شكراً لإنسانيتكم في زمن الردة…
جمال العفلق
صورة هزت العالم، صورة ليست هي الأولى ولن تكون الأخيرة، صورة لطفل على شاطئ ما، في عالم كله نفاق وكله كذب… نعم صورة تسابق الإعلام لنشرها لكسب سبق صحافي وتسابق أهل الإنسانية ليتحدثوا عن مدى ألم السوريين بل ألم الإنسانية بأسرها. ولهذا تستحقون أن نقول لكم شكراً لإنسانيتكم المفرطة، وشكراً لدموعكم فإنّ أكثركم دموعه مثل دموع التماسيح. أليس هذا من صنع أيديكم أيها الإنسانيون؟
اليوم يبكي الغرب علينا وتتبجّح الحكومات الغربية بالإنسانية وتفتح المستشارة الألمانية مزاد قبول لجوء السوريين هذا اللجوء الذي جاء نتيجة إجرام الغرب نفسه بحق السوريين هذا اللجوء الذي دفع آلية أرباب صناعة الموت ونشر الإرهاب هذا اللجوء الذي استثمره تجار الحروب في العالم كما استثمر صناع السلاح والموت الحرب على سورية هذا اللجوء نتيجة لأفعال من لبسوا ثوب ما قالوا عنه ثورة وتمسكوا في طلب الدعم الغربي والمال العربي لقتل إخوتهم في الوطن.
هزت صورة الطفل على شاطئ البحر مقتولاً بخناجر الإنسانية العالمية، تلك الإنسانية التي أرسلت لنا كل مجرمي الأرض تلك الإنسانية التي أرسلت لنا الغازات السامة وأرسلت الأسلحة ودفعت المال وعطلت كل مشاريع الحل السياسي الممكنة في وقت كان الحل فيه قابل للتطبيق، أليست هيلاري كلينتون صاحبة النصيحة للمعارضة السورية بأن لا تتخلى عن السلاح ولا تجلس إلى طاولة التفاوض؟ أليست فرنسا صاحبة مشروع غزو سورية؟ أليست تركيا من دعمت وسهلت وصول الإرهابيين مزودين بالحقد والطائفية البغيضة؟ أليس العرب من المتآمرين على سورية هم الذين دفعوا بالمليارات لقتل السوريين؟ عن أي إنسانية يتحدث العالم اليوم؟
عندما التزم العالم بأسره الصمت إزاء جرائم داعش والنصرة واعتبر أفعال الإرهاب ثورة، أين كانت إنسانيتكم؟ عندما سبيت النساء وقُطعت الأوصال وانتزعت القلوب، أين كانت إنسانيتكم؟
وضعتم كل استثماراتكم السياسية في الحرب على سورية دفعتم الناس إلى الهرب وأرسلتم من يكذب عليهم ويعدهم بعالم جديد، صدقكم البسطاء وباعوا ما يملكون وركبوا البحر بقوارب الموت فتحولوا إلى جثث على شواطئ قلوبكم الباردة.
نعم، إنها صورة لطفل جديد من عشرات بل مئات الأطفال الذين قتلهم حقدكم على سورية. إنها صورة لطفل قتل أقرانه في الوطن بسيارات مفخخة وقذائف الهاون، ووجد القتلة التبرير عندكم، فأنتم تغطونهم بغطاء ربيع كاذب أنهك الناس ودمر كل شيء. لم يرحم ثواركم أحداً ولم يرحم ثواركم التاريخ ولا الحاضر لم تسلم القبور من عبث جنودكم المرتزقة.
ألمانيا اليوم التي تفتح أبوابها للسوريين هي نفسها التي أرسلت سفينة حربية في بداية الحرب على سورية للتشويش على اتصالات الجيش، وأميركا التي تبكي على السوريين هي التي صنعت داعش لنشر الخراب في سورية والعراق، فعندما جمعتكم الصهيونية العالمية تحت قبة مؤتمرات أصدقاء الشعب السوري وجلّ قراراتكم كانت تسليح المرتزقة، أين كانت إنسانيتكم؟
اليوم على العالم أن يفهم أنه شريك بقتل السوريين وأن المتباكين اليوم على السوريين من الغرب والعرب هم الذين شردوا وقتلوا هذا الشعب وما زالوا يقتلونه. وعلى العالم اليوم أن يفهم أن السوريين وإن اشدت المصائب عليهم صامدون مرابطون إلى أن يقضي الله أمراً، وعلى العالم أن يفهم اليوم أن السوريين أقفلوا باب العزاء ولا يريدون مواساة من أحد، وعلى العالم أن يفهم أن السوريين وإن جار عليهم الزمن اليوم فالغد لهم. وأن أرض الشام المباركة لن ترضخ ولن تستسلم للموت.
نعم هو يوم حزين آخر هو يوم من أيام الحرب القذرة على سورية، هو يوم نودع فيه طفلاً ليس له أي انتماء سياسي أو طائفي أو حزبي، هو طفل يحلم فقط بملابس جديدة ولعبة يقضي فيها أوقاته. هو طفل اغتالته إنسانية قرارات مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة هو طفل قتلته قرارات الجامعة العربية وحصار الظالمين لبلدة. وشعب سورية اليوم يقول للعالم: شكراً لإنسانيتكم في زمن الردة، وشكراً لمواقفكم، وشكراً لحصاركم، وشكراً لإعلامكم الكاذب، وشكراً لاسلحتكم النوعية، وشكراً لكل ما قدمتموه لنا، فأنتم أثبتم أنكم كاذبون مثل الذين يعملون معكم وقد وفرتم لهم ولأولادهم العيش الرغيد في فنادقكم وشققكم المفروشة ثم قلتم للعالم هؤلاء ثوار وأصحاب قضية. في وقت يحارب الجيش السوري ومجاهدو المقاومة بالنيابة عن العالم الإرهاب الاسود الذي يدعمه أصحاب الإنسانية الكاذبة، ذلك الإرهاب الذي سيعبر الحدود إلى العالم ويرتد على صانعيه يوماً ما. فدماء أطفال سورية كما أطفال العراق وليبيا واليمن ستكون لعنة عليكم وسوف يسجل التاريخ أنكم أنتم من قتل الطفولة في أوطاننا وسوف يسجل التاريخ أن أصحاب المبادئ الإنسانية وأصحاب الكتب السماوية هم الذين قتلوا الأطفال من أجل مصالحهم السياسية.