أخيرة

دبوس

موسم الهجرة الى الشمال
سميح التايه
تماماً كما الأواني المستطرقة، النواميس الكونية كفيلة بإحداث التوازن، لم تلامس المقدرة الاستراتيجية الصهيونية التبعات على مستوى الاستراتيجية العليا، التي ستترتب على الغزو الشامل للبنان في عام 1982، دعونا نطيح بهذا الوجود التخريبي في الشمال وكفى، النتيجة المرعبة لهذا التغوّل، استفزاز للطاقات الكامنة للبنان المسالم، انبثاق حزب الله، التهديد الوجودي الأفدح الآن لكيان الإحلال، القصور الجيني لمنظومة العقل الأنجلوساكسوني المزمن، البراعة في التفاصيل، والضمور في المقدرة الاشتمالية، الانبهار الكلّي في الإنجاز الآني، وعدم القدرة على تبصّر التبعات في المدى الطويل…
نفس المقوّمات التي دفعت جورج دبليو بوش للاندفاع نحو غزو العراق وأفغانستان، الحسابات الآنية التفصيلية تفضي الى منجز آنيّ حتمي لا لبس فيه، قدرة نارية هائلة، وتفوّق ميكانيكي هائل، وخواتيم مضمونة لنصر تكتيكي سريع لا يعتريه أيّ لبس، تدفقت قواته في شوارع بغداد، وأطاحت بصدام حسين، واستتبّ الأمر لأميركا الى حين…
لم يفكر بوش وجنرالاته بماذا سيكون عليه الأمر في اليوم التالي، في شوارع وأزقة العراق، هل فكر هذا الأنجلوساكسوني القابع شمالاً بالتبعات الكونية، لاستمراره في نهب ثروات الجنوب ومن ثم تجويع هذا الجنوب حتى التضوّر، لقد استفزّ تلك الكامنات في هذا المستضعف حتى النخاع، موجات من الاستضعاف تتدفق شمالاً لإحداث التوازن، كابوس وجودي ديموغرافي ينذر بالنهاية لهذا التكوين الأنجلوساكسوني الجائر، حتى النزعة نحو التكاثر لا إرادياً في التجمعات المستضعفة.
هو ردّ فعل شرطي للشعور بالخوف تحقيقاً للتوازن، هي الطبيعة والفطرة تتكلم، هو الردّ الكوني الذي ينزع نحو تحقيق التوازن والتعادل، فلكل فعل ردّ فعل، مساوٍ له في القوة، ومضاد له في الاتجاه، حزب الله، الحشد الشعبي، أنصار الله، مقاومة فلسطين، تدفق الجياع شمالاً، القتال الديموغرافي للمستضعفين بإزاء شعورهم بالخوف، هو نتاج لتوحش الغرب المارق!
بأيديهم وبإرادتهم القاصرة، يزرعون بذور نهايتهم الحتمية، بالظلم والجور واللاعدالة يستفزون الطاقات الكامنة للآخر، العدالة هي الديدن، حتى من الناحية الشكلية، الكرة هي الشكل الهندسي الكوني، وهو رياضياً الشكل الأكثر عدالة من كلّ التكوينات الشكلية الأخرى، فالمسافة دائماً بين المركز والسطح متساوية، الملك يبقى مع الكفر، ولا يبقى مع الظلم، وكما تدين تدان، ومن قتل بالسيف، بالسيف يُقتل.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى