مقتل أكثر من 279 إرهابياً خلال عمليات في مناطق عدة الدفاع النيابية تؤكد سيطرة القوات الأمنية على جميع المحافظات
بدأت القوات العراقية تتجاوز صدمة فقدان السيطرة على مناطق واسعة في شمال البلاد حيث تمكنت في الساعات الأخيرة من استعادة محافظة صلاح الدين ونجحت في صد زحف المسلحين في ديالى المجاورة.
وتواصلت التطورات الميدانية في العراق، وسط دعوات للتيقظ والوحدة والحفاظ على ضبط النفس، منعاً من الانجرار إلى الأتون الطائفي والمذهبي، في وقت يستمر التطوع لقتال «داعش» في المحافظات كافة ومن مختلف الطوائف والمذاهب، ما استدعى من رئيس الحكومة العراقية تشكيل مديرية خاصة لتنظيم المتطوعين بعدما فاقت أعدادهم أكثر بعشرات المرات الحاجة الميدانية الفعلية.
وتستمر الاتصالات والمواقف الدولية للبحث في سبل تطويق تداعيات ما يحصل في العراق، وسط تردد أميركي واضح في مساعدة العراق عبّر عنه مضمون الاتصال الذي أجراه وزير الخارجية الأميركي جون كيري ليل أمس مع نظيره العراقي هوشيار زيباري. في وقت جددت الجمهورية الإسلامية الإيرانية رفضها أي تدخل عسكري أجنبي في العراق.
وقد ناشد المرجع الديني آية الله السيد علي السيستاني أمس المواطنين العراقيين الابتعاد عن أي تصرفات ذات توجه قومي أو طائفي يسيء إلى وحدة النسيج الوطني العراقي، مشدداً على ضرورة اجتناب المظاهر المسلحة خارج القانون،وداعياً الجهات الرسمية إلى منعها.
على صعي آخر، أكدت لجنة الأمن والدفاع النيابية أمس أن القوات الأمنية فرضت نفوذها على محافظة نينوى وصلاح الدين والأنبار وكركوك وديالى.
وقال عضو اللجنة عباس البياتي للمركز الخبري لشبكة الإعلام العراقي IMN : «إن قوات الجيش والشرطة استطاعت أن تعتقل وتقتل كثيراً من جرذان داعش خلال الأسبوع الماضي ما جعلها مسيطرة على المناطق الساخنة». وذكرت لجنة الأمن والدفاع النيابية في وقت سابق أن الضربة العسكرية المقبلة ستنهي «داعش» في العراق.
دعم إقليمي لـ«داعش»
وفي السياق، أكدت مصادر خاصة لـ«المنــار المقدسية» أن شخصيات عراقية تقيم في السعودية وتركيا ودول أوروبية تقدم العون بأشكاله المختلفة إلى عصابة داعش، ومن بين هذه الشخصيات قيادات كردية في السلك المدني والأمني، وهي تحولت إلى أدوات في أيدي جهات إقليمية ودولية.
وقالت المصادر إن الهدف من وراء ذلك، هو تسهيل تمرير مخططات تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث، تقسيم تستفيد منه السعودية ودول أخرى، لأن الرياض تخشى استعادة العراق لدورها وقواتها العسكرية. وأشارت المصادر إلى أن بعض الشخصيات هربت أخيراً من العراق، خشية ملاحقتها واعتقالها بتهم وتجاوزات مختلفة، وأضافت المصادر ذاتها أن تركيا باتت تخشى من النتائج المترتبة على التطورات الأخيرة في العراق وهذا التخوف نابع من قلق يساور قادة تركيا منذ زمن طويل يتمثل في مطالبة قوميات داخل تركيا بالانفصال والحصول على استقلال ذاتي.
الضاري يثمّن دور النجيفي
من جهته، ثمن رئيس ما يسمى بـ«هيئة علماء المسلمين» حارث الضاري الدور الذي لعبه محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي في دعم ما أسماه بـ«المجاهدين» في المجالات كافة وتوفير الملاذات الآمنة لهم والدعم المالي والمعنوي. وقال الضاري في رسالة مؤرخة في 2/6/2014: «إننا نحيطكم علماً بنية «المجاهدين» القيام بـ«عملية بطولية» كبيرة للقصاص من الخونة أعوان الفرس المجوس وعملاء الاحتلال الأميركي في المحافظة»، بحسب تعبيره.
وطلب الضاري من النجيفي تسهيل المهمة بكل ما تجود به «أيديكم الكريمة «تجاه المجاهدين»، وإصدار توجيهات وتعليمات لكل الدوائر التابعة والمرتبطة بالمحافظة لتسهيل عملية السيطرة عليها في حال تنفيذ العملية». وجدير بالذكر أن الضاري سبق أن أخبر النجيفي بأنه على استعداد لحشد مقاتلين عرب وأجانب.
على الصعيد الميداني
واصل الجيش العراقي عملياته العسكرية لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها «داعش» شمال البلاد قبل أيام، وذلك بعدما استعاد أمس مناطق واسعة في محافظات صلاح الدين وديالى ونينوى.
وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب العراقي ليل أول من أمس مقتل عدد من كبار قادة تنظيم «داعش» بينهم مجرمون بارزون في ضربة جوية بمحافظة نينوى. وأعلن المتحدث الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية مقتل أكثر من 279 إرهابياً خلال عمليات في مناطق عديدة من محافظة صلاح الدين والمناطق الأخرى خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وأكد الفريق قاسم عطا في مؤتمر صحافي: «أن القوات الأمنية استعادت زمام المبادرة وهي الآن تدق الجماعات الإرهابية في جميع المناطق التي تقع تحت سيطرة تنظيم داعش». وأضاف: «إن سلاح الجو بالتنسيق مع القوات الأمنية على الأرض تمكن من قتل أكثر من 279 إرهابياً وحرق أكثر من 14 آلية محملة بالدواعش خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية».
وأفاد مصدر أمني بمحافظة نينوى العراقية أمس أن اشتباكات مسلحة اندلعت بين قوات الجيش العراقي ومسلحي تنظيم «داعش» في قضاء تلعفر غرب المحافظة. وقال المصدر: «إن قوات الجيش وبمساندة العشائر في قضاء تلعفر غرب الموصل اشتبكت اليوم أمس مع مسلحي تنظيم داعش».
وأكدت مصادر أمنية رسمية تصدي أهالي قضاء تلعفر من أبناء العشائر وبمساندة القوات العسكرية للجماعات الإرهابية وأحبطوا محاولاتها السيطرة على القضاء وكبدوها خسائر مادية وبشرية كبيرة.
قلقل إقليمي ودولي
وكان وزير الخارجية الأميركية جون كيري قد أعلن أول من أمس أن حكومة بلاده تدرس الخيارات المتاحة كافة للتعامل مع الوضع الجديد في العراق، فيما أشار إلى تقديم الولايات المتحدة مساعدات إنسانية عاجلة بمقدار 12 مليون دولار للنازحين.
وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان: «إن وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية جون كيري أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية هوشيار زيباري»، موضحاً أن «الطرفين بحثا تطورات الوضع الأمني والسياسي والإنساني في البلاد».
ويأتي اتصال كيري بزيباري، مترافقاً مع إعلان «البنتاغون» أمس أن وزير الحرب الأميركي تشاك هيغل أمر حاملة طائرات «يو إس إس جورج بوش» بالتوجه إلى مياه الخليج تحسباً لعمليات عسكرية مرتقبة ضد «داعش» في العراق.
من جهة ثانية، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية على لسان المتحدثة باسمها مرضيه أفخم رفضها أي تدخل عسكري أجنبي في العراق.
وأكدت أفخم أن العراق يتمتع بقدرات واستعدادات عسكرية لازمة والإرادة الشعبية لمواجهة الإرهابيين والتشدد في البلاد. وقالت: «نعتقد أن تعزيز اللحمة الوطنية والتضامن والوفاق الوطني في العراق يؤدي إلى كبح وإحباط جميع المؤامرات».
في موازاة ذلك، استبعد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إرسال القوات الألمانية إلى العراق لإعادة الاستقرار في المناطق التي استولت عليها تشكيلات «داعش».
وفي حديث إلى صحيفة «فيلت آم زونتاغ» الألمانية نشر أمس أشار شتاينماير إلى أن الجزء الأساسي من مسؤولية مكافحة «داعش» يقع على عاتق السلطات العراقية. وشدد شتاينماير على ضرورة «ألا يصبح العراق نقطة دائمة السخونة في خريطة الشرق الأوسط».
ورأى المبعوث الدولي السابق إلى سورية الأخضر الإبراهيمي أن هجوم الجماعات المسلحة في العراق كان نتيجة لجمود المجتمع الدولي إزاء النزاع المستمر في سورية منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وأضاف الإبراهيمي الذي استقال من منصبه في أيار الماضي: «بعد أقل من عامين من الجهود غير المجدية لإنهاء النزاع في سورية، «هذه قاعدة معروفة. فصراع من هذا النوع في سورية لا يمكن أن يبقى محصوراً داخل حدود بلد واحد». وتابع أن المجتمع الدولي «للأسف أهمل المشكلة السورية ولم يساعد في حلها وهذه هي النتيجة».