أخيرة

دبوس

التوازن النّاري

 

 

المقدرة على رمي العدو بأكبر كمية من النيران، في أقلّ فترة زمنية ممكنة، هذه هي العقيدة العسكرية «الإسرائيلية» التي بهرتنا في الماضي، وظننّا عن جهل أو بسبب الاستحواذ الذي استولى على عقولنا، وخاصة بعد النتائج المذهلة والحاسمة والسريعة التي تمكن هذا العدو من إنجازها حينها، ومن خلال التفوّق التقني الذي حظي به، ليس فقط في إلقاء كميات مريعة من النار علينا بوسائط متطورة، ولكن أيضاً في الدقة التي كان يصيب بها الأهداف الموضوعة، فظننّا إلى حين، وتحت إلحاح التظهير الإعلامي الذي يتمتع به الكيان، انّ وراء هذه النجاحات العسكرية الباهرة، عبقريات قلّ نظيرها، وندر مثيلها…
لكن، مع مرور الوقت، ومع ظهور مقاومات وقوى غير مرتهنة للبروباغندا الصهيونية الأنغلوساكسونية، وهي أيضاً تمتلك قدراً كبيراً من الثقة بالذات والإدراك الحقيقي لقدرات العدو ومناطق قوته ومناطق ضعفه، وكذلك المقدرة الدقيقة على تقييم مناطق القوة والضعف للذات، وكذلك الذكاء الكافي لتطوير الإيجابي من القدرات الذاتية، وترميم وتقويم مناطق الضعف، وأكبر دليل على ذلك انّ قوى المقاومة وقياداتها العبقرية، تمكنت، وعلى مدار السنين، من خلق حالة من التوازن في كمية النيران التي سيتمّ رميها على العدو، مقابل قدرة العدو على إلقاء ما اعتاد عليه في السابق، من كميات هائلة من النيران، وتدمير البنى التحتية، وإلحاق الخسائر الفادحة بالمدنيين للضغط على القوة المقابلة لقبول ما يمليه علينا…
الآن، نستطيع ان نطيح بكلّ بنيته التحتية، خاصة أنّ عمقه الاستراتيجي متضائل، نستطيع ان نستهدف كلّ كيلومتر مربع من منطقة الكبد في هذا الكيان، وهي منطقة الحياة بالنسبة إليه، بما لا يقلّ عن مئة صاروخ تحمل مئات الكيلوغرامات من المتفجرات في كلّ صاروخ، بما يعني ببساطة، دماراً مطلقاً لكلّ وجوده…
ذهب الزمن الذي كان باستطاعة هذا العدو القاتل ان يصول ويجول بسلاحه الجوي، ويدمّر ما يشاء من دون ردّ، سيُصار الى تمزيقه إرباً إرباً انْ هو حاول إحياء أحلام الماضي، لقد حققنا التوازن في منطقة القدرة على التدمير، وإذا أحجم عن ذلك بسبب مقدرة الردع التي راكمناها، فإنّ عنصر الروحية والمقدرة على التضحية سيقفز ليصبح عنصر الحسم، ومن هنا يكمن مقتل هذا العدو في ايّ حرب شاملة قادمة، فنحن أسياد الروحية والقدرة على التضحية والصبر الاستراتيجي، سنأكلهم، كما قال أحدهم، بدون ملح، رغم قذارة ونجاسة لحمهم.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى