أولى

ملاحم كفاح الشعب الجزائري كأنّ التاريخ يُعيد نفسه…*

‭}‬ رشيد بلباقي**
نُحيي اليوم، الذكرى 62 المُخلدة لمظاهرات 17 أكتوبر 1961، لنَـسترجع من خلالها تلك المَجازر النَكراء التي اِقترفها المُستعمر الآثم الغاشم وبِكلّ وحشيةٍ في حق أبناء الجزائر الأبرياء العُـزّل في المَهجر وهي الذكرى التي لا تُنسى من ذاكرتنا أبداً.
وَجَب علينا، نحن جِيل الاستقلال، أن نتذكّر هذا الحدث التاريخي الدامِي ليوم 17 أكتوبر 1961 أين اِرتكبت الآلة الاستعمارية الفرنسية الهَمَجِية مجزرة رهيبة ضِدّ الجزائريين الذّيـن خرجوا للاحتجاج، في مظاهرة سِلمية بباريس، تلبية لنداء جبهة التحرير الوطني، ضِدّ حظر التِجوال الذي فَرضته السُّلطات الفرنسية آنذاك، والتي قُوبِلت بقمع كبير وبكلّ وحشيةٍ من طرف الشرطة الفرنسية، وعلى رأسها السفّاح موريس بابون، أين تمّ قتل بعضهم وإلقاء جُثَــث الكثير منهم في نهر «السين».
وتُعتبر هذه المجزرة الأكثر عُنفاً من قبل المُستعمِر في التاريخ المعاصر مع فرضه لِرقابته على كلّ وسائل الإعلام ومنعها من تغطية أحداثِها ونشِر صُورها نهائياً تغطية لجرائمه النكراء.
وبهذا الصدد، أَوَدُّ أن أَقُول وكأنّ التاريخ يعيد نَفسَه، بالنظر إلى الأوضاع المأساوية الراهنة للشعب الفلسطيني الشقيق، وما يَعيشه إِخواننا في القطاع في هذه الأيام، وما تَعيشُه مدينة غزة الشهيدة المُحاصرة من أَبسط ضروريات الحياة ولِعملية الإبَادةِ الجماعية والتَرحيل القَصري التي تَرتَكِبها قُوات الاحتلال بالأراضي الفلسطينية، وبِهذه المُناسبة نُؤكد تضامننا الكامل مَع الشعب الفلسطيني المُناضل في هذه الأوقات العصيبة.
لقد اِلتَحق شُهداء الـ 17 من أكتوبر 1961 بإخوانهم الذّين سبقوهم بالشهادة ممن ضحوا بالغالي والنفيس من أجل استقلال الجزائر والتخلص من الظلم الاستعماري ونيره منذ أن وطأت
(التتمة ص6)
قدماه أرض الجزائر الطاهرة، ولا شك أنّ بطولاتهم سَتبقى جديرة بالتخليد والتأسي بها، كما تظلّ خصالهم النبيلة عنواناً للإيثار ونُكران الذات وحب الوطن فهم من صنعوا مجد الأمة ورفعوا راية الكرامة والحرية عالية خفاقة.
إنّ هذه التَضحيات ستظلُ مَرجِعاً مُشرفاً وشاهداً على ارتباط أبناء الجزائر بوطنهم وهي صفحة أخرى من ملاحم كفاح الشعب الجزائري عبر الحقب ذوداً عن أرضه الطيبة المباركة وهويته الضاربة في أعماق التاريخ وترسيخا لوحدتها.
وما وقوفنا في هذا اليوم إلاّ عِرفاناً بالتضحيات الجِسَام التي قدّمها أبناءُ الجزائرِ في الدّاخل والخَارج لاسترجاع الاستقلال والحُرية المَسلوبة، وسَتبقى هذه المَحطة من تاريخ ثورتنا المُظفرة خالدةً أَبَدَ الدّهرِ، وفُرصة للترحُم على أرواحِهم الزَكِية الطَاهرة وكُل شُهداءِ الثورة التحريرية المُباركة.
تحيا الجزائر حرة رائدة قوية
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
*ألقيت خلال لقاء مع أبناء الجالية الجزائرية المقيمة
في لبنان بمناسبة إحياء الذكرى 62 المخلدة
لمجازر 17 أكتوبر 1961
**سفير الجزائر في لبنان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى