«كيرـ غان».. الرقصة التركية مع كوبرا «داعش»

نظام مارديني

قد يتصوّر المرء أن «كير ـ غان» هو اسم لدواء مُضاد للعُصاب أو هو تعويذة سحرية لتخفيف آلام المصابين بمرضٍ مُعدٍ يتألق بين دفتي الوطن، هو ليس ما تظنون فـ «كير ـ غان» هو عبارة عن دمج اسم وزير خارجية أميركا كير مع الرئيس التركي أردوغان، فجاء هذا الخليط تماماً كما دمج اسم «سايكس بيكو» ونحن على أبواب مئويته.

بين إعلان كيري، من أن «داعش» يرتكب حرب إبادة في سورية والعراق، وإعلان أنقرة بأن من نفذ عملية اسطنبول كان مواطناً تركياً من «داعش»، تقاطع في الاعتراف بأن من يربّي الكوبرا في جيب قميصه لا بد أن تلدغه لدغة مميتة في النهاية.

صحيح أن الإعلانين خطوة متقدمة للحليفين الأطلسيين، ولكنها جاءت متأخرة بعدما طال انتظارها، فهل بدأ الحليفان يشعران بمدى خطورة تربية هذه الأفعى الوهابية التي تطال شبكاتها العالم جميعاً الآن؟ وهل اكتشفا أن الرقص مع «داعش» بهدف إضعاف سورية والعراق أشبه بالرقص فوق حقل ألغام؟

الإعلانان يشيران إذاً، إلى أن الإرهاب يوماً بعد آخر تتسع رقعة تمدده لتطال الذين احتضنوه وأنعشوا جرثومة عقله التكفيري المذهبي، ومن ثم أطلقوه كالكلب الجربان ليطال الذين لا مناعة لهم ويعيشون خارج التاريخ.

فهل بدأ اللعب بالخارطة التركية كغيرها من أوراق توازنات القوى لصياغة مشهد إقليمي جديد يكون منهج الاحتواء هو ما سيؤول إليه الوضع في النهاية؟

إن الفكر «الداعشي» المخيف الذي تربى في أحضان أردوغان جلب وسيجلب كل هذا الإرهاب إلى تركيا، وعلى الإدارة الأميركية أن تكون مستعدة لمواجهة كل السيناريوهات السلبية المحتملة في تركيا، وإرسال رسائل واضحة كرسالة أوباما الأخيرة، لردع أردوغان والضغط عليه لنزع فتيل حربه مع حزب العمال الكردستاني قبل فوات الأوان، قبل توجيه جنرال تركي للانقلاب عليه.

لقد صوّرت صحيفة «جمهورييت» التركية المعارضة منذ أيام كاريكاتيرا لأردوغان، بقائد السفينة التي تسبح في بحر من الدماء، وهذا يدفعنا إلى الحكاية المعروفة من أن والياً غبياً من ولاة المسلمين، كان يرقُصُ عارياً أمام رعيته، ويتجاهل آلام الفقراء، فيصفق له التنابلة، حتى تمادى في رقصاته المتهتكة، فانهارت دولته، وأخذ وهو يرقُصُ نحو حتفه، وكانت تلك الرقصة الأخيرة من رقصاته الغجرية.

لا نزال ننتظر رقصة أردوغان الأخيرة عارياً حتى من ورقة التوت، وهو الذي كان معتقداً أنه الأكثر نضجاً وحذاقة من غيره، ومعتقداً أنه الأكفأ والأنشط بحنكته، ولكنها كانت حنكة الغش والاحتيال والمزايدات المذهبية والعنصرية الرخيصة.

حنكة أردوغان داعشية.. ها هو بدأ يدفع ثمنها الهائل!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى