أخيرة

تحية أخيرة في وجه دبابة…

‬ غيث الجيوسي

في ضفة العياش نار تضطرم
وفي لبنان بركان يشتعل
وغزةٌ قد فاض طوفانها
صاروخ هنا، شواظ هناك
عبوة في عين النفق، وياسين
يلقي تحيته الأخيرة
في وجه دبابة
***
سعيد أني لست «إسرائيل»
من شَمالي مُسيّرات عابرة
ومن جنوبي أنفاق غابرة
ومن يميني يشتعل الغليل
ومن أقصى البحار حصار أليم
عبر المحيط أُحاكم…
وعلى ضفتيه… تثور ضدي ملايين.
***
أين فائض قوّتي من قيمة مضافة؟
يا ليت عندي ربع صمود أهل مغراقة
لا خُلق عندي ولا حياء. لقد ضللت الطريق
أقتل الطفل الرضيع والمرأة الحامل
أما الرجل المقاوم،
فإنه هناك …
حرٌّ طليق
***
ما ظننت يوماً في حياتي
أنّ شعباً جائعاً سيسحق جيشي
فيذلّ غولاني وغفعاتي…
من أيّ طينة عُجِنوا؟
من أيّ قَالبٍ خُلِقوا؟
ويحهم! كيف لا أفوز وقد أمطرتهم حمماً
لا تقوى على تحمُّلها،
وحوش الأرض،
جحافل الإغريق، ولا دولة الرومان،
لكن معضلتي أنّ كلّ ما عندي شبقٌ،
وجُلُّ ما عندهم تسليمٌ وإيمان،
لقد خسرتُ معركتي قبل أن أبدأها،
ما نفع المجنزرات، ما نفع الرصاص والحديد
أمام خصم في قلبه قوة الله
من الوليد إلى التليد…
***
ماذا أقول لشعبي ولم أحرّر أيّ أسير؟
جحافلي تمزقت في قطاع صغير
فقدْتُ كلّ الردع في شمال البلاد
فما نفع هذا المال وذاك العتاد
لقد ضاقت بي الدنيا وهالت عليَّ الصعاب
فأرسلوني إلى حيث أتيت وأهيلوا عليَّ التراب!
***
«إسرائيل» إذن ماتت
وكلّ ما يجري، إجراءات دفن بطيئة
نصدِّق شهادة الوفاة غداً
ونلصق عليها طابع البريد
ونرسل تابوتها إلى الموطن الأصلي
إلى الاتحاد الأوروبي
الذي تشدّق بعشقها طول سنين
مع أنه هو الذي كان يضربها
هو الذي كان يصفعها ويؤلمها،
***
نرسلها إلى زوجها الطائش، أمير العشيرة
الذي أكثر من ضربها طول الزمان،
ثم بكى عندما هجرته مذلولة، كسيرة،
لكننا أهل عز وإيمان،
لن نفعل في شعبها ما فعلت أسياد الحظيرة،
فبرغم القهر ورغم الكبت والعدوان
نختم صندوقها رفقاً ونلصق العنوان
ولتتابع رحلتها الطويلة
إلى غيهب الأزمان…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى