ثقافة وفنون

المستشاريّة الثقافيّة الإيرانيّة في لبنان تنظّم مؤتمراً افتراضيّاً لمناسبة رحيل العالم الإيرانيّ محمد علي التسخيريّ رائد التقريب والوحدة بين الأديان

 

بمناسبة رحيل العالم الكبیر آية الله الشيخ محمد علي التسخيري، رائد التقريب والوحدة بين المذاهب والأديان اجتمعت شخصياتُ دينية بارزة، جمعيات ومجموعات دينية متنوعة، مثقفون ووجوه اجتماعية  من الأديان والطوائف كافة، في تأبينٍ جامع في الفضاء الافتراضي أقامته المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، فيَ وقفةَ إجلالٍ لخدمات الراحل.

في وصف مشهد التأبين الجامع التقت كوكبةٌ من الشخصيات العلمائية اللبنانية، الإسلامية والمسيحية، من مختلف المشارب الفكرية والسياسية والدينية، إلى لقاءٍ نخبويٍ جامعٍ في منتدى افتراضيّ عبر خدمة الزووم، لتأبين سماحة العلامة آية الله محمد علي التسخيري، تقديراً لجهوده الوحدويّة، ومواقفه الوسطية، ومساعيه الرائدة للتقريب بين مذاهب الأمة الإسلامية، وأطيافها الدينية الإسلامية والمسيحية.

يأتي اللقاء التأبينيّ وفاءً لآية الله العلامة محمد علي التسخيري، الذي قضى حياته وسخّر عمره خدمةً لحلم وحدة المسلمين وجمع كلمتهم والتقريب بين مذاهبهم، لاعتقاده الجازم أن قوة الأمة الإسلامية في وحدتها، وعزتها في منعتها، واستقلالها في اتفاقها، وحريتها في امتلاك قرارها وانعتاقها من شراك قوى الاستكبار التي تتربّص بها شراً.

عقد اللقاء التأبيني في مدينة بيروت المكلومة الجريحة، التي طالما ارتحل إليها الشيخ التسخيري حاملاً معه فكره، ومتوشحاً قلمه، ومتأبطاً كتبه ومؤلفاته، ومسكوناً بأحلامه وطموحاته، وقد أحب لبنان المقاوم وأهله، ووثق فيهم واطمأن إليهم، وأودعهم أمانته ورغبته، في أن يكون له دورٌ كبيرٌ وأساسٌ في وحدة الأمة وجمع كلمتها على قاعدة المقاومة، فحفظ له اللبنانيّون عهده، وأصروا على الوفاء له بالحفاظ على نهجه، والاستمرار في السعي لتحقيق هدفه، وهو الذي كان يتطلع إليه ويتمناه قبل موته.

أدار اللقاء التكريمي الذي حضره علماء، وأصحاب مقامات فكرية وعلمية الناشط والكاتب السياسي الفلسطيني الدكتور مصطفى اللداوي.

اللدّاوي

افتتح اللقاء بشريط عن سيرة الراحل التسخيري، ثم تقديم من مدير المؤتمر الكاتب الدكتور مصطفى اللداوي والذي حيّا الحضور، حيث قال «اليوم نلتقي في بيروت، في لبنان، في هذا الهامش الافتراضي، لنؤبّن رجلاً عالماً عظيماً، رجلاً له علينا حق التأبين، وحق الاعتراف، وحق الشهادة، إنّه العالم الكبير آية الله الشيخ محمد علي التسخيري، اسم علم، اسمٌّ يعرفه الجميع في كل مكان، بل سكان العالم الاسلامي، والمسيحيون قبل المسلمين يعرفون هذا الرجل، إنّه رائد التقريب والوحدة الاسلامية بين مذاهب الامّة الاسلامية، إنّه رجلٌ متعدد الصّفات والمناصب والمراكز والمهام.

خامه يار

الكلمة الافتتاحية كانت للمستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، الدكتور عباس خامه يار وقال: ربما لا يسعُني اليوم أن أٌقولَ الكثير في رحيل آية الله الشيخ التسخيري. فالمنبرُ اليوم لعباراتكم وخطاباتكم ورسائلِ قلوبكم التي ألفها هذا العالِم الكبير. جمعُكم هذا يبعثُ على الاعتزاز والفخر، ممثلي المرجعيات الدينية الثلاث في لبنان، من بكركي إلى دار الفتوى والمجلسِ الشيعي الأعلى، المؤسسات والجمعيات والمنظمات من كل الأطياف والمذاهب والأديان. يكبرُ القلبُ فهذا التأبينِ الذي يتجاوزُ حدودَ لبنان وإيران والذي يعبر الأطرَ المذهبية والطائفية والعرقية، هو خيرُ رثاءٍ للشيخ محمد علي «الإنسان»، الذي كان مقرِّباً في حياتِه وموحّداً، وبعد رحيلِه كان جامعاً شملَ الأديانِ في حفلِ تأبينِه. شكراً لهذه الفُسَيفَساء الجميلة التي يقدّمُها اللبنانيون لذكرى هذا الرجل، رغم كلِّ ما يمرُّ به وطنُهم ورغم الأسر الذي وضعتنا فيه أزمة الوباء. غير أنّكم حضرتُم في رثاء هذه الشمس. وكما يقول مولانا جلال الدين الروميّ:

« آفتاب آمد دليل آفتاب        كر دليلت بايد ، از وي رو متاب

أي أنّ حقيقة العشق لا يمكن إدراكُها إلا من خلال تجربة العشق، تماماً مثلما الشمسُ لا تحتاجُ إلى دليلٍ آخر للاستدلال عليها. فوجودها بذاته يكفي لمعرفتها. كذلك وجودُكم اليوم يدلّ على مكانةِ شيخنا التسخيري، وأضاف الدكتور عباس خامه يار أنّ من أرادَ معرفةَ هذا الرجل ومسيرتِه كاملةً، فلينظر إلى اجتماعِنا اليوم، فهو خيرُ ما يختزلُ تاريخَ شخصية آية الله التسخيري.

وتابع  الدكتور عباس خامه يار: ربما قلتُ كلَّ ما أحببتُ قولَه في هذا الرجل بعد معرفتي به على مدى أربعةِ عقود، والتي كانت معرفةَ مريدٍ بشيخِه وأنيسِه الذي يهربُ إليه كلما احتاجَ إلى نصيحةٍ، وقد كتبتُ عنه بالفارسية والعربية مقالةً بعنوان «التسخيري، من الصومعة إلى الدير ومن الكنيسة إلى المسجد» والتي نُشرت في إيران ولبنان منذ أيام، وكانت فيها كلُّ عاطفتي ومحبتي وامتناني لهذا العالِم القدير، غير أنّ اجتماع الأحبة اليوم بذاتِه يجعلَني أراه بعيونٍ أخرى. أراه في قلوب كافة الأطياف والأديان، ويا لِكَثرةِ ما يمكنُ قولُه بعد عن شيخِنا الجميل الجليل بعد هذا الاحتفاء الجماهيريّ العزيز

ثم استشهد المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار ببيتٍ من الشعر لعبد الرحمان الجامي الشاعر الفارسي يعبّر عن المقام.

أبو كسم

ثم ألقيت كلمة باسم  بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة الكاردينال بشارة بطرس الراعي تلاها ممثله الأب الدكتور عبدو أبو كسم رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام، أبرز ما جاء فيها: من يطّلع على مسيرة الراحل الكبير، يتبين له أنه كان عالماً في الدين كما في الثقافة والعلم، وكان بحكمته يوازي بينهما في خدمة تعزيز الحوار بين الشعوب والتقريب في ما بينها، ليجعل من الانسان محوراً أساسياً في تعزيز القيم الدينية والانسانية التي تساهم في تطوير المجتمعات، لترقى الى مستوى من الانفتاح والتلاقي، وذلك انطلاقاً من الدين، بمعنى أنه جعل من الأديان منصّة للانفتاح بعيداً عن التقوقع، جعل منها منصّة بعيداً عن التعصّب، منصة للحوار بعيداً عن التقاتل، وجعل منها واحة للسلام بعيداً عن كلّ أشكال الحروبكما أن مسيرته الدينية والثقافية التي تجلّت في مقالاته ومؤلفاته العديدة والقيّمة تشهد على فكر هذا الراحل الكبير الذي اختار التقريب بين المذاهب والأديان ونشر ثقافة الإخاء بين الناس، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، مؤكداً أن اصحاب النيات الطيبة يستطيعون نشر ثقافة الاخوة والتلاقي في سبيل تعزيز ثقافة السلام بين الشعوب».

ممثل سماحة مفتي الجمهورية الشيخ  الدكتور عبد اللطيف دريان فضيلة الشيخ بلال محمد الملا تقدّم باسم مفتي الجمهورية اللبنانية من عائلة الشيخ محمد علي التسخيري، بأصدق عبارات التعازي برحيله، سائلا الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته.

الخطيب

نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، سماحة الشيخ علي الخطيب قال خلال كلمته: مع إيماننا ويقيننا بأن الموت حقّ نفتقد الآن برحيله الدور المميّز الذي لعبه رضوان الله عليه في ساحة من أهم ساحات العمل الإسلامي والإنساني ألا وهي مسألة الوحدة والتقريب بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم وهي مسألة طالما شكّلت الهم الأساس للقادة والمفكّرين المسلمين. وأبرز عوامل الانحدار والتخلّف كانت عوامل المذهبية المقيتة والعصبيات الطائفية البغيضة حيث طفت على السطح الطفيليات التي تتغذى وتعيش على حجب المشتركات وإبراز التناقضات وبهذا شُغِلَت الأمة بنفسها عن مصيرها وعن القضايا الأساسيّة التي تهدّد كيانها ووجودها. وقد أدرك شيخنا العلامة (رحمه الله) هذه الحقيقة ومدى أهمية الدعوة التي أطلقها الإمام الخميني (قدس) في العمل على الوحدة بين المسلمين وتعزيز المشتركات بينهم وإبرازها وإعطائها الحَيِّزَ الأهم في حركة الوعي الإسلامي العام وقد بذل رحمه الله جهداً كبيراً ومميزاً على هذا الصعيد لما كان يمتلكه من مؤهلات علميه وثقافية وقدرة على الحركة والإبداع التي تظهر جلياً في سعة دائرة العلاقات ودائرة مساحة حركته العربية والإسلامية والمؤتمرات، والمراكز التي تبوأها على الصعيد الثقافي والمهماتُ التي أسندت إليه طوال هذه الفترة من عمره الشريف يؤكدُ ما ذكرناه.

وأضاف الشيخ علي الخطيب: إن الحركة بهذا الاتجاه لن تكون سهلة ودونها عقبات كثيرة وتُخاض في وجهها حروب أقسى وأخطر من الحروب العسكرية والاقتصادية وتُرصَد لها ميزانيات كبيرة ويُسَخَّرُ في سبيل ذلك جيش جرار من الإعلام والبرامج التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي وغرف سوداء لقلب الحقائق وتشويه الوقائع. لذا فإن هذه المعركة بحاجة إلى مزيد من تحريك الطاقات وابتداع الوسائل وتطويرها كي يصبح هناك تكافؤ في الإمكانات لخوض هذه الحركة بنجاح. كما أثبتت الحقائق والأحداث التي مر ويمر بها العالم العربي والإسلامي من تفجرات طائفية كادت تقضي على كل شيء.

وشدّد الشيخ الخطيب على أن الطاقات الروحيّة الكبيرة التي تمتلكها هذه الأمة كانت توجه دائماً  للأسف من أجل تدميرها بأيدي أبنائها، كما حصل ويحصل اليوم في كثير من بلدان العالم العربي والإسلامي على أيدي الحركات التكفيريّة بواسطة أنظمة وقيادات تخدم أعداء الأمة وهي عملية تتكرر في كل فترة زمنية اتقاء من خطر تفجّرها في وجهها ولو أن هذه الطاقات وجهت التوجيه الصحيح لما أُتِيحَ للعدو الإسرائيلي أن يسجل اليوم هذا الاختراق للعالم العربي ويفتح الأبواب مشرَّعة أمام التطبيع العلني بعد أن كان من وراء الستار.

وختم قائلاً: علينا مضاعفة الجهد في العمل على الوعي لشعوبنا والخروج من الحالة الكلاسيكية والنمطية في التعامل مع هذه القضية بالاستعانة بأصحاب الإختصاصات والكفاءات لوضع الآليات والبرامج وفق تخطيط دقيق لمجابهة التحديات والوصول إلى نتائج عملية محققة وهذا يحتاج إلى إيجاد المؤسسات وإعتماد مراكز للدراسات المتخصصة والاستعانة بالدراسات الاجتماعية والنفسية والإعلامية والعقائدية والثقافية وإنشاء مراكز إقليمية ووطنية للتعامل وفق ما تقتضيه الظروف بدل اعتماد العمل الفردي والعشوائي والمركزي وغير المتخصص لأن هذا مضيعة للوقت والمال والجهد.

من جهته أمين عام القمة الروحية الإسلامية المسيحية، الدكتور محمد السماك رأى أن العلّامة الفقيه الشيخ محمد التسخيري، لم يكن مجرد زائد واحداً الى عدد العلماء المسلمين الذين اهتموا بالوحدة الاسلامية، كان نسيج وحده من حيث ايمانه بأن الاختلاف يجب ان لا يؤدي ويجب ان لا يعني الصراع، وانّما الاجتهاد الفكري هو التعدد والتنوع في إطار الايمان الواحد، لذلك كانت مبادراته تلقى كثيراً من التعاطف والتفاهم وأحياناً كثيرة من الايجابيات.

أما الشيخ ماهر حمود فقال في كلمته: في الحقيقة أن الراحل الكبير قد حقق نموذجاً مميزاً، ينبغي على علماء العالم الإسلامي والدعاة الإسلاميين، وكل العاملين في الحقل الاسلامي ان يتخذوه منهجاً، ذلك أنه جعل انتماءه المذهبي والقومي انتماء علمياً أو انتماء عضوياً، ولكن لم يجعله أولوية في العلاقة مع الآخرين، ولا شعاراً للصراع مع الآخرين، ولم يكن من اولوياته ان يتحدّث عن مذهب او يتحدّث عن قومية ما. والطف ما فيه أنه يتكلم العربية افضل من الفارسية، يكتب ويخطب فيها أفضل من اللغات الأخرى. لقد كان دوره مميزاً جداً في الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، وكان الجميع يعوّل على رأيه، خاصة عندما أصبح نائباً للرئيس، وكان يجول البلاد وينشر فكرة الوحدة، ويهيئ الأمّة لخطوة جديدة.

جرجور

أما امين عام الفريق العربي للحوار الإسلامي ــ المسيحي القس الدكتور رياض جرجور فاعتبر أنه برحيل الأمين العام السابق للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، آية الله الشيخ محمد علي التسخيري في العاصمة الإيرانية ـ طهران ، نخسر عالماً كبيراً كان داعية للتوافق بين السنة والشيعة ومناهضاً للتكفير داخل اطار العالم الاسلامي بمذاهبه المتعددة.

كما كانت هناك كلمات عديدة:

كلمة الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية ابراهيم المصري.

رئيس اللجنة الأسقفية للحوار الإسلامي المسيحي الأباتي أنطوان ضو

الشيخ الموعد.

منسق عام جبهة العمل الإسلامي في لبنان الشيخ زهير جعيد.

مسؤول المكتب الثقافي المركزي  لحركة أمل الشيخ المفتي حسن عبدالله.

رئيس الهيئة الإدارية في  تجمع العلماء المسلمين الشيخ حسان عبدالله.

أمين عام حركة التوحيد الإسلامي الشيخ بلال شعبان.

أمين عام ملتقى الأديان والثقافات للحوار والتنمية، سماحة الشيخ حسين شحادة.

رئيس جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، الشيخ الدكتور أكرم بركات.

أمين العام مؤسسة العرفان الدرزية الشيخ الدكتور سامي أبو المنى.

المطران سيبوه سركيسيان ألقى كلمة بإسم كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الأرثوذكس البابا آرام الأول كشيشيان.

السيد الدكتور جعفر فضل الله.

مطران جبل لبنان للسريان الأرثوذكس مارثيوفيلوس جورج صليبا.

الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي، معن بشور.

سماحة السيد علي السيد قاسم رئيس مركز حوار الأديان والثقافات  في لبنان وعضو الأكاديمية الحبرية المريمية في الفاتيكان.

الإعلامي الدكتور يحيى أبو زكريا من  قناة الميادين.

يوسف نور الدين تحدث باسم المجموعة اللبنانيّة للإعلام.

 الدكتور طلال حاطوم مدير عام إذاعة الرسالة.

رئيس مجلس الأمناء في «تجمّع العلماء المسلمين» في لبنان الشيخ أحمد الزين. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى