محمد العبدالله مكرّماً في الأونيسكو

لمى نوام

محمد العبدالله، واحد من الشعراء الكبار لبنانياً وعربياً. ابتدع أسلوباً شعرياً جديداً، وواجه الحياة بكلّ أبعادها الثقافية والفكرية والوجودية والفلسفية حتى رفع الحياة من يومياتها وشوارعها. ولأنه أحبّ الحياة وغاص في أعماق فاكهتها الحلوة والمرّة، أراد محبّوه أن يقولوا لروحه كلمة حبّ بنكهة الشعر والغناء واللون، ليتذكر الشعراء والمغنّون والراقصون والرسامون أبا رضا، كلّ على طريقته.

بجوّ من الحبّ والحنين، كرّمت فاعليات ثقافية وأدبية يتقدّمها اتحاد الكتّاب اللبنانيين والحركة الثقافية في لبنان، وحشد من الأدباء والمثقفين والأصدقاء الشاعر الراحل محمد العبدالله، وذلك في قصر الأونيسكو، في حفل تنوّع بين غناء قصائد للراحل لحّنها الفنان أحمد قعبور، وعزف موسيقي للفنان طارف بشاشة، فيما ألقى أربعة شعراء قصائد رثاء في الشاعر هم: الدكتور هيثم الأمين، حسن علي نعيم عبدالله، سليم علاء الدين، وعلي عبدالله ولوركا سبيتي.

وشهد التكريم الكشف عن لوحة تمثّل شخصية الشاعر العبدالله بريشة الفنان يوسف غزاوي، أزاحت الستارة عنها ديما، ابنة الراحل. إضافة إلى مساهة الفنانة سهى صباغ بعشر لوحات تشكيلية لنصوص الشاعر الراحل.

بعد النشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت إجلالاً لروح الشاعر الراحل، رحّب الصحافي حسن العبدالله بالحضور. وتحدّث قعبور عن اللقاء الأخير الذي جمعه بالشاعر الراحل، وغنّى من شعره أغنية بعنوان «لو جمعنا دموع الأرض».

وقدّم الفنان طارق بشاشة، مقطوعة موسيقية على آلة الفلوت، ثم عُرض فيلم فيديو عن أبرز محطات حياة العبدالله الشعرية.

وتلا الشاب علي عبدالله مقطعا من قصيدة طويلة نظمها والده الشاعر حسن حليم عبدالله، مهداة إلى غياب الراحل .

وألقى كلمة اتحاد الكتّاب اللبنانيين وجدي عبد الصمد، فقال: «فقدناه كما فقدته الأمة، فقدنا هذه القامة العربية والأدبية، وبرحيله خسرنا صرحاً شعرياً وثقافياً بامتياز، وبكيناه كما بكاه الوطن وبكته الكلمة، لكنها مشيئة القدر».

ثم أنشد قصيدة رثاء، وتوالت مجموعة ثانية من الكتّاب والشعراء في رثاء العبدالله، فقرأ حسن داود فصلاً من كتاب سيكون فيه محمد العبدالله الشخصية الرئيسة، حيث تناول الفترة التي سمّيت الزمن الجميل أواسط الخمسينات إلى أواسط السبعينات، وهي خواطر وذكريات.

ثمّ ألقيت كلمات لكل من: الدكتورة ربى سابا، عقل العويط، حمزة عبود، وشكرت شقيقته نازك الحضور بِاسم العائلة وكلّ من ساهم في التكريم.

الشاعر والإعلامي حسن العبدالله قال لـ«البناء»: «بِاحتفالنا هذا نكرّم أنفسنا بأن نتذكر الشاعر محمد العبدالله، ونرنو إليه ونشتاق إلى حضوره الحنون والقاسي، المتنوّع، المشاكس الدمث. نشتاق إلى صداقته البلاحدود. نشتاق إلى يومياته المغايرة التي لم نجرؤ على مجاراته فيها عندما كان يصل بنا إلى حافة اللامعقول الجميل، حيث كان يقطف نجوماً لا نراها، ويسقينا منها الرغبة بالحياة بمهارة الساحر. أبو رضا ساحر حقيقي. هو أخفى الحياة الرتيبة تحت كفّه الواسعة واخترع لنفسه ولنا حياة مشوّقة تصطخب بالرغبة والشهوة والحدس والإبداع. لذلك، عندما غاب، فإنه كمن سحب البساط من تحت أقدامنا، و أنزلنا من موجة اللذة إلى الأرض الفانية. حينذاك اكتشفنا كم أننا كنا بحاجة إليه كرجل وشاعر ومفكّر».

كما حدّثنا رفيق درب الراحل الشاعر هيثم الأمين قائلاً: «محمد العبدالله شخصية فريدة من نوعها، لا أحد برأيي يشبه محمد العبدالله، صعب أن نصف هذه الحالة الغريبة. من عايشوه في حياته اليومية وحدهم يستطيعون فهم هذه الشخصية».

الراحل في سطور

محمد العبدالله الذي برز في السبعينات من القرن الماضي وخطّ لنفسه أسلوباً شعرياً متميزاً جمع بين الفلسفة والحبّ والحياة، ومزج بين السخرية والسياسة والتحدّي، تارة بالمحكية وطوراً بالفصحى، له من المؤلفات ما يفوق 11 مجموعة شعرية، ونصوص مسرحية وقصصية.

ولد عام 1946 في بلدة الخيام الجنوبية. حصل على إجازة في الفلسفة من الجامعة العربية في بيروت 1973، وعلى شهادة الكفاءة في الأدب العربي من كلية التربية الجامعة اللبنانية، وعلى دبلوم الدراسات المعمقة في الأدب العربي 1975، وعلى شهادة السوربون الثالثة 1977. اشتغل بالصحافة في الصحف والمجلات التالية: السفير، النهار العربي والدولي، الحياة، الموقف العربي، المستقبل، كما قدم بعض الأعمال الإذاعية. وأصدر مجلة «اليوم السابع» الثقافية التي توقفت لاحقاً.

إصداره الأخير كان كتاب «أعمال الكتابة»، وهو مجموعة قصائد بالمحكية والفصحى غنّاها مارسيل خليفة وأحمد قعبور وأميمة الخليل وسامي حواط، ونصوص قصيرة، جمع القصائد «نادي لكلّ الناس» وصدر الكتاب عن «دار الفارابي».

له دواوين شعرية عدّة نذكر منها: «رسائل الوحشة» 1979 ، «بعد ظهر نبيذ أحمر بعد ظهر خطأ كبير» شعر ـ قصص 1981 ، «جموع تكسير» 1984 ، «حبيبتي الدولة» تغريبة 1986 ، «تانغو» 1987 ، «بعد قليل من الحب، بعد الحب بقليل» 1992 ، «قمر الثلج على النارنج» 1998 ، «بلا هوادة»، «لحم السعادة»، و«حال الحور».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى