حاصبيا
أحيت منفذية حاصبيا في الحزب السوري القومي الاجتماعي عيد التأسيس، فنظمت ندوة بعنوان: «لبنان في ظلّ المخاطر والاستهداف»، تحدث فيها عضو المكتب السياسي المركزي في الحزب السوري القومي الاجتماعي جبران عريجي، بحضور منفذ عام حاصبيا لبيب سليقا وأعضاء هيئة المنفذية، وممثلين عن حزب الله، الحزب التقدمي الاشتراكي، الحزب الديمقراطي اللبناني، الحزب الشيوعي اللبناني، وعن النائبين أنور الخليل ود. قاسم هاشم، كما حضر مسؤول تيار العروبة للمقاومة والعدالة الاجتماعية رياض خليفة، ورؤساء بلديات منطقة حاصبيا ومخاتيرها، عدد من رجال الدين وفاعليات اجتماعية وتربوية، وجمع من القوميين والمواطنين.
استهلت الندوة بترحيب وتعريف من حسين أبو دهن، ثم كلمة مديرية حاصبيا ألقاها ربيع ذياب أكد فيها أن حاصبيا تقف خلف جيشها الوطني الباسل بالتصدّي لقوى الإرهاب والتطرف، لافتاً إلى أنّ مصدر الإرهاب هو العدو الصهيوني الذي يستغلّ الضعفاء لتحقيق مشروعه في احتلال أرضنا وسرقة خيراتها ومواردها الطبيعية.
سليقا
وألقى منفذ عام حاصبيا لبيب سليقا كلمة حيا في مستهلّها مؤسس الحزب وباعث النهضة، ثم تطرق إلى الوضع العام في منطقة حاصبيا، مؤكداً أنّ أهلنا في هذه المنطقة، من شبعا وكفرشوبا وسائر القرى هم من سيتصدّون بكلّ قناعة وبسالة لخطر الإرهاب والتطرف، ولن يسمحوا بأيّ ثغر أمنية يحاول أن يستغلها العدو الصهيوني.
وقال: هذه المنطقة قدمت الشهداء دفاعاً عن الأرض والكرامة، وأهلها قاوموا الاحتلال والعدوان على مدى عشرات السنين، وهم متمسكون بوحدتهم وانتمائهم معلنين الوقوف مع الجيش اللبناني، متكاملين مع المقاومة التي حققت الانتصارات.
عريجي
أما عريجي فرأى أنّ التطرف والتعصّب والأصولية التي أبتلي بها «الإسلام» تنتج إرهاباً دموياً وجرائم وحشية، وهذا ما ابتُليت به المسيحية وأدّى إلى حروب دموية… والمانيا عندما أصابها التعصّب تحوّلت الى فاشية، وهذا دليل على أنّ الأفكار والمعتقدات تتأرجج بين الحضارة والهمجية.
وأشار عريجي إلى أنّ ما تقوم به حركات التعصب والتطرف من ممارسات همجية مشوّهة للإسلام ومسيئة للدين، ستخلق ردة فعل، تعجل في قيامة جديدة للإسلام الحضاري في العالم العربي، ركيزته الإنسان.
وقال: نحن ندعو إلى فصل الدين عن الدولة وعن السياسة وليس عن المجتمع. وقد تعلّمنا من سعاده أنه «عندما يتقدّم المجتمع يتقدّم معه الدين… وعندما يتراجع المجتمع يتراجع معه الدين»، ولذلك فإنّ الحديث عن إصلاح ديني لا يحلّ المشكلة ولا يحقق الهدف، لأنّ المطلوب هو إصلاح اجتماعي اقتصادي سياسي شامل.
وتابع: إنّ انفجار المجتمعات العربية، هو نتيجة فائض العصبية والتطرف داخل هذه المجتمعات، وهذا مرض خطير يقوم على كره الحاضر والخوف من المستقبل، وتفشيه إنما هو نتيجة غياب الفكر التنموي في المجتمعات العربية بأبعاده الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والتعليمية.
وقال عريجي: إنّ الغرب يستخدم كلّ الأفكار في حربه على المنطقة، وروّج فكرة أنّ مجتمعنا والمجتمعات العربية تعاني استبداداً سياسياً ومن غياب الحرية والديمقراطية، واستطاع أن يروّج فكرة أنّ هناك ربيعاً عربياً سيؤدّي إلى ديمقراطية موعودة ويحوّل المنطقة إلى واحة حرية. وهذا أتاح للقوى المتطرفة أن تتحرك بغطاء غربي وإقليمي وعربي لتشكل أداة التفجير، وذلك في موازاة قيام بعض النخب الليبرالية والديمقراطية بالتنظير لـ»الإسلام السياسي» من خلال زواج غير شرعي بين هذه النخب والتيار الإسلامي المتطرف، وذلك لأنّ النخب بلا جمهور فوجدت ضالتها في الجمهور الإسلامي المتطرف.
وشدّد عريجي على أنّ أساس الحرية احترام التعدّد والتنوّع والاعتراف بحق الاختلاف، والحرية الدينية تعتبر أم الحريات، لافتاً إلى أنّ معظم الأزمات والصراعات تنتج عن انحراف الأكثريات الدينية نحو شطب الآخر المختلف، وهذا ما يؤدّي إلى مزيد من استنفار الأقليات وانغلاقها لأنها محكومة بهواجس البقاء والخصوصية. معتبراً أنّ المصارحة والمصالحة بين الشرائح الاجتماعية في العالم العربي لا تتمّ إلا باستعادة حركة الانتماء القومي والعربي.
ورأى عريجي أنّ ما يحصل في سورية، ليس ثورة، بل هناك قرار بإسقاط الدولة وصولاً إلى إسقاط المجتمع، تحت عنوان حرب المجتمع على ذاته، وما يحصل على الأرض هو تتمة لمعاهدة «سايكس ـ بيكو»، أي تفريع جديد لها وليس إلغاءها، فـ»سايكس ـ بيكو» هي حدود النفط، وحدود «إسرائيل»، وبالتالي هي الحدود التي تمنع وحدة بلادنا والعالم العربي.
ولفت إلى أنّ الاستقرار في لبنان هو استقرار مستمرّ، طالما أنّ سورية صامدة ومتماسكة، ولو أنّ الدولة السورية انهارت لكان لبنان اليوم في آتون حرب أهلية. لأنّ واقع لبنان هو انعكاس طبيعي لواقع سورية.
وأكد عريجي أنّ هناك ضرورة للحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، خدمة لاستقرار لبنان وأمنه، وهذه مسؤولية تقع على عاتق الطرفين. لافتاً إلى أنّ الجميع في لبنان يقول إنّ الأمن والاستقرار أولوية، لكن هناك فريقاً يريد توظيف هذه الأولوية بهدف تعطيل الحياة الديمقراطية والسياسية، وهذا يؤدّي إلى تآكل الدولة وإفراغها وإسقاطها. لذلك يجب أن تكون أولوية الاستقرار مقرونة بتفعيل الحياة السياسية عبر الانتخابات والممارسات الديمقراطية الحقيقية.
وكان عريجي استهلّ كلمته بالإشارة إلى أنّ حاصبيا بتنوّع شرائحها الاجتماعية ووحدتها وتوحدها في مقاومة الاحتلال الصهيوني والإرهاب والتطرف، تمثل نموذجاً رائعاً لوحدة الحياة التي نتطلع إليها ونعمل في سبيلها على مستوى كلّ بلادنا. مؤكداً انّ نسيج الوحدة في مناطقنا وفي كلّ بلادنا مهدّد بالخطر، بسبب عصبيات تمارس الإرهاب باسم الدين، وهذا أخطر تحدّ يواجه مجتمعنا، لا بل كلّ المجتمعات الإنسانية.