حديث الجمعة

الأخلاق ثمّ الأخلاق…

 

 

يُقال إنّ رجلاً أقدم على بيع جاريته لكنه سرعان ما بات ملتاعاً لفقدانها، وقد ظلّ ينبض في قفصه الصدري جمرُ الوجدِ الذي سرق منه الإحساس بوجوده وطرده من جنّة الشعور بالرضا..

هذا ما حدث مع رجل باع جاريته، فما الذي يحدث مع رجل يقدم على قتل زوجته وأولاده رغم تباين المثالين، إلّا أن قاسمهما المشترك انعدام الإنسانية..

لا يوجد مسوّغ على وجه البسيطة يبرر لرجل فعل قتل عائلته مهما كانت الأسباب التي دائماً ما يضعها له المجتمع ليبرر له فعلته، كيف استطاع هذا المارد أن يتحمل كمية الدم التي شاهدتها عيونه وانسابت بين أصابعه، كم أنت متناقض أيّها الإنسان!!

ألا يدرون أن الإنسان يموت بقبض الروح مرّة وبالفقد آلاف المرات، هم لا يدركون شنيع فعلهم إلّا بعد فوات الأوان!!

_ إيمانويل كانط_ الفيلسوف العملاق أكدّ على العلاقة بين العقل المحض والسعادة، كلّ فعل يقوم به الإنسان لا بدّ أن يترك في نفسه شعوراً ما، وما هذا الشعور الذي يترك في نفس من يقوم بفعل القتل؟ يبدو أنّ الصقيع تساقط في قلوبهم وأودى بمشاعرهم إلى الهلاك!!

فمن المستحيل أن يقدم إنسان يمتلك الإنسانية والأخلاق على فعل إجرامي كهذا، فالأخلاق هي الأساس أمّا الشهادات فهي تستخدم للوظيفة فقط..

في مجتمعنا الذي يختبئ خلف إصبعه، منهم من يبرر فعل القتل بأنّ المجرم قد يكون مختلاً عقلياً أو يتعاطى المخدرات أو الوضع المادي المزري الذي وصل له المجتمع قد يدفعه إلى فعل كهذا!!

والله، لا يوجد سبب يبرر فعل القتل سوى انعدام الأخلاق والإنسانية والمحبة، لإنّ المحبة إن انغرست في أعماق القلب تملأه سنابل تجود عليه بدفء يحيي الأرض الميتة!

اليوم وبأحداثه يظهر لنا وكأننا نعيش عالماً من الحياة الأقرب إلى شكلها البدائي، ذاك الذي لم يخلُ من حالة التوحش والعنف القاتل!!

إدارة النفس تحتاج إلى إرادة، إلى رضا بالحياة رغم منغصاتها، تحتاج إلى اجتهاد واشتغال كبير على النفس الأمارة بالسوء لتتجنّب الهلاك!!

عندما تضعك الحياة في مستويات تحسب بالسالب ينبغي أن يكون طموحك أن تتجاوز عتبه الصفر وتبلغ الموجب إن أمكن. أحياناً اللحظات التي يصل فيها الإنسان إلى درجة البؤس نتيجة ظروف الحياة تجعله يمتلك شجاعة تتفوق على الحياة المفروضة وعندها تبدأ لحظات التغير الجوهرية والعميقة نحو الأفضل وليس نحو انعدام الإنسانية!!

مهما كانت الظروف لا تترك الشرّ فيك يتغلب على الخير النائم.. عُدْ إلى رشدك يا إنسان قبل أن تتقن حالة التوحش الابتدائي..

 على الرغم من أنّ الرحمة جوهر القانون إلّا أن مع أمثالهم لا ينفع سوى تعليق حبل الإعدام..

صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى