حديث الجمعة

لنتحرر منها.. وإلى الأبد

المعتقدات التي تُبنى على التخيّلات والقصص الواهية هي خرافات، وقد أضحت هذه الخرافات جزءاً لا يتجزأ من التراث البشري، كما صاحبت هذه الخرافات والأساطير الأنسان منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا، رغم كل التقدم الذي نزعم أننا وصلنا إليه.

عندما تقدّم الخرافات على أنها حقائق هو شيء فظيع، لأن العقل عندها قد يصدّقها ولا يمكن حينها التخلص منها إلى الأبد. والأسلاف لم يأتوا بالخرافات لأنهم كانوا أكثر جهلاً وبساطة بل لأنهم افتقروا إلى العديد من الطرق الملموسة للتأثير على نتائج البقاء على قيد الحياة في حياتهم، حيث قدمت وساهمت تلك الخرافات كطريقة للشعور بمزيد من التحكم، كما نفعل الآن من خلال ابتداعنا شخصيات أسطورية في الأفلام والمسلسلات والروايات.

على سبيل المثال: تقليم أظافرك ليلاً سيجلب لك الحظ السيئ هو اعتقاد شائع في الهند، ويبدو أن كثيراً من الدول العربية تؤمن بمثل هذه الخرافة. ووفقاً لأسطورة تركية، فإن العلكة التي يمضغها الشخص في المساء تتحوّل إلى لحم ميت، لذا ينصح الناس بشدة بعدم مضغ العلكة بعد حلول الظلام في هذا البلد. يبدو أن العلكة تخاف من الظلام!!

لقرون طويلة تداول الناس خرافات هي مثل الأساطير حول العفاريت والحيوانات التي تتقمّص شخصية الإنسان وتتكلم مثله، كما في رواية ((ألف ليلة وليلة)) وإلى يومنا هذا الكثير مسحور بأساطير متعددة مثل (الرجل الوطواط) و(سوبر مان) وغيرهما.

بعض الخرافات بدت حقائق ومسلمات يصعب التخلص منها وإيمان الإنسان بالخرافات والأساطير يعود إلى الرغبة الفطريّة الموجودة داخل العقل البشريّ الذي تدفعه إلى سبر أغوار المجهول، فيشبع فضوله بقراءة صفحات الأبراج وتصديق الكثير من القصص الغريبة والمبتدعة حتى ينام على وسائد من الأحلام الوردية والأمنيات الخادعة التي لا تمتّ للواقع بصلة. والبعض يُعزى ذلك إلى تلك الرغبة الدفينة في النفس البشرية إلى الارتقاء والتطور واكتساب القوة اللامتناهية وتحقيق كل ما نحلم به، فتعمل مخيلتنا على ابتداع شخصيات خارقة ووقائع خيالية تشبع فيها تلك الرغبة في التميز والارتقاء!! ويمكن للأشخاص الذين يعانون من حالات صحيّة معينة مثل اضطراب القلق العام أو غيره أن يتأثروا بالخرافات سلباً. فالخرافات التي تدفع المرء للخوف من القطط السوداء أو تلك المرتبطة بالنظافة الشخصيّة قد تخلق عند البعض وسواساً قهرياً وخوفاً يمكن أن يؤثر سلباً على صحتهم.

في أيامنا هذه البعض يناضل للتحرّر من الخرافات، والبعض الآخر يناضل لتحرير الخرافات. ولقد ثبت وبالدليل القاطع أن العلم هو العلاج الوحيد الذي يقضي على الخرافات.

صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى