أولى

«الاتفاق الإطار»… ما له وما عليه

 زهير فياض

مسألة ما يسمّى «الاتفاق الإطار» وما سينجم عنه من مفاوضات غير مباشرة بين لبنان والكيان الاستيطاني الغاصب برعاية ما يسمّى «الأمم المتحدة»، هذه المسألة أخذت جدلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المنتديات السياسية واللقاءات على أنواعها، وكانت لها قراءات من جوانب مختلفة بعضها محقّ في ما طرح من هواجس وحرص على أن لا يشكل التفاوض غير المباشر و»الاتفاق الإطار» مدخلاً للتطبيع مع العدو الغاصب لفلسطين المحتلة، أو مقدّمة لحركة تطبيع ما سياسي أو غير سياسي، والبعض الآخر تطرق إلى الموضوع من باب المزايدات التافهة، إذ انّ هذا البعض لم يسجّل له التاريخ موقفاً مقاوماً أو طرحاً جذرياً أو مقاربة عميقة لجوهر الصراع مع كيان غاصب استيطاني يشكل تهديداً للبنان ولكلّ أمتنا في كلّ كياناتها ودولها، هذا البعض قارب الموضوع من زاوية الغمز على  نهج المقاومة وأطروحاتها وإنجازاتها وأهدافها بغية تثبيت وجهة  نظر تحاول جاهدة تصوير نفسها أنها تجسّد الحرص على فلسطين وعلى المقاومة وعلى تأكيد حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه، فيما هي في حقيقة الأمر وارتكازاً على المسار والمواقف والأحداث أكثر من يهرول باتجاه التطبيع والتسليم والمصافحة والاعتراف، وأكثر من يسوّق لأطروحات الواقعية والتسليم بالأمور المفعولة.

لذا، وحسماً لأيّ جدل، يهمّنا أن نضيء على ما يلي:

1 ـ في الوقائع التاريخية والسياسية:

 في العام 1916 تمّ تقسيم بلادنا الى كيانات سياسية هزيلة لا تمتّ الى إرادة الشعب بصلة، وتمّ تركيز نزعات كيانية بأنظمة سياسية واقتصادية واجتماعية متضادّة لتعميق الشرخ بين أبناء الأمة الواحدة والمجتمع الواحد في المدى القومي والاستراتيجي المفترض.

2 ـ في العام 1917 كان «وعد بلفور»، وعد من لا يملك لمن لا يستحقّ، وكان هذا الوعد مدخلاً لاغتصاب فلسطين وتهجير أهلها واحتلالها من النهر إلى النهر كمرحلة أولى من مراحل إنشاء ما يسمّى «دولة إسرائيل» التي تمتدّ حسب الخطة الصهيونية لتشمل محيط فلسطين، أو المنطقة الجغرافية المعبّر عنها بالهلال الخصيب.

3 ـ منظمة الأمم المتحدة كما سابقتها «عصبة الأمم» هي منظمة الأمم المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وهي تمثل أشكالاً متحركة تجسّد واقع التوازنات الدولية في العالم.

4 ـ ما يسمّى «المجتمع الدولي» هو الأكذوبة الأكبر والأكثر انتشاراً في عالمنا المعاصر، وهي أكذوبة لا تسمن ولا تغني من جوع. وهي أسطوانة ممجوجة ترقى إلى مستوى «لغة خشبية» لطالما اتهمت المقاومات في العالم أنها تتحدّث بها.

5 ـ إذا كانت المفاوضات الغير المباشرة تحقق إمكانية استفادة لبنان من ثرواته النفطية والغاز وما شاكل، في ظلّ عدم القدرة حالياً على استخراج هذه الثروات بحماية قوّتنا الذاتية سواء الرسمية أو سواء من خلال المقاومة، وإذا لم يكن من ورائها أية أهداف أخرى غير معلنة، فهذه المسألة لن تكون نهاية الكون، إذ انها ليست الأولى من نوعها فقد شهدنا بعد العام 2000 مفاوضات غير مباشرة لترسيم الحدود البرية (بين هلالين طبعاً)، لأننا لا نؤمن بهذه الحدود أصلاً، ولم تؤدّ في زمانها إلى أيّ اعتراف بالكيان الغاصب

الخلاصة، هذا الكيان الاستيطاني اليهودي هو كيان غير طبيعي لا في النشأة ولا في الاستمرار، وهو كيان غير قابل للحياةوسنزيله ولو بعد ألف عام

أما الاتفاقيات والمعاهدات التي تفرّط بالحق القومي فهي  لا تساوي الحبر الذي كتبت بهوعندما تنهض الأمة على كلّ المستويات العلمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية سيكون مصير هذه الاتفاقيات والمعاهدات سلة المهملات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى