تبادل أدوار تحت سقف المال والاستقرار

إبراهيم وزنه

… وكما في كل مسابقة رياضيّة أو بطولة عالميّة، وخصوصاً في الأولمبياد حيث تستوقفنا الأسماء المحسوبة على الدول العربيّة ولا تأنسها مسامعنا، وهذا ما يضحكنا ويبكينا في آن واحد، وخصوصاً لحظة إعلان النتائج أو عند وقوف ذلك العربي الخليجي، فيكتور أو روزان أو زاركو على منصّات التتويج. ليتكم نظرتم إلى ملامح تلك الوجوه السائرة ضمن الوفود الخليجية في حفل افتتاح أولمبياد ريو دي جانيرو، الذي أطلقوا عليه قبل انطلاقه أولمبياد المجنّسين! لأدركتم مدى انعكاس التطوّر والحضارة على أشكالهم ووجوههم، صدقاً … ما عادوا سمراً ولا عادت شعورهم سوداء … بل شقراً وبيضاً بعيون زرقاء.

منهم من اعتقل رياضيّيه أو أبعدهم خارج البلاد البحرين ليستأجر أبطال أفارقة في عدد من الألعاب، وآخرين من دول شرق آسيا، لملء الفراغ الحاصل في كل شيء إلّا في خزائن التجنيس، ومنهم من استقدم للألعاب الجماعيّة جيشاً من الأجانب قطر وعدداً كبيراً من الأفارقة لزوم ألعاب القوى، بالإضافة إلى الصربي والبوسني والكوبي وصولاً إلى السوري كمال الدين ملاش . وللمفارقة، عند فوز منتخب قطر في افتتاح بطولة كرة اليد في الأولمبياد البرازيلي، أصابت الفرحة 4 أو5 دول دفعة واحدة تبعاً لهويّة المجنّسين القطريّين الجدد . ناهيكم عن أسماء الرياضيّين الإماراتيّين فيكتور وسيرجيو وبيتي، وأسماء لا تخطر على بال ، والتي تعكس صراحة حالة التراخي والإهمال في بناء وتأهيل أجيال رياضيّة مقابل لجوء المتخصّصين في الرياضة إلى بدعة التجنيس، أوليست كل بدعة ضلالة يا عربان الخليج؟

وها هي مملكة الخير السعودية ، تدفع ببطلة محجّبة للمشاركة في الألعاب، وقد أفردت لمشاركتها أكثر من مقابلة لإظهار انفتاحها ورؤيتها الحضاريّة للرياضة، ليتكم تسمحون لها بقيادة السيارة في بلدها قبل أن تتبجّحوا بما ليس عندكم.

بعيداً عن توصيف الواقع الأليم، بالأمس فاز البريطاني محمد فرح بميداليّة ذهبيّة في سباقات ألعاب القوى، رُفع علم بريطانيا، وبقيت الصومال وشعبها متفرّجين من بعيد على إنجاز شاب وُلدَ وترعرع في مقديشو! وقبله فاز الكويتي فهد الديحاني بميدالية الرماية ليرتفع العلم الأولمبي ويبقى علم الكويت ساكناً وبعيداً عن «رفرفة» التتويج الذهبي بسبب التدخّل السياسي في العمل الرياضي، وكثيرة هي الأمثال التي تعكس انقلاب الصورة وضبابيّة المشهد الرياضي العربي. وما هذا الواقع المستجدّ منذ أكثر من 20 سنة إلّا نتاج الآتي: الرياضيّون والأبطال الأجانب يسعون إلى كسب المال فيغيّرون جنسياتهم، ليضحكوا علينا كم سنة ثمّ يعودون إلى بلادهم أثرياء، فيما أبطالنا ورياضيّونا يهربون من قمع الأنظمة وحياة البؤس وقلّة الاهتمام فيضطرون إلى إثبات ذواتهم عبر جنسيّات مختلفة، تأمّلوا أنّ 22 دولة عربيّة تشارك في الأولمبياد وكأنّهم سكان من كوكب آخر، لا أثر لهم ولا قيمة ولا إبداع ولا رؤيا ولا تخطيط ولا تعاون … وأيضاً من الملاعب الرياضيّة نعلن وفاة جامعة الدول العربية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى