أخيرة

دبوس

ذروة الحشد كانت في سورية

ليس هنالك داعٍ للتساؤل والقلق، وضرب الأخماس بالأسداس لمحاولة التكهّن بما سينجلي عنه الموقف في الحرب الروسية ضدّ الناتو على الأراضي الأوكرانية، أو بالنسبة لي على الأقلّ، الأمر محسوم قبل أن يبدأ، يد روسيا هي العليا، وستستمر كذلك، وستنتهي بنصر بيّن لا مراء فيه لروسيا، وستفرض روسيا شروطها بلا لفّ ولا دوران…
لو كان بإمكان معسكر الهيمنة ان يفعل شيئاً، لفعله في سورية، كانت سورية هي ساحة الاختبار المطلق لكلّ قوى الهيمنة، زائد الأعراب ومال الأعراب ودماء الأعراب وما لا يقلّ عن 60 دولة أخرى في أنحاء المعمورة، وضعوا على الطاولة كلّ ما لديهم، صولد، فتبعثر كيدهم شذر مذر، وتشتت شملهم ذات اليمين وذات الشمال، وذات الشرق وذات الغرب، ما حشدوه في سورية كان الذروة التي ليس بعدها ذروة، والحشد الذي ليس مثله حشد، لقد ركبوا في سورية أعلى ما في خيلهم، وانكفأوا، تبدّد الحشد المطلق، وتناثرت إلى أشلاء نظرية العالم الأحادي الهيمنة، ومن تحت الركام برزت قوىً أخرى تنازع دولة الهيمنة على موقع الريادة، وتنزع من الغرب سدة القيادة، أو على الأقلّ، تقاسمها القرار في هذا العالم، لتضفي على الممارسة السياسية والاقتصادية والاجتماعية نكهة جديدة فيها شيء من الأخلاق، وشيء من الإنسانية، ونوع من الاعتبار لمصالح الدول والشعوب دونما فرض ودونما إجبار…
وبالأخذ في الحساب مصالح الآخرين، سيسجل التاريخ في الآتي من السنين، ان الأحادية تم تحطيمها في سورية، وأنها لن تقوم لها قائمة بعد ما لاقته في سورية، فلا تهنوا ولا تحزنوا، جمع الغرب كلّ ما يستطيع جمعه في سورية، وتلقى صفعة مدوية أطاحت بكبريائه تماماً كما أطاحت بجبروته، ولم يكن بالإمكان أكثر مما كان، هو في حالة أفول، والشرق في حالة ارتقاء، كلّ ما في الامر انّ هذا الغرب بقيادة الأنجلوساكسون لا يريد ان يصدق ويعترف بالواقع الجديد الذي تجلّى في دمشق وفي تخوم دمشق، وما زال يكابر ويعيش في حالة من الإنكار، لربما توقظه منها الضربة الآتية في أوكرانيا وتعيد إليه وعيه، وتنزله مهاناً الى أرض الواقع…
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى