقلا من باب التبانة إلى حي مجاور بناء على طلب ريفي «لقطع الطريق على الجيش اللبناني لتنفيذ عملية أمنية تنهي المربع الأمني للمولوي ومنصور، وبالتالي منع تكرار ما حصل في عبرا مع الفار أحمد الأسير».
وفي اتصال لـ«البناء» مع ريفي، أكد الأخير صحة هذه المعلومات لجهة أن مولوي ومنصور أخليا مسجد عبدالله بن مسعود في التبانة والذي كان مقراً لجماعتهما المسلحة وسلماه لمشايخ التبانة، بناء على طلبه وغادرا الحي، لكن ريفي اعتبر أن ما فعله هو لحماية الجيش، وحماية طرابلس وأهل التبانة، ولا سيما أن المنطقة مكتظة بالسكان.
وفي السياق، كشفت مصادر مطلعة لـ«البناء» تفاصيل الاتفاق الذي حصل لخروج المولوي ومنصور من التبانة، موضحة أن عدداً من مشايخ وفعاليات المنطقة أبرزهم الشيخ خالد السيد وكمال البستاني اتفقوا بحضور المولوي ومنصور على النقاط الآتية:
1 – تسليم المسجد في غضون 48 ساعة.
2 – إزالة كاميرات المراقبة الموجودة في محيطه.
3 – عدم وضع عناصر حراسة ليلية في المنطقة التي تم ذكرها على أساس أنها مربع أمني.
4 – عدم التعرض لعناصر الجيش اللبناني في المنطقة.
5 – دخول الجيش إلى المنطقة المذكورة بعد تنفيذ البنود الأولى من الاتفاق.
مشكلة التبانة لم تحل
وفيما جرى التداول بعيد منتصف الليل بمعلومات عن أن المولوي ومنصور لا يزالان في المسجد، وأن مجموعتهما المسلحة لم تنسحب أيضاً، اعتبرت مصادر أمنية أن انسحاب مسلحي المولوي ومنصور من مسجد باب التبانة لا يحل مشكلة الوضع الأمني في المنطقة، مشيرة لـ«البناء» إلى أن المشكلة تكمن في تحويل المنطقة إلى مكان لاختباء المسلحين وإطلاقهم من هناك للاعتداء على مواقع الجيش. وأكدت أن تحرك القوى القادرة على التأثير في هذه المجموعات يحول دون سقوط دماء في المنطقة، لافتة إلى أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر والجيش لا يمكنه السكوت على هذا الوضع طويلاً .
ومن جهة أخرى، كشفت المصادر أن فؤاد صلاح الدين العرعور الذي قتل أثناء تصديه للجيش خلال دهمه مكان عدد من المطلوبين لقيامهم بأعمال مخلة بالأمن في عيدمون قضاء عكار، ينتمي إلى إحدى التنظيمات المسلحة وكان يحرك مجموعات مسلحة في المنطقة لتنفيذ عمليات إرهابية.
في الأثناء صوب تيار «المستقبل» سهامه على قائد الجيش العماد جان قهوجي لكشفه المخطط الذي تعده الجماعات الإرهابية لطرابلس، وكعادته نفى التيار على لسان وزرائه ونوابه وجود أي مخطط من هذا القبيل وأن وضع طرابلس على ما يرام باستثناء الاعتداءات على الجيش والتي بررها النائب أحمد فتفت بتمييز الجيش بين المواطنين، واصفاً القوى الأمنية بأنها «شاطرة على ناس وناس»، ومتهماً الجيش «باعتماد سياسة تؤدي إلى النفور منه». فيما رأى الوزير ريفي «أن كل الكلام الذي يقال عن أن ثمة فريقاً سيقتطع جزءاً من شمال لبنان لتكوين إمارة بداخلها مرفأ ليس صحيحاً».
وتجدر الإشارة إلى أن قاضي التحقيق العسكري كان اتهم الشيخ عمر بكري فستق بالانتماء إلى «القاعدة» و«داعش» والتعاون معهما لإنشاء إمارة في طرابلس.
ومساء عقد اجتماع لنواب ومسؤولي تيار «المستقبل» في طرابلس في منزل النائب سمير الجسر خفف من الحملة التي شنت على الجيش نهاراً، وشجب المجتمعون في بيان «تكرار الاعتداءات المشبوهة على العسكريين في طرابلس وعكار»، ورأوا فيها «اعتداء على الوطن وأمنه وعلى المؤسسة الأمنية الأم، ومحاولة لإشعال نار الفتنة والإيقاع بين الجيش وأهل المدينة».
وطالبوا «بملاحقة المشبوهين الذين اعتدوا على حواجز الجيش والذين باتوا معروفين»، واعتبروا أن هناك تضخيماً للأوضاع الأمنية في طرابلس، ومبالغة «في الكلام عن وجود خلايا إرهابية والدعوات لإعلان حال الطوارئ». وأوضحوا أن «الخطة الأمنية التي أقرتها الحكومة، كانت كافية لإعادة الهدوء والأمن إلى كامل المدينة في خلال ساعات، وهي بذاتها كافية لمعالجة التعامل مع مربع أمني أو جزء من المدينة من دون حاجة لإعلان حال الطوارئ بما يرافقها من تدابير استثنائية تطاول الحياة السياسية والحريات العامة».
باسيل: داعش أداة «إسرائيل» للتقسيم
في غضون ذلك، تلقى وزير الخارجية جبران باسيل رسالة خطية من نظيره الأميركي جون كيري، أعرب له فيها عن تقديره لما يقوم به لبنان في حربه ضد الإرهاب. كما أعلن وقوف أميركا إلى جانب لبنان في حربه على «داعش»، على طول وداخل الحدود اللبنانية، واستمرار أميركا في تعاونها ودعمها العسكري في هذا المجال».
وفي السياق رأى باسيل خلال مؤتمر القاهرة الدولي حول فلسطين لإعادة إعمار غزة «أن إسرائيل وداعش يلتقيان بإرهابهما وبعنصريتهما وبنهجهما التدميري، ويتقاطعان إلى درجة أن داعش هي الأداة الإسرائيلية الأكثر مناسبة لها لتقسيم المنطقة … إلا أن هذا لا يسمح لنا إطلاقاً بأن نبرر تواطؤنا بإنشاء داعش بسبب إسرائيل أو أي قوة إقليمية أخرى، ولا أن نبرر تخاذلنا عن مواجهة داعش بسبب عدم حل القضية الفلسطينية».
اللجان تدرس سلسلة العسكريين وتكريس الدرجات لـ«الخاص»
نيابياً، تجتمع اللجان المشتركة قبل ظهر اليوم في ساحة النجمة برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري للبحث في سلسلة الرتب والرواتب. وأكدت مصادر نيابية في لجنة المال والموازنة لـ«البناء» «أن الاجتماع سيتناول سلسلة العسكريين وتكريس الـ 6 درجات للتعليم الخاص، بالإضافة إلى بعض الملاحظات التحسينية حول الغرامات المفروضة على بعض القطاعات»، مشيرة إلى «أن مستثمري الأملاك البحرية العامة يعتبرون أن المعايير التي وضعت على الغرامات غير منطقية وحساباتها غير دقيقة، وأن الفنيين في المديرية العامة للطيران المدني يعتبرون أيضاً أن حقوقهم منقوصة».