أولى

لبنان أمام مخاطر كبرى

‭}‬ أحمد بهجة*
لا تزال الدول الأوروبية بشكل خاص ومعها الغرب عموماً يعتمدون السياسة نفسها تجاه لبنان وسورية وتجاه قضية النازحين السوريين تحديداً، الأمر الذي جعل هذه الأزمة تتفاقم مع الوقت منذ العام 2011 حتى وصلت إلى ما هي عليه حالياً من تعقيد واستعصاء!
وما نتج عن زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فونديرلاين والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إلى لبنان، من «مساعدة» بقيمة مليار يورو على أربع سنوات بواقع 250 مليون يورو سنوياً حتى العام 2027، لن تؤدّي إلى الحلّ المنشود، وهذا ما يعرفه المانحون بالتأكيد كما يعرفه كلّ المسؤولين في لبنان، لأنّ الهدف الفعلي من تقديم المليار يورو هو إبقاء النازحين حيث هم وليس من أجل حلّ المشكلة والبدء بإعادتهم إلى بلدهم.
كيف يمكن إيجاد حلّ حقيقي وجدّي لأزمة النازحين من دون التنسيق والتفاهم مع الجانب السوري؟
ما نراه هو العكس، إذ انّ ما تفعله أوروبا والولايات المتحدة وحلفاؤهما هو فرض الحصار على لبنان ضمنياً من كلّ النواحي، وكذلك محاصرة سورية علناً من خلال «قانون قيصر»، وهذا يدلّ بكلّ وضوح على نوايا وتوجهات وغايات تلك الدول، وهي معاكِسة تماماً للمصلحة اللبنانية وللمطلب اللبناني العام بإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم.
والأخطر هو ما تمّ التلميح إليه على هامش تقديم المليار يورو بشأن إتاحة الفرصة أمام اللبنانيين لما أسموه «الهجرة الموسمية» إلى أوروبا! ما هي هذه الهجرة؟ ومَن هم المستهدفون بها؟ وهل هم المسيحيون بشكل خاص؟ ومَن سيحلّ محلهم إذا هاجروا؟ هل هو شبح التوطين يطلّ برأسه من جديد؟ بما يعني أنّ الهدف النهائي هو تغيير شكل لبنان ومضمونه وإفراغه من جزء هامّ من مواطنيه، وهل يبقى هناك شيء اسمه لبنان إذا لم يعد للمسيحيين وجود فيه؟
وهنا السؤال الكبير للمسؤولين اللبنانيين: أمام هذه المخاطر الكبرى الوارد ذكرها أعلاه، كيف تقبلون برشوة قيمتها مليار دولار فقط؟ وهل يساوي هذا المليار شيئاً أمام الخطر الحقيقي الذي يحدق بلبنان واللبنانيين؟ أم أنّ هؤلاء المسؤولين لا يهمّهم كلّ هذا؟ هم فقط سال لعابهم على المليار وبدأوا «يُمشرعون» و»يبتكرون» الخطط الوهمية التي تسمح لهم بالعودة إلى ممارسة هواية النهب «المُقونن»، خاصة أنّ البلد فلتان هذه الأيام، حيث لا مؤسسات ولا حسيب ولا رقيب…!
*خبير مالي واقتصادي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى