أخيرة

دردشة

في الأول من آذار…
كتاب مفتوح إلى الزعيم سعاده
يكتبها الياس عشّي

 

حضرة الزعيم…
منذ أن صادروا الحناجر من الشوارع، فقدتُ شهيّة الكلام، وشهيّة الصراخ، وانزويت أطالع الوجوه الرخامية المالئةَ كلَّ الفضائيات العربية، بدءاً من «الجزيرة» وانتهاءً بفضائيات صار الملوك والأمراء رؤساء تحرير لها.
لو ترى، يا حضرة الزعيم، كم أنّ شوارع المدن العربية صارت خاوية إلّا من رجال وأتباع يروّجون لملوكها وأمرائها ورؤسائها، ويرفعون الهياكل لعبادتهم.
تصوّر يا حضرة الزعيم، كم نحن أغبياء ومسطحون عندما نرى شوارع العالم تصرخ في وجه أميركا ـ روما الجديدة، بينما شوارعنا صامتة صمتَ القبور، وندواتنا فارغة كهياكل وثنية، وخطبنا جوفاء، وكلامنا مزوّر.
وحدها المقاهي، أيها الزعيم، مليئة برائحة النراجيل، ورائحة العفونة. كيف تناسينا الشارع السوري في الأربعينات والخمسينات والستينات، وحتى في السبعينات؟
يومها كان الشارع، يا حضرة الزعيم، مزدهراً، والسجون مزدهرة، والوطن مزدهراً. والله لو عدتَ إلينا اليوم لهدمتَ الهيكل على رؤوسنا، ولكنتَ أول الواصلين إلى الشام… إلى فلسطين… لتحمي شعبيهما بصدرك.
ولكن… ماذا تفيد «لو»؟
فالمثقفون تقاعدوا، أو دجّنوا، أو سكنهم الرعب؛ وهم في غيبوبة إلى أن يُقتل آخر طفل في فلسطين، أو في الشام، ويبدأ الإيقاع لسايكس ـ پيكو أخرى.
أرأيت، يا حضرة الزعيم، كم أنّ العودة إليك صارت ضرورة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى