الإرهاب… إنجازات في المواقع الإلكترونية وسقوط في المواقع الميدانية
د. سليم حربا
تستعر حمى التصريحات والتلويحات والإشاعات والنعيق من أفواه وأبواق قنوات الإرهاب وداعميه. ومن يتابع معاركه المزعومة وزحمة إنجازاته الهوائية الفضائية في مواقعه الإلكترونية ويمحّص ويتفحّص بين الوهم والحقيقة، فإنه قبل الضحك وبعده، يتذكّر مسلسلات شهود العميان ومسميات المعارك الطنانة من زلازل وبراكين وملاحم كبرى وصغرى وساعات صفر ورهانات على حلق شوارب ولحى، عندما تحوّلت كلّ أوهام الإرهابيين ومسمّياتهم وتنظيماتهم وثوراتهم وعوراتهم وأكلة لحوم البشر لديهم وجهاد نكاحهم وأنفاقهم ونفاقهم وراياتهم وقلوبهم وعقولهم السوداء إلى مزابل التاريخ ونفاياته وسلل مهملاته، وكانوا حلف عدوان يفوق مئة دولة ونظام، وجيشاً من الإرهاب المرتزق وأساطين إعلام كاذب مضلل مسموم، ولم يستطيعوا أن ينالوا من صمود وقوة شعبنا وجيشنا وقيادتنا، وسقط رهانهم تحت أقدام حماة ديارنا ووعي ومحاكمة ووحدة ووطنية شعبنا، وكانت النتيجة كمن يحاول أن يقصم قاسيون بقشة أو يحرك القلمون بظفره أو ينطح الحرمون بقرنه ليفلقه، وها هم اليوم يقعون في الحفرة نفسها عندما يجترّون تلك المصطلحات والإشاعات لتكنسها مكانس عمال النظافة الذين التقاهم الرئيس بشار الأسد منذ أربع سنوات، وكأنه يعرف حجم الآتي من أعبائهم بكنس وتنظيف تلال من الكذب والإشاعات.
عقلاء العالم يدركون أنّ كلّ هذا الضخ الإعلامي لن يغيّر الحقيقة ولن يحجب نسائم ورياح وأعاصير ما فات وما هو آت من إنجاز وطني وميداني مطمئن الآن في محيط جسر الشغور وميدعا والقلمون وبريتال وعسال الورد، وما هو إلا غيض من فيض ميزان الميدان الراجح بالحقيقة والوزن النوعي الميداني السوري، ولهذا نرى الضخ الإعلامي الافتراضي والمعارك المزعومة التي يطلقها الإرهاب وداعموه في المواقع الالكترونية وقنوات الإعلام الرخيص، والتي تبدأ ولا تنتهي على تلك المواقع.
كلّ ذلك وغيره يأتي كمحاولة للتعويض وخلط الأوراق والتأثير في عوامل وحوامل الصمود الوطني السوري جيشاً وشعباً وقيادةً ومحاولة زجّ حلفاء سورية وجرهم إلى ردود فعل وطرح بازارات الترغيب والمقايضة والترهيب بالتهديد بالتدخل العسكري وعواصف الحزم المزعومة.
لكن فرائض الصمود السوري ونوافله تقول إنّ ما عجز عنه العدوان لأربع سنوات سيكون عاجزاً عن تحقيقه في ما تبقى من مرحلة ختامية، وأن السيطرة الموقتة لجحافل تنظيم القاعدة التكفيري في إدلب وجسر الشغور لن توظف أو تصرف في الميدان العسكري أو السياسي، ولأمانة التاريخ القديم والقريب أنّ 10 في المئة مما تبقى من ستالينغراد غيّرت مجرى الحرب العالمية الثانية ووصلت إلى برلين ورسمت مستقبل العالم لأكثر من سبعين سنة، وأن دروس القصيْر ويبرود وغيرهما ما زالت ساخنة لأصحاب الرؤوس الإرهابية الساخنة، وأنّ جسر الشغور وغيرها ستعود عاجلاً وليس آجلاً، وأنّ عوامل القوة الذاتية السورية التي تحمّلت محيطاً من الإرهاب والعدوان لن يخيفها ما بقي من مجارير الإرهاب التركي ـ السعودي ـ الصهيوني، وأنّ تحالفاتنا مع أصدقائنا ليست موسمية أو موقتة أو مزاجية بل هي مبدئية وراسخة وتزداد قوة ورسوخاً في إطار حلف المقاومة وفضائه الاستراتيجي، وقد تكون زيارة وزير الدفاع السوري إلى طهران ووزير الداخلية إلى روسيا في إطار وضع اللمسات على الاستراتيجية الجديدة التي تلبّي صدّ وإحباط ما تبقى من تصعيد واحتمالات العدوان ذاتياً وموضوعياً، وأنّ كيان العدو «الإسرائيلي» يدرك أنّ عصر المقامرة والعربدة انتهى، وأنّ الشعب اليمني لن يترك للسعودية من الوقت ما يمكّنها من توزيع جوائز الحزم والأمل، وأنّ الشعب العراقي سيهزم «داعش» ومشروعه، وأنّ الدولة السورية اتخذت قراراً وطنياً وجاهياً غير قابل للطعن أو التراجع بأنها ستهزم الإرهاب، وقد قالها الرئيس بوتين بأنّ النظام العالمي الجديد سيُرسم ويخرج من دمشق، وقد قالها حلف المقاومة إنّ هزيمة سورية ممنوعة ومستحيلة، وقد قالها الرئيس بشار الأسد والشعب السوري ويطبّقها الجيش العربي السوري هيهات منا الهزيمة.
نحن الآن في مرحلة الحرب الختامية ومفاتيح وأبواب النصر بين أيدينا وتحت أقدام حماة ديارنا وما عجز عنه العدوان والإرهاب لأربع سنوات لن يستطيع أن يناله في ما تبقى من وقت ضائع، أربع سنوات ونيّف دافعنا عن الوطن والإسلام والمسيحية والعروبة وفلسطين وعن الإنسانية ولن نفرّط، ويحق لنا بل ولا بدّ لنا من أن ننتصر ونصحّح التاريخ ونرسم الجغرافيا ونصنع المستقبل، والعبرة في النتائج.