أسباب انهيار دفاعات الجماعات المسلحة في إدلب
حميدي العبدالله
تتقاذف الجماعات المسلحة التهم في ما بينها حول انهيار دفاعاتها أمام زحف الجيش السوري وتحريره عشرات البلدات والقرى في محافظة إدلب. بعض هؤلاء المسلحين يتهمون تنظيم جبهة النصرة «هيئة تحرير الشام» بتسليم المواقع إلى الجيش السوري في إطار صفقة ترعاها تركيا، والبعض الآخر يتهم النصرة بأنها المسؤولة عن الهزيمة لأنها قامت في وقت سابق بتصفية جماعات مسلحة منافسة أو مناوئة لها، في حين تتهم جبهة النصرة الجماعات الأخرى بالتواطؤ مع دول غربية ودول في المنطقة والعمل على إضعافها.
لكن من الواضح أنّ كلّ ما تقوله الجماعات المسلحة أو جبهة النصرة حول أسباب هزيمتها أمام زحف الجيش السوري لا يفسّر الانتصارات التي يحققها الجيش السوري، ولا انهيار دفاعات هذه الجماعات، والهزيمة النكراء التي تلحق بها.
في أوقات سابقة، وقبل أن تقوم النصرة بتصفية خصومها في إدلب، كانت معركة حلب، وخاضتها الجماعات المسلحة بشكل مشترك وهزمت أمام زحف الجيش السوري. وقبل ذلك في القلمون، وتحديداً في النبك وقارة ويبرود خاضت كلّ الجماعات المسلحة حرباً مشتركة وهُزمت أمام الجيش السوري، وهُزمت أيضاً في معارك بابا عمرو وحمص القديمة، وبعد كلّ معركة من هذه المعارك يتبادل المسلحون الاتهامات في محاولة لتبرير عجزهم عن الصمود في مواجهة الجيش السوري.
أسباب هزائم الجماعات المسلحة وانتصارات الجيش السوري تكمن في أشياء أخرى لا يريد قادة المسلحين الاعتراف بها:
السبب الأول، وقوف غالبية السكان في المناطق التي تخضع لسيطرة الجماعات المسلحة ضدّ هذه الجماعات. مثلاً في إدلب خرجت قبل بضعة أشهر في بلدات واقعة تحت سيطرة النصرة تظاهرات معادية للنصرة وهتفت للرئيس بشار الأسد، وأثناء زحف الجيش السوري الحالي في ريف إدلب الجنوبي الشرقي قامت عدة قرى بإرغام المسلحين على تسليم أسلحتهم، ومن يرفض تسليم أسلحته طلبت منه الخروج من البلدة، وهتف سكان يلدا وببيلا وبيت سحم ضدّ «جيش الإسلام» و«أبابيل حوران»، وكلّ هذا من أهمّ العوامل التي تفسّر انتصارات الجيش السوري وهزائم الجماعات المسلحة.
السبب الثاني، أنّ الجيش السوري عندما يقرّر تحرير منطقة، فإنه يوفر القدرات البشرية والمعدات العسكرية والقوة النارية لتحرير هذه المنطقة، مهما كان اتساعها، ومهما كانت قوة الجماعات المسلحة التي تسيطر عليها. حدث هذا في بابا عمرو في شباط عام 2012، وتكرّر في مدن وبلدات القصيْر والقلمون، وحدث في أحياء حلب الشرقية وفي البادية السورية، ومحافظتي دير الزور والرقة.
واليوم عندما قرّر الجيش أنّ الدور جاء على إدلب فمن الطبيعي أن تكون نتائج عمليته في هذه المحافظة تشبه عملياته السابقة التي مرّ ذكرها.