إعجاز المقاومة ـ قناة «الميادين» وفلسطين ـ دعسة البرزاني ـ الفشل اللبناني
ناصر قنديل
– النظر بعين عسكرية لوجستية إلى حرب غزة، تقول إنّ نجاح المقاومة بتخزين وحماية وإخفاء مخزون يكفي لشهرين من الحرب فقط، يعني القدرة على استيعاب عشرة آلاف صاروخ على مساحة غزة، ما يستدعي مئة نقطة مختلفة على الأقلّ سعة الواحدة منها تتعدّى الألف متر مربع، مصانة ومحمية ومحروسة ويجري تخديمها بانتظام ومخفية عن الرقابة والاستطلاع المتواصل على مدى الأربعة وعشرين ساعة، ما يعني وجود ألف مقاتل وتقني يقومون برعايتها وصيانتها من دون أن يلتفت إليهم أحد، واستخدام هذه الصواريخ في قلب الحرب لإطلاق مئتي صاروخ في يوم واحد، بما يعني تحريك أسطوانات إطلاق تتراوح بين ثلاثة وسبعة أمتار أحادية وثنائية وثلاثية، بأوزان يصل بعضها لمئات الكيلوغرامات، يستدعي تخديمها وضبط إطلاقها عشرات المركبات وألفي مقاتل وتقني يتحركون تحت جولات وصولات الطيران على مدى الساعة، مقاومون يستحقون الإعجاب لإعجاز الإنجاز في ظروف أقلّ ما يُقال عنها إنها قاهرة.
– «الميادين» القناة الفضائية التي ولدت في رحم التحوّلات الكبرى التي عاشها العالم العربي بعزيمة ومثابرة الزميل الصديق غسان بن جدو، أثبتت في قلب الحرب على فلسطين أنها أكثر من حاجة، بل ضرورة، والمسألة ليست في الموقف وحده، فربما تشاركها الموقف كلّ القنوات الملتزمة بقضية المقاومة، لكنها نجحت في الجمع بين ثلاث فتفرّدت، نجحت بأن تجعل فلسطين قضيتها الأولى والثانية والثالثة وبعدها يكتمل الترقيم، بينما الهويات الوطنية المحلية لكلّ قناة تفرض عليها اهتمامات والتزامات تجاور فلسطين وتقاسمها الوقت والتسلسل والأهمية، نجحت في تأمين المتابعة الخبرية على مدار اللحظة وبشبكة مراسلين مستنفرين وبقدرة تأمين ضيوف من قوى المقاومة ونخبها العربية والفلسطينية والعالمية، وفرضت عليهم بمهنيتها تجاوز لغة الخطابة لتقديم المعلومة والتحليل، ونجحت بتجاوز خطوط الأيديولوجيات والسياسات التي تحكم كل قناة وكل منبر وفقاً لهوية الجهة التي تدير هذه القناة وهذا المنبر، فصارت المعادلة «الميادين = فلسطين»، الميادين تستحق التحية من القلب.
– الدعسة الناقصة لرئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني بإعلان الاستعداد للاستفتاء على الاستقلال والانفصال، تستكمل ارتداداتها وتداعياتها السلبية، حيث بدأ مسؤولو الإقليم يتلقون الردود والاستفسارات على كلام البارزاني، بعدما خاطبت الحكومة العراقية القوى الكبرى في العالم والمنطقة، وخاطبت الحكومتان الإيرانية والتركية بصورة مشتركة ذات المرجعيات العالمية والإقليمية بخطاب مشابه، لتتوالى المواقف المعلنة للتمسك بعراق موحد، وكان الأبرز من بينها موقف مشترك لموسكو واشنطن، وموقف كل من الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس المصري، وهما يعبران عن مناطق حساسة في السياستين الدولية والإقليمية، ويقرأ كلامهما في مواجهة قضية كهذه باعتباره، تعبيراً عن استشعار دولي وإقليمي لخطورة الدعسة الكردية الناقصة، لتزامنها مع لحظة إعلان القرار الانفصالي لدولة البغدادي، وما يرتبه التزامن من شرعنة لدولة البغدادي من جهة ومن فتح لفالق تقسيم دول مثل اليمن والسعودية وتركيا.
– صار تراكم الفشل اللبناني خطيراً بعدما تعدى مجرد العجز عن ملء كرسي الرئاسة، وهو الأمر الذي ربما يرى كثيرون أن ملأه بمن يتناسب مع المعايير الميثاقية، يستحق الانتظار إذا كان البديل رئيس تمسيح جوخ أو فرك الكفوف، أو رئيس التلون والتلاعب والخداع، لكن الفشل المتراكم خلال شهرين، في إقرار سلسلة الرتب والرواتب، الفشل في ملف أساتذة الجامعة اللبنانية وتعيين عمدائها، الفشل في ملف دفع رواتب موظفي الدولة المدنيين والعسكريين، وبات واضحاً أن الفشل المتراكم يأخذ الدولة لمرحلة خطيرة من الشلل سيصبح معها الانتظار صعباً ومكلفاً، المسؤولية هنا عند الفرقاء الرئيسيين، خصوصاً تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، اللذان خاضا حواراً مشتركاً تحت العنوان الرئاسي، فإما صفقة كبرى حول الرئاسة لتحرير آلة الدولة من الانتظار القاتل، أو تفاهمات على خريطة طريق للخروج من الحلقات الضيقة للخلافات في إطار مساكنة طويلة المدى مع الفراغ الرئاسي.