أمسية موسيقية للعازف السويسري العالمي مارك بيرينوود في دار الأسد للثقافة والفنون

لورا محمود

تقول المغنية نينا سايمون «الجاز ليس مجرد موسيقى هو طريقة حياة، طريقة وجود، وطريقة تفكير»، ولأن الموسيقى على اختلاف أنواعها قادرة أن تعيد الجمال والروح لبلد ينفض الحرب عنه ويقف ليستقبل الأمل بيدٍ مفتوحة وقلب في أنسجته تعيش مقطوعة موسيقية نادرة تنظم دقاته على إيقاع الحب، فالموسيقى محرّض لشفاء النفس الموجوعة ومصدر للقوة وهي بداية الفرح ونهاية الكلام.

وإيماناً منهم بسورية التي تنشر الإبداع وتحبّ المبدعين أقامت شركة مينا للتنظيم الفعاليات الثقافية مؤتمراً صحافياً وأمسية موسيقية للعازف السويسري مارك بيرينوود الذي يحبّ سورية ويعتبرها من أهم وأعرق البلدان ويؤمن بأهمية المهرجانات الثقافية وأثرها ا يجابي في رفع المستوى الثقافي والفني وإعادة نبض الحياة الى سورية.

وعبّر بيرينوود في المؤتمر الصحافي الذي سبق الأمسية الموسيقية عن سعادته لوجوده في دمشق للمرة الثانية، حيث جاء الى دمشق عام 2010 وأحيا حفلاً موسيقياً ضمن فعالية jazz festival وكان الحفل في قلعة دمشق وأعرب عن محبته لهذا البلد الذي يهتمّ بالثقافة والفن والذي كان وما زال رائداً في استقطاب أهم الفنانين العالميين. ويرى بيرينوود أن تاريخياً وثقافياً مدينة دمشق وحلب من اهم المدن في العالم فهما إضافة لكونهما مدناً جميلة هما من اقدم المدن المأهولة. وهذا ما أضاف لهما نكهة خاصة بتنوعهما الثقافي الغني، حيث اعتبر ان الإرث الثقافي القديم لسورية هو إرث إنساني لكل العالم ونتشاركه جميعاً ولهذا احترمه جداً وأحبه.

واضاف بيرينوود كنت قلقاً ومتابعاً لكل ما يحصل في سورية في جميع وسائل الاعلام المختلفة سواء العربية او الروسية او الأوروبية لذلك كان حريصاً ان يقرأ ويعرف كل شيء بنفسه. وتابع بيرينوود أنه كان متفاجئاً بطريقة ايجابية وسعيد خاصة عند وصوله حيث رأى الحياة طبيعية في سورية والناس هنا يعيشون بشكل معتاد وطبيعي. وعن الموسيقا السورية وخاصة القدود الحلبية لفت بيرينوود في حديث «للبناء» أنه عندما كان في سورية 2010 قضى أغلب الوقت في دمشق، لكنه ذهب ليوم واحد الى حلب وعزف مع عازف سكسفون حلبي، وكان سعيداً بذلك جداً وهو مازال يحاول أن يفهم مدارسنا الموسيقية العربية خاصة القدود الحلبية والمقامات ويحاول أن يفهمها ومتشوق لمعرفتها، لأنها موسيقى جديدة عليه ويحب أن يحيي حفلاً موسيقياً في حلب، لكن بالطبع ليس نوع الموسيقى الذي يشبه القدود الحلبية فهو ما زال يدرسها ويعتبرها مدرسة عريقة وسوف يحاول أن يحضر حفلات موسيقية لموسيقيين سوريين. وعن الرسالة التي يريد أن يوصلها بيرينوود لكل مَن يرى الصورة ضبابية عن سورية أو حتى بعيدة عن الحقيقية عندما يعود لبلده، أشار بيرينوود لـ»البناء» إلى أن مهمته كموسيقي عندما يحيي حفلات في أي بلد ان ينقل الصورة الصحيحة التي يراها بدون أي تأثير من أي جهة. فالناس في بلدي وفي اوروبا قلقون من الوضع في سورية وليس لديهم صورة واضحة وكاملة عما يحدث فيها، لأن الوسيلة المتوفرة هي فقط الإعلام الموجود لديهم وهو سيقضي في سورية عشرة أيام وسينقل انطباعه للناس وهو ليس غريباً عنها، لأنه متابع لما يجري ولديه عائلة وأصدقاء فيها.

ورأى بيرينوود أن العلاج بالموسيقا مهم جداً خاصة في بلد تعرض لحرب كما سورية. وهناك الكثير من التجارب في أوروبا تم فيها علاج الشعوب بالموسيقى بعد الحروب. فالموسيقى قادرة أن تعطي طاقة إيجابية وأملاً كبيراً. وانا اليوم سأتذكر كل الذين رحلوا بسبب الحرب خاصة العازفات اللواتي تعرّضن لقذيفة هاون في دار الاوبرا وسقطت إحداهن شهيدة واستمر العرض والعزف، رغم ما حصل. وهذا أمر تأثرت به كثيراً لذا سأعزف تخليداً لذكراهم ولأرواحهم. فأجمل ما في الموسيقى أنها قادرة على إعطاء السلام الروحي لكل إنسان.

وعن دراسته للموسيقى واكتشاف حبه للموسيقى تحدث بيرينوود قائلاً: لقد اخترت الجاز لأثبت لنفسي أنني استطيع أن أعزف شيئاً مغايراً عما يعزفه والداي من موسيقى كلاسيكية. فأنا أحب البيانو وهو المفضل بالنسبة لي. وعندما كنت صغيراً كنت أعتبر مفاتيح البيانو البيضاء والسوداء كأنها قطع موسيقية أبنيها فوق بعضها. وأخيراً شكر بيرينوود شركة «مينا» للفعاليات الثقافية على جهودها الكبيرة واهتمامها لإقامة هذا المؤتمر والأمسية الموسيقية.

وعقب المؤتمر أحيا العازف السويسري مارك بيرينوود امسية موسيقية في دار الأسد للثقافة والفنون على خشبة مسرح دراما وهي الأولى من نوعها في سورية لعازف أوروبي بعد سنوات الحرب. والبرنامج الموسيقى للحفل كان مقسماً الى ثلاثة اقسام. أولاً قدم بيرينوود مقطوعات موسيقية من تأليفه ثم قدّم مقطوعات عالمية وأخيراً قدّم مقطوعات وألحاناً مأخوذة من أفلام عالمية، لكن عزفها بطريقته وبشكل ارتجالي.

وجال بيرينوود في أرجاء دار الأسد للثقافة والفنون برفقة المايسترو ميساك باغبودريان قائد الفرقة السيمفونية الوطنية السورية والتقى عدداً من طلاب المعهد العالي للموسيقا أثناء تدريباتهم.

وقد تحدّثت مسؤولة العلاقات العامة والاتصالات والاعلام في شركة مينا تمار قوليجيان لـ»البناء» ان العازف السويسري مارك بيرينوود هو مؤلف وعازف سويسري كان في سورية سنة 2010 في مهرجان الجاز. واليوم هو في سورية للمرة الثانية بعد فترة الحرب التي عاشتها سورية ليحيي أمسية ثقافية. والفكرة كانت من قبل شركة مينا للفعاليات الثقافة كدعم منها لإعادة الحياة الثقافية ولنرجع نبض الثقافة السورية لسابق عهده. ونحن كشركة لتنظيم الفعاليات الثقافية نتعاون مع جميع الجهات لأجل أن نعيد ألق الثقافة، كما كان قبل الحرب. وعن التواصل مع العازف مارك، قالت هوليجيان لم يكن لديه أي مانع بالمجيء في سورية. وهو من محبي سورية خاصة دمشق وحلب وأيضاً متشوق ليتعرف إلى الموسيقا السورية والموسيقيين السوريين. يذكر ان العازف السويسري العالمي مارك بيرينوود هو مؤلف وعازف جاز ولد عام 1981 بدأ رحلته بالعزف على البيانو مبكراً. وهو في السادسة من عمره. ثم دفعه شغفه الى دراسة الموسيقا في المعهد الفخري بجنيف حتى عام 2001 وحصل على الدبلوم عام 2004 في مدرسة لوزان للجاز وفي عام 2006 اصدر البومه الأول بعنوان stream out في ثنائي مع الفرنس سيلفان غيو.

كما وأسس مجموعة اسمها Marc Perrenoud Trio منذ أحد عشر عاماً وقدّمت أكثر من 300 حفلة موسيقية في المهرجانات الكبرى ونوادي الجاز في جميع انحاء العالم، وفي سورية كان له مشاركة في مهرجان الجاز بدمشق عام 2010. ويدرس مارك الموسيقى في الكونسرفتوار في جنيف منذ عشر سنوات وأسس مهرجانه الموسيقي « الأثينيون» ايضاً في جنيف منذ ما يقارب الثمانية سنوات بالإضافة لكونه مديراً فنياً للمهرجان نفسه. وهو حائز على العديد من الجوائز اضافة لجائزة افضل عازف منفرد في مهرجان بير الدولي عام 2006 وفي رصيده ستة البومات آخرها اول ألبوم سولو بعنوان الحمرا . والجدير بالذكر ان شركة مينا للفعاليات الثقافية تعمل على إقامة وتنظيم فعاليات ثقافية وفنية. كما تدعم النشاطات الأهلية كافة والفعاليات ذات البعد الاجتماعي والتنموي سعياً منها لأن تصل الى كافة الشرائح العمرية والاجتماعية في سورية. وتحرص مينا على دعم الطاقات الإبداعية لدي جيل الشباب وتهدف الى رفع المستوى الثقافي والفني في سورية لما تمتلكه من خبرات وكوادر في هذا المجال.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى