مقالات وآراء

فعلها أحفاد مانديلا بعدما تخاذل العرب

‬ وفاء بهاني

أصدرت المحكمة العدل الدولية قرارها الأوّلي بالدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضدّ الكيان الصهيوني بخصوص الاعتداءات على المدنيين العزل، معتبرةً إياها إبادة جماعية، وعلى الرغم من عدم صدور قرار فوري بوقف اطلاق النار، فقد أمرت المحكمة بستة إجراءات يجب على الكيان الصهيوني الالتزام بها.
انتقدت الحكومة الصهيونية بشكل حادّ هذا القرار، ولكنها ربما نظراً للضغوطات الأميركية، قللت من لهجتها ومنعت نتنياهو ووزراءه من الإدلاء بتصريحات عدائية. بدأت بالإشارة إلى إمكانية إجراء محاكمة قضائية ربما تفضي الى إدانة الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم إبادة جماعية، بينما لم تقم المحكمة بتوجيه أوامر بوقف النار أو إعادة النازحين الفلسطينيين في غزة إلى ديارهم.
تباينت آراء الفلسطينيين حول مدى أهمية القرار، حيث اعتبره البعض انتصاراً تاريخياً، بينما اعتبره آخرون مجرد كلام. لم يحقق القرار كلّ ما يرغب به الفلسطينيون، ولكنه وضع القضية على الخريطة الدولية.
يُعتبر العالم قرار المحكمة انتصاراً واضحاً لفلسطين وهزيمة للكيان الصهيوني، إذ أسقطت المحكمة الدعوى الصهيونية بعدم الاختصاص، وقرّرت استمرار المناقشة حول الإبادة الجماعية، وأصدرت سلسلة من الإجراءات التي تضع الكيان الصهيوني تحت المراقبة الدولية.
وقد دعم قرارات المحكمة الأمين العام للأمم المتحدة ومحاولة تحويلها إلى قرار دولي ملزم، وقد أظهرت وسائل الإعلام العالمية تبايناً في تفسير القرار، حيث أشارت شبكة «سي أن أن» إلى عدم صدور أمر بوقف إطلاق النار في غزة، بينما أكدت «بي بي سي» على ضرورة منع الإبادة الجماعية في غزة، وركزت على أمر القضاة بذلك.
بينما أكد محرر الأخبار في «بي بي سي»، جيريمي بوين، على أهمية الحكم لجنوب أفريقيا وكانت هزيمة للصهاينة، مشيراً إلى تصريحات رئيسة المحكمة بأهمية تغيير طبيعة الحرب الصهيونية.
وبيّنت صحيفة «الغارديان» أنّ القرار لم يأمر صراحة بوقف إطلاق النار، ولكنه طلب من الحكومة الصهيونية منع التحريض على الإبادة الجماعية في غزة.
وأكدت صحيفة «لوموند» الفرنسية أنّ المحكمة طلبت من الكيان الصهيوني السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة ومنع التحريض على الإبادة الجماعية.
وتابعت صحيفة «دير شبيغل» الألمانية أنه ليس على الكيان الصهيوني أن يوقف نشاطه العسكري في غزة على الفور، ولكنها أمرته بتقديم المساعدات الإنسانية ومنع التحريض.
وأخيراً، ذكرت صحيفة «الباييس» الإسبانية أنّ المحكمة طلبت من «إسرائيل» اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الإبادة الجماعية ضد السكان الفلسطينيين في غزة، دون الإشارة إلى وقف العمليات العسكرية على الفور.
من جانبها، أكدت الحكومة الصهيونية أنها ستلتزم بالأوامر الصادرة، مشيرة إلى أنّ القرارات لم تأتِ بشيء جديد وأنها لن تعصى الأوامر.
تدرك الحكومة الصهيونية أنها دخلت في عملية قانونية طويلة قد تؤثر سلباً على صورتها الدولية، في الخطوة التالية، سيُطلب منها تقديم تقرير خلال شهر حول الامتثال بالأوامر المحددة، وهذا يُعتبر اختباراً أولياً لمنع التحريض.
واتهم الوزراء الصهاينة المحكمة بالتحيّز وأنها معادية للسامية، ووصف نتنياهو قراراتها بأنها «علامة عار» ناطقاً هذا التعبير باللغة العبرية.
وقالت «يديعوت أحرونوت» إنّ محكمة لاهاي أصدرت ستة أوامر تتطلب من الحكومة الصهيونية الامتثال لها، بما في ذلك عدم القيام بأعمال إبادة جماعية في قطاع غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية ومنع التحريض على الإبادة الجماعية.
وأبدى المسؤولون الصهاينة ارتياحهم لمدى اعتدال الأوامر، ولكن هناك مخاوف من العواقب، خاصة مع استمرار العملية القانونية.
وأكد البروفيسور عميحاي كوهين، الخبير في القانون الدولي، أنّ هناك حاجة ملحة لإصدار الأوامر، لكن القضية ستظلّ جزءاً من جدول الأعمال، وأنّ اختبار الكيان الصهيوني الأول يتعلق بمنع التحريض على الإبادة الجماعية.
ومن المتوقع أن يستمر النقاش لسنوات حول اتهام جنوب أفريقيا بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
وفيما أعرب المسؤولون القانونيون والسياسيون في الكيان الصهيوني عن رضاهم، هاجم نتنياهو استعداد المحكمة لمناقشة الدعاوى ضدها، ووصفه بأنه «وصمة عار لن تمحى لأجيال عديدة» وهو ما يدلّ على عدم رضا نتنياهو والحكومة الصهيونية على القرارات التي اتخذتها محكمة العدل الدولية.
ومن الناحية الفلسطينية، كانت هناك فرحة بالقرار الذي دعمته الدول العربية، واعتبره البعض هزيمة صهيونية معلنة، وبداية لوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات وعدة نقاط إيجابية لصالح الشعب الفلسطيني المحاصر…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى