أميركا هي هي… الساقطة من عالم الإنسانية
معن حمية
الرئيس الأميركي دونالد ترامب «يجعل العالم أكثر رعباً»… «يدفع العالم باتجاه عدم الاستقرار»… «لا يملك القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة». هذا ما خلصت إليه افتتاحية «الأوبزرفر» البريطانية قبل أيام، بعد أن استعرضت مواقف ترامب وقراراته منذ وصوله البيت الأبيض.
غير أنّ التركيز على رئيس بعينه وتحميله المسؤولية، غالباً ما تكون له استهدافات محدّدة، أخطرها تجميل صورة أميركا، علماً أنه لم يسبق لأيّ رئيس أميركي أن اتخذ قرارات مستقلة بمعزل عن السياسات المعتمدة تجاه المنطقة والعالم.
قبل مجيء ترامب لم يكن العالم مستقراً، لأنّ الولايات المتحدة الأميركية كانت ولا تزال تتدخّل في شؤون العديد من الدول، وكلّ دولة تقرّر مواجهتها، تحاصرها بالعقوبات الاقتصادية، أو تحتلّها عسكرياً كما حصل مع العراق. لذا، فإنّ السياسات الأميركية الرعناء هي ما يدفع العالم نحو عدم الاستقرار، وهذه السياسات لا تتغيّر ولا تتبدّل بتعاقب الإدارات، بل هي ثابتة وراسخة، وهناك دول غربية وأوروبية تدعمها وتدور في فلكها.
صحيح أنّ ترامب هو مَن أمر بإطلاق الصواريخ المجنّحة على مطار الشعيرات السوري، لكن الأساطيل والبوارج الحربية الأميركية التي تحمل هذه الصواريخ ترابض في البحر الأبيض المتوسط، منذ أمد طويل، وقد جرى استخدامها في أكثر من عدوان أميركي على المنطقة.
إنّ مَن يخطط لإرسال خمسين ألف جندي أميركي لإشراكهم في ما يسمّى عملية تحرير الرقة، ليس ترامب، بل الدولة الأميركية بمؤسساتها العسكرية والأمنية، وهذه المؤسسات هي التي خططت للحرب الإرهابية على سورية، وهي ذاتها تخطط للتصعيد على جبهات جديدة بالاشتراك مع الأردن والسعودية. وليس بيد ترامب خيار سوى أن يوافق على الخطط، أما إذا فعل العكس، فهذا يعرّض حياته لا سيما السياسية لخطر محدق. خصوصاً أنّ التهم جاهزة، وهي أصعب بكثير من تلك التي واجهته في الانتخابات الرئاسية.
ترامب كما سائر الرؤساء الأميركيين، سيّئ وعاق، لكنه على صورة المؤسسات الأميركية، فهو لم يكتف بإعطاء الأمر بالعدوان الصاروخي على سورية، بل تبنّى بصفاقة وجلافة كذبة كيماوي خان شيخون، مستخدماً السلاح ذاته الذي استخدم ضدّه في حملته الانتخابية.
للتدليل على صفاقة ترامب وجلافته، أنه لم يسارع إلى إدانة مجزرة قتل الأطفال في منطقة الراشدين على أيدي المجموعات الإرهابية المتطرفة. وهي مجزرة وحشية يندى لها جبين الإنسانية. لأنه لا يستطيع الاستثمار في مجزرة ارتكبتها المجموعات التي تلقى منه الدعم والرعاية، لكنه في المقابل يستثمر في حادثة خان شيخون المفبركة لتصعيد عدوانه على سورية.
باختصار… هي أميركا الساقطة من عالم الإنسانية، بمؤسساتها ولوبياتها كلها، تشنّ الحروب العدوانية ضدّنا وتدعم الإرهاب لقتلنا وتدمّر تاريخنا وحضارتنا وتستهدف إنساننا ووجودنا…
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي