المواجهة البرية… والغايات المتناقضة
نور الدين الجمال
داخل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية لمحاربة الإرهاب هناك بعض الدول المشاركة في التحالف تعمل جاهدة لتشجيع الإدارة الأميركية ودفعها للقيام بعمل ميداني في كل من سورية والعراق، إذا كانت تريد فعلاً محاربة تنظيم «داعش» والقضاء عليه، وفي طليعة هذه الدول تركيا وقطر. وبالتلازم مع الرغبة والسعي التركي والقطري لتحقيق هذه الغاية تحاول بعض وسائل الإعلام الأميركية الترويج لضرورة عملية عسكرية على الأرض ومواجهة مباشرة مع «داعش» لمحاربته وهزيمته في كل من سورية والعراق.
وكشفت مصادر دبلوماسية عن وجود تنافس وصراع حقيقي بين بعض دول التحالف، فهناك محور قطري ـ تركي في مواجهة المملكة العربية السعودية، مع الإشارة إلى أن الصراع الحقيقي يكمن في دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة، فتركيا والسعودية على علم ومعرفة بأن الإدارة ألأميركية على تواصل مع كل من روسيا وإيران ولو بصورة غير معلنة من أجل ترتيب الأوضاع في المنطقة، وإن كان الملف النووي الإيراني هو أساسي بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية لاعتبارات أصبحت معروفة وفي مقدمها ما تتعرض له الإدارة الأميركية من ضغوطات داخلية من اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد. وفي المقابل الأطراف الحليفة للولايات المتحدة، خصوصاً تركيا والسعودية باتت مقتنعة بأن الاتفاق حول الملف النووي الإيراني سيتم على حسابها، ولذلك تحاول ممارسة الضغط على الإدارة الأميركية من خلال العملية التي أطلقتها في شأن مكافحة «داعش» بصورة خاصة والإرهاب بشكل عام، وذلك بهدف تحقيق بعض المكاسب وعلى وجه التحديد الحكومة التركية.
وتضيف المصادر، إن الأتراك يرون في مبررات دفعهم للإدارة الأميركية للقيام بعمل ميداني وإقناعها بنجاعة قيام منطقة عازلة وحظر طيران في الشمال السوري قولهم أن «داعش» حقق للأميركيين بعض الانجازات السياسية في العراق، وأنه أربك مشروع تحالف قوى الممانعة بدءاً من روسيا مروراً بإيران وصولاً إلى سورية ولبنان والعراق، وإذا هزمنا «داعش» بحسب المبررات التركية ما هو البديل؟
لذلك المطلوب استنزاف إيران، كما أن «داعش» يقاتل الأكراد نيابة عن حكومة العدالة والتنمية التركية.
وأوضحت المصادر أيضاً أن الدور التركي منذ بداية الأحداث في سورية وفي العراق يقوم على أطماع سياسية واقتصادية وقومية وإعادة إحياء الدولة العثمانية وهيمنتها على المنطقة وباعتبارها المرجعية الإسلامية الوحيدة في العالمين العربي والإسلامي، فمن وجهة النظر التركية، فإنها تستثمر علاقتها بـ«داعش» لتحقيق الأجندة التي ترسمها هي، بالإضافة إلى تأثيرها على بعض القوى «السنية» في العراق وليس السعودية، فطارق الهاشمي هو الأداة الرئيسية في التواصل مع القوى البعثية والقوى «السنية» التي تسير في الفلك التركي والأميركي.
ويرى المراقبون أنه في مواجهة المنطق الذي يدفع باتجاه تدخل عسكري في سورية والعراق، انه إذا لم تتم محاربة ا لإرهاب بصورة جدية بالتنسيق مع القوى الفاعلة على الأرض في سورية والعراق وهذه القوى أثبتت قوتها وجدارتها في محاربة الإرهاب وهي تتمثل بالجيشين السوري والعراقي والقوى العسكرية الرديفة لهما، فإن هذا الإرهاب سيرتد على أوروبا اقتصادياً وأمنياً أكثر من ارتداده على الولايات المتحدة الأميركية.
تحت الطاولة، الكل يبحث عن حلول والكل أصبحت لديه القناعة بأن لا حل سياسياً في سورية من دون الرئيس بشار الأسد وإن كانت بعض الدول وعلى وجه التحديد تركيا والسعودية في واجهة التمسك برحيل الأسد وبخاصة تركيا، إلا أن المؤشرات الخارجية، خصوصاً على الصعيد الأوروبي تشير إلى تطور إيجابي ما في طريقه إلى التحقيق حيال الوضع في سورية وبداية الاقتناع بالحل السياسي بالتلازم مع الاستمرار في محاربة «داعش» وأخواتها في كل دول المنطقة، ونقطة التحول الأوروبية تكمن في خط التواصل سياسياً الذي تقيمه تشيكيا مع سورية وهي التي يوجد على أرضها أهم مركز للاستخبارات الأميركية في العالم!!