أولى

كيف يصنع
الرئيس هادي قراراته (2)

 السفير د. علي أحمد الديلمي*

 

 

يُعتبَر أبناء الرئيس عبدربه منصور هادي، خاصة جلال وناصر، ومدير مكتبه عبدالله العليمي وسفير اليمن في واشنطن أحمد عوض بن مبارك ورجل الأعمال أحمد العيسى وبعض من أفراد عائلة الرئيس وأبناء منطقته القوة الحقيقية التي يمارس هادي من خلالها السلطة لما لهؤلاء من تأثير في عملية صنع القرار. من جهة أخرى، لا تزال بعض القوى الحزبية المتحالفة مع الرئيس تمتلك بعض التأثير والنفوذ نتيجة توزُّعها مع قنوات الاتصال التابعة لها على المستويات الاجتماعية كافة في المجتمع اليمني من الأكاديميّين والأطباء والمهندسين ورجال الأعمال والطبقات الوسطى والدنيا والعمال وغيرهم. وقد استطاعت هذه القوى أن تخلق قنوات تواصل مع كلّ هذه الفئات من خلال وسائلها المعروفة كالنقابات والجمعيّات والاتحادات الشبابية والجامعات وغيرها من الوسائل المُجتمعيةالتي من خلالها تُمارس الضغوط السياسية لدعم القرارت التي يتمّ اتخاذها.ورغم ذلك اتّسمت الكثير من القرارات التي اتخذها الرئيس هادي بالفردية ما أدّى إلى إرباك الحلفاء. وفي هذا السياق، يؤكد كثيرون أنّ معظم القرارت كانت تخضع للمساومة وتوزيع المنافع والمناصب بين مصالح القوى السياسية وجماعة الرئيس كترضية سياسية، ويظهر ذلك في الكمّ الكبير من القرارات التي تمّ بموجبها تعيين معظم أبناء وأقارب قيادات الأحزاب المتحالفة مع الرئيس وقياداتالشرعيةمن وزراء وقادة عسكريين وأبناء مستشاري الرئيس وغيرهم في مناصب ومواقع دبلوماسيّة في مؤسّسات الدولة المختلفة وفي سفارات اليمن في الخارج.

من السهل على أيّ مراقب لعملية صنع القرار السياسي أن يلحظ كيف يستخدم رئيس الدولة موقعه من أجل خلق توازن مع الحلفاء المحليين،

وكيف تتحكّم الدائرة المغلقة حوله بصنع القرار الرئاسي حتى أصبحت معظم قراراته مثار جدل وتساؤلات.

بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل الدور الخارجي في التأثير على عملية صنع القرار بسبب الأوضاع التي يمر بها اليمن، حتى أنّ الحكومة الأخيرة أُثيرت حولها الشكوك أكثر من أيّ حكومة أخرى سبقتها، لا سيما بعد أن أصبحت بيئة صنع القرار بعيدة كلّ البعد عن النظام والمؤسّسات واعتماد مبدأ الكفاءة، وإن غُلِّفت بدور مؤسّسي، حيث تتدخّل القوى السياسية ومستشارو الرئيس في بعض القرارات، لا سيما تلك المتعلقة بالمؤسّسات الإيرادية واستيراد المشتقات النفطية والغذاء والصفقات التي تُجريها الحكومة من خلال إمبراطور الفساد الاقتصادي أحمد العيسى.

لقد أصبح قرارالشرعيةمشلولاً بعد أن بات محكوماً بالنزعة الفردية للرئيس وأبنائه وأعوانهم، ولا شك في أنّ التطورات السياسية التي يمرّ بها اليمن في الوقت الحالي تحتاج إلى إعادة بناء الدولة ومؤسّساتها وإجراء عملية إصلاح بنيوية شاملة مع مراجعة كلّ الإخفاقات، بما يحقق الأهداف التي يمكن لليمن بموجبها أن يكون فاعلاً في محيطه وعوناً لجيرانه في حفظ أمن المنطقة من التدخلات الإقليمية والدولية، لأنّ بقاء هذهالشرعيةالمتهالكة على رأس السلطة لن يؤدّي سوى إلى مزيد من الفساد والفوضى واللااستقرار في اليمن ودول الجوار.

*دبلوماسيّ يمنيّ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى