نقاط على الحروف

إيران إلى السلاح النوويّ…
خيار جدّيّ

 ناصر قنديل

خلال سنوات نجحت إيران، وهي تتقدّم في التكنولوجيا النووية وتؤسس للتقدم في تكنولوجيا الصواريخ، حتى بلغت فيها المدى المتقدم، بأن تدع أميركا تلهث وراءها، بينما وجهة إيران السياسية ليست نووية ولا صاروخية. فعلى الصعيد السياسي يشكل البرنامج النووي والبرنامج الصاروخي لإيران توأمين، الأول هادف للتقدم الاقتصادي والاجتماعي باستخدام التقنية النووية في مجالات متعددة، لكنه صاحب قيمة استراتيجية عالية في العيون الأميركية لما يوفره من فرصة للتحول الى برنامج نووي عسكري، والثاني لحماية التقدم في الأول، فالصواريخ الإيرانيّة هي الدرع والحصن لحماية البرنامج النووي، بجعل التفكير بضرب هذا البرنامج عسكرياً خارج البحث، خصوصاً أن البرنامج الصاروخي الإيراني الذي بلغ مراحل القدرة على إصابة كل المواقع الأميركيّة المنتشرة في دائرة شعاعها 2000 كلم، هو البرنامج ذاته الذي تنتقل تقنياته الى قوى المقاومة والذي يجعل مع الصواريخ الإيرانية أمن كيان الاحتلال والحكومات التابعة لواشنطن في دائرة الخطر، فإذا كان البرنامج النووي الإيراني استراتيجياً بعيون واشنطن، والبرنامج الصاروخي الإيراني درع حمايته من الاستهداف، فما هو الاستراتيجي بعيون طهران؟

خلال عقود التقدم في البرنامج النووي وتالياً البرنامج الصاروخي، كانت واشنطن تفاوض وتوقف التفاوض، وتكتشف عندما تعود للتفاوض ان البرنامج الإيراني حقق تقدماً جديداً نوعياً تغيّرت معه شروط التفاوض، وفقاً لما قاله الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، مستنداً الى ذلك في دعوته لعدم المخاطرة بالعودة للضغوط والانسحاب من التفاوض دون توقيع الاتفاق الممكن. وخلال هذه العقود كان ولا يزال الهم الإيراني الاستراتيجي الأول هو بناء طوق صاروخي متين لقوى المقاومة قادر على حصار كيان الاحتلال. وكلما توهمت واشنطن أن الإفراج عن الأموال الإيرانية ورفع العقوبات سيتكفلان بتخلي إيران عن طريق طهران بغداد دمشق بيروت، أو بالتخلي عن أنصار الله في اليمن، كانت تكتشف العكس، حتى وصلت إدارة أوباما إلى الاقتناع بالتساكن مع هذه الاستراتيجية والرهان على احتواء تصاعدها من خلال الانخراط بتسويات موضعية في ساحات الاشتباك، تحوز رضى الأطراف المحلية، قبل ان تصل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، الى الرهان على العودة للضغوط تلبية لتعهدات إسرائيلية سعودية بقلب الطاولة، لينتج عن ولاية ترامب ولادة شروط جديدة للتفاوض، فما هي؟

قال الرئيس أوباما إنه تبلغ من وسيط موثوق مع إيران، بأن الاستناد إلى فتوى الإمام علي الخامنئي بتحريم إنتاج سلاح نووي لمواصلة الضغط على إيران قد يؤدي لتغيير الفتوى بالسماح بإنتاج سلاح نووي، وحصر استخدامها بالدفاع عن إيران بوجه هجوم نوويّ، وما قاله وزير الأمن الإيراني قبل يومين عن احتمال ذهاب إيران لإنتاج سلاح نووي، يؤخذ على محمل الجدّ لأن إيران عندما تعلن عن فرضية لا تفعل ذلك تفاوضياً إلا وقد امتلكت كل مقوّماتها، وبات سيناريو تطبيقها متاحاً، وهذا مغزى إضافي لتوأمة البرنامج النووي مع البرنامج الصاروخي، ليشكلا معاً مشروعاً ينال القيمة الاستراتيجي بعيون طهران في هذه الحالة. حالة تردّد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في العودة السريعة للاتفاق النوويّ من دون تعديل ومن دون شروط إضافية، والمبادرة الى رفع العقوبات.

في حال سلكت المواجهة هذا السيناريو، الذي تبدو طهران قد أعدّت له جيداً، يصير التفاوض وفقاً لما قاله اوباما، أشد تعقيداً فلن يكون متاحاً لأحد عندها الحديث مع إيران بعروض تفاوضيّة أقل من ربط إنهاء البرنامج العسكريّ النوويّ الإيراني إلا بالتزامن مع إنهاء البرنامج النوويّ العسكري الإسرائيليّ. وهذه هي القيمة الاستراتيجية الجديدة، التي تستعدّ لتحقيقها إيران، والتي تمنحها واشنطن المشروعيّة كلما عقدت سبل العودة للاتفاق الأصلي، الذي لا تملك إيران أن ترفضه إذا عادت إليه أميركا مرفقاً برفع العقوبات، تحت عنوان عودة الطرفين الى ما قبل إجراءات ترامب التي مهدت لإيران طريق بلوغ هذه المرحلة من الاقتدار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى