كامب ديفيد بنسختها الجديدة ماذا تحمل لقادة الخليج؟

جمال الكندي

كثرت التسريبات والتوقعات عن اجتماع كامب ديفيد المقبل بين الرئيس الأميركي والقادة الخليجيين وانبرت الأقلام تحلل سبب هذا الاجتماع، والذي يجمع لأول مرة قادة دول الخليج مجتمعين بالرئيس الأميركي باراك أوباما، فمنهم من يقول إنها عملية استنزاف جديدة سوف يمارسها البيت الأبيض عن طريق صفقات الأسلحة المزمع عقدها مع دول الخليج، ومنهم من يقول إنه اجتماع لتعزيز التحالف الأميركي ـ الخليجي ومناقشة ملفات مهمة تقلق دول الخليج .

إن الذي يقلق «إسرائيل» وبعض دول الخليج هو أن ينتهي هذا العداء الأميركي لإيران المستمر منذ قيام الثورة الإسلامية فيها، بعد أن يتم التوقيع على الاتفاق النووي النهائي في حزيران، وهذا الاجتماع هو لشرح ماذا بعد توقيع الاتفاق؟ وكيف سيكون التعاطي الغربي مع إيران؟ وهل سيعترف بها بأنها قوة إقليمية في المنطقة؟

هذه هي بعض الرسائل التي تريد أميركا إيصالها لحلفائها في الخليج عن إيران ما بعد الاتفاق النووي.

إنّ دعوة أوباما لاجتماع مع القادة الخليجين كان بعد التوقيع على الاتفاق الإطاري النووي في لوزان بين إيران ومجموعة خمسة زائداً واحداً وهي محاولة من الإدارة الأميركية لتطمين الخليجيين بأن إيران ليست قادرة بعد التوقيع النهائي معها على تهديد دول الجوار الخليجي، فهل يكفي هذا بعض دول الخليج والتي تعتبر إيران هي العدو الاستراتيجي إن صح التعبير وليس الكيان الصهيوني.

فماذا تخبئ كامب ديفيد بنسختها الجديدة قادة الخليج؟ في الطاولة الأميركية ملفات للنقاش والبحث وهنالك ايضاً صفقات سوف تعقد مع الأميركيين، فمن دون عدو وإن كان وهمياً لن تكون هنالك أسلحة تشترى وأنظمة صاروخية تنصب. ملف اليمن والعراق وسورية من أبرز ما سوف يتداول في هذا الاجتماع. اليمن والحرب الدائرة فيها وإيجاد مخارج سياسية لها هو المطلوب من القادة الخليجين، فأمور في اليمن خرجت من نطاق السيطرة والحملة التي تقتل وتقصف اليمنيين منذ أكثر من شهر لم تحقق شيئاً من السقوف العالية التي تبنتها من قادة هذه الحملة، واجتماع كامب ديفيد هو الإعلان الفعلي للهزيمة ورسم الخطوط العريضة لحل الأزمة اليمنية خارج الهيمنة الخليجية وتحت المظلة الأممية، وهذا الإخفاق الكبير لحملة عاصفة الحزم ومن بعدها الأمل سيظهر مدى ضعف من قاد هذه الحملة وحساباته الخاطئة والمشكلة التي أوقع نفسه فيها. فمن مخرجات هذا الاجتماع الاعتراف بهزيمة حملة الحزم ومحاولة إيصال المعلومة التائهة عند السعودية أن اليمن بعد ثورة 21 أيلول غير اليمن قبلها .

الملف السوري لن يكون غائباً في اجتماع كامب ديفيد، وبخاصة ما يقوم به المحور المعادي لسورية من محاولة قلب الموازين وتغيير قواعد اللعبة في الشمال السوري من خلال السيطرة على مدينة إدلب وجسر الشغور وتهديد الساحل السوري، وهذا هو الخط الأحمر الذي لن تسمح به سورية وحليفتها إيران وروسيا أن يكون واقعاً على الأرض.

هذه اللعبة من قبل محور الشر لم يتم توظيفها سياسياً وجغرافياً حيث لا سيطرة سياسية لائتلاف السوري المعارض في الشمال المدعوم من الغرب، ولا وجود لمنطقة عازلة بحسب الرأي الأميركي الذي بالتأكيد تلقى إشارات قوية من حلفاء سورية، أن قواعد اللعبة لا بد أن لا تتغير، وإلا التدخل آت وبقوة إذا حاولتم فرض المنطقة العازلة وهذا ما نراه في الميدان من خلال التقدم الكبير للجيش السوري وحلفائه لاسترجاع مدينة جسر الشغور وإدلب. هي محاولة أميركية قديمة وجديدة في كامب ديفيد لإظهار قراءة مغايرة للقراءة الخليجية في سورية وهي زيادة الدعم للمعارضة المعتدلة بحسب التوصيف الأميركي والابتعاد من النصرة وأخواتها.

الملف العراقي هو الآخر سيكون من العناوين البارزة في لقاء الحلفاء فـ»داعش» بدأ يتقهقر في بعض المحافضات العراقية، وهذا الانهزام ما كان ليكون لولا مساندة الحشد الشعبي للجيش العراقي والقوى الوطنية من عشائر العراق.

إذاً، المعادلة الجديدة في العراق هي القبول بدخول إيران في خط محاربة «داعش» عن طريق الحشد الشعبي ذي الغالبية الشيعية، ومثال تكريت أظهر مدى التلاحم الشعبي بين محفظات الجنوب والوسط مع المحافظات المسيطرة من قبل «داعش».

ورقة الطائفية التي تبنتها بعض دول الخليج سقطت بعد تحرير تكريت ولا بد من تعاون أميركي ـ إيراني ولو كان غير مباشر لضمان دحر «داعش» نهائياً من العراق، وهذا على ما أعتقد سوف يطرح في الملف العراقي وهو لا يعني تخلي أميركا عن تقسيم العراق ولكنه حل موقت لحين القضاء على «داعش» بالتعاون مع إيران وبعدها يظهر مشروع تقسيم العراق الذي ظهرت أول بوادره كبالونة اختبار بقرار الكونغرس الأميركي السماح بتسليح كردستان العراق والعشائر العراقية خارج نطاق الدولة المركزية في بغداد. هي أمانٍ وخطط من قبل الغرب ولكن من يملك إفشالها وجعلها حقيقة أو وهماً هو الشعب العراقي بكل طوائفه، فهل يدرك ذلك العراقيون؟

كامب ديفيد هو اجتماع ترضية لحلفاء أميركا في الخليج، فبعد شعورهم بقرب توقيع الاتفاق النووي النهائي مع إيران، زادت مخاوفهم من أن تتبدل خريطة التحالفات في المنطقة، وجاء هذا الاجتماع لتوزيع جوائز ترضية لهم تثبت من خلالها أميركا أنها ما زالت الحليف القوي لدول الخليج، وأن التوقيع على الاتفاق النووي هو أمر تقتضيه المصلحة الاستراتيجية في المنطقة .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى