عباس: رغم الدمار الممنهج… ازدهار الحالة الثقافية يبشّر بعودة زمن النهوض

نظّم النادي السوري الكندي ومديرية أوتاوا في الحزب السوري القومي الاجتماعي ندوة بعنوان «خطوات متعثرة في أزقة مألوفة»، تحدّث فيها الكاتب والفنان العراقي رحمن خضير عباس حول الوضع القائم في العراق، وذلك في قاعة مكتب مديرية أوتاوا.

حضر الندوة مدير المديرية عيسى حاماتي وأعضاء الهيئة، وعدد من أعضاء المجلس القومي، وجمع من القوميين والأصدقاء، وفاعليات سياسة واجتماعية وإعلامية.

قدّم للندوة ناموس المديرية أحمد أبو عباس، ثم عُرض شريط مصوّر تناول مرحلة من مراحل الحضارة الآشورية مرحلة آشور بانيبال وعلّق أبو عباس على ما عُرض، مؤكداً أن حضاراتنا القديمة كانت تسعى إلى حفظ الأرض والإنسان، وتدرك أن القوة هي الأسلوب الذي يصون إنجازاتها، لكن كتّاب «العهد القديم» ومعظمهم من العبرانيين، حاولوا تصويرها بالحضارات المتوحشة.

وقارن أبو عباس بين الماضي والحاضر وخلص إلى نتيجة أن ما حدث في الماضي كان أكثر إنسانية وتمدّناً من وحشية الأمم التي تدّعي الديمقراطية والحضارة في عصرنا الحالي. وخير دليل ما تشهده كيانات أمتنا من تدمير ممنهج وتخريب في التراث والحضارة، وقتل الملايين من أهلنا وتشريدهم.

بعد ذلك، عرّف الحضور بالمدرّس والصحافي والناقد والفنان رحمن عباس، الذي تحدّث عن الأوضاع العراقية من خلال مشاهدات عابرة لشخص عراقي غادر وطنه في منتصف سبعينات القرن الماضي، وعاد لزيارته هذه السنة. ومن لحظة وصوله إلى المطار أصيب بالخيبة والدهشة من حجم الخراب في مدينة البصرة وبُناها التحتية. حيث ضاعت كلّ ملامح المدينة الجميلة وحلّ مكانها الخراب الذي تعرّضت له ذاكرتها، ونخلها وشناشيلها وأنهارها التي تحولت إلى أمكنة آسنة وموبوءة.

واعتبر عباس أن الإدارة العراقية بعيدة عن الانتماء إلى هذا العصر، ويظهر ذلك في سوء المعاملة عند محاولة إنجاز أيّ ورقة في الإدارات الرسمية، إذ يصبح المواطن ضحيتها الأولى. وقدّم في هذا الصدد أمثلة متنوّعة فيها الكثير من الدلالات على المحسوبية والاستنسابية في النظام الإداري.

كما وصف الأوضاع الشاذة والمتمثلة بالسيطرة على الأرصفة وعدم احترام الملكية الخاصة أو العامة، والفوضى التي رافقت كلّ مَرافق الحياة. ثم تناول بؤس الواقع المدرسي وعدم صلاحية المدارس الحكومية. من حيث المناهج وطرق التدريس وتقليص الأوقات الدراسية.

وأشار إلى ظواهر شائعة اعتقد أنّها تعرقل الحياة وتؤثر عليها، ومنها طقوس المشي التي تتوقف في أثنائها الأنشطة المدرسية. ثم تناول البطالة المقنعة والتي تتمثل في وجود كمّ كبير من موظفين لا يقومون بأيّ عمل مفيد.

وقارن حاضر منطقة الأهواز بماضيها، فهي كانت أماكن بيئية رائعة تهب الحياة للحياة البرّية، واليوم نضبت مياهها وجفت نباتاتها.

وانتقل عباس إلى ترصد المظاهر الاجتماعية التي تدلّ على ضعف الحكومة والقضاء وسيطرة العقلية الجاهلية وانحسار العقلية المدنية، وذكر كيف ترزح بغداد تحت وطأة الإرهاب والقلق، وانتقد الأداء الحكومي في عدم مسك الوضع الأمني، فالحكومة التي اعتكفت في المنطقة الخضراء، تركت مواطنيها يلاقون الموت اليومي.

وبعدما قدّم المظاهر السلبية. انتقل عباس إلى الجوانب المضيئة والتي تمثّلت في الحراك الثقافي الذي يحدث في المدن والجمعيات والفعاليات الثقافية التي شاعت في كلّ الأماكن، وهذه أمور تبعث الأمل في النفوس، خصوصاً حركة الثقافة التي تقوم في شارع المتنبي، الذي يمثّل أكبر مكتبة معروضة للعموم، ورأى أن الفعاليات الثقافية التي تقام هناك تنمّ عن حرية الرأي ومحاولة الخروج من دائرة التخلّف، والعودة إلى زمن النهوض.

وفي النهاية، أجاب عباس عن أسئلة الحضور التي دارت حول الأوضاع الاجتماعية والتعليمية والفنية، وحول المأساة العراقية بشكل عام، وخصوصاً عملية التدمير الممنهج على مدى ثلاثة عقود من الزمن. والتي أدّت ولا تزال إلى خراب عام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى