الجيش يُنذِر مسلّحي الأحياء الشرقية… وخروج آمن للأهالي… وبدء المفاوضات غطاء غربي وفيتو عربي على تواصل سلام مع الحكومة السورية حول النازحين

كتب المحرّر السياسي

في مرة نادرة من بين اللقاءات التي تجمع وزيري خارجية الدولتين الأعظم في العالم، بدا الوزيران جون كيري وسيرغي لافروف، يتقاسمان الأدوار والكلمات والابتسامات والأسرار، في اللقاء الذي جمعهما في لاوس، والواضح مما أعلن أنّ شيئاً هاماً ونوعياً على طريق الولادة في المسار السوري مع مطلع آب المقبل، وأنّ هذا الشيء الهامّ يربك حلفاء واشنطن، ويزيد الثقة على ضفة حلفاء موسكو، فالشريك الوحيد المعلن للتفاهم الروسي الأميركي يبدو الرئيس السوري بشار الأسد، بعدما أصدرت وزارة الخارجية السورية ترحيباً مزدوجاً بالتفاهم الروسي الأميركي العسكري، والاستعداد للتنسيق ضمن مندرجاته، وبالدعوة لمحادثات جنيف والاستعداد للمشاركة فيها بلا شروط، بينما الجماعات المصطفة على الضفة المقابلة إقليمياً وسورياً في حال ارتباك وتشوّش، السعودية تتحدّث عبر وسائل الإعلام التي تموّلها وتشغّلها عن مساعٍ أوروبية لثني واشنطن عن القبول بترشيح الرئيس السوري في الانتخابات المقبلة، فتكشف بعضاً من التفاهم الروسي الأميركي على استبعاد البحث بالرئاسة السورية من غير طريق انتخابات يشارك فيها الرئيس السوري. وتركيا مستعدّة للتوقيع على كلّ شيء يتصل بالخارج، مقابل التفرّغ لتصفية الحساب بالداخل، ورئيسها رجب أردوغان يعلن السفر في الأسبوع الأول من آب إلى بطرسبورغ للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بينما تتالى على سمعه المواقف الروسية التي تقول إنّ التفاهم حول الدور التركي الجديد في سورية هو مفتاح تطبيع جدّي وراسخ للعلاقات التركية الروسية.

الميدان يكشف الصورة ذاتها التي تعطيها السياسة، فتصير خبراً وليست تحليلاً، فما يجري في شمال سورية، في ظلّ إجماع الأطراف المتقابلة هناك، وامتداداتها الإقليمية والدولية، أنّ حلب تحسم مستقبل سورية، يقول إنّ هذه الـ «حلب» هذه المرة تقترب من حسم مستقبل سورية، فبعد مرور قرابة الشهر على التقدّم المضطرد للجيش السوري وحلفائه في محورَيْ الكاستيلو والليرمون المفصليين في معارك حلب، والفشل المضطرد للجماعات المسلحة بتنوّعها وتعدّدها في تغيير هذا الواقع، وتمكّن الجيش السوري والحلفاء أول أمس، من دخول منتجع الكاستيلو الذي يشكل قلب المنطقة الممسكة بعنق الأحياء الشرقية في حلب، وبلوغ عشرات المجمعات الصناعية في الليرمون، صارت الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون تحت ضغط تدحرج التقدّم العسكري على أطرافها وصولاً إلى الإطباق الكامل، تحت وابل نيران تُجمع المصادر العسكرية، أنها نيران حرب حقيقية غير مسبوقة، ويُصدر الجيش السوري النداءات المتتالية للأهالي للخروج من الأحياء الخاضعة لسيطرة المسلحين بعد تأمين ممرات آمنة وأماكن جاهزة لاستقبال الذين يريدون الخروج، والذين بدأت مئات العائلات منهم بالاستجابة لنداء الجيش، بينما نجحت الإنذارات الموجّهة للمسلحين بعواقب العناد ورفض مشاريع التسوية المتاحة قبل ساعة الصفر المقبلة لاقتحام معاقلهم، في خلق مناخات تفاوض بدأتها جماعات مسلّحة في حي صلاح الدين ومثلها في بستان الباشا، ويتوقع توسّع رقعة الزيت، وفقاً لمصادر عسكرية على صلة بمتابعة الأوضاع في حلب.

لبنانياً، تحضر قضية التموضع على ضفة مواكبة التطورات السورية إلى الواجهة مجدّداً، مع تلقي دوائر رئاسة الحكومة اللبنانية إشارات غربية معاكسة لما كان عليه الوضع قبل شهور، حيث كان الحديث عن استيعاب النازحين السوريين وإدماجهم في الحياة الاقتصادية والتربوية والاجتماعية، وما تفوح منه روائح مشاريع التوطين، بدأت تنقلب الموجة نحو إشارات تشجّع على التواصل مع الحكومة السورية لتنسيق عودة من يمكنهم العودة، ومَن استعادت مناطقهم الأمن الذي يوفر شروطاً مناسبة لعودتهم، بينما حاول رئيس الحكومة تمام سلام استكشاف الموقف العربي، ليكتشف استمرار الفيتو السعودي خصوصاً على مثل هذا التواصل، دون تلبية الطلب اللبناني بتخصيص صندوق لدعم قدرة الدول المضيفة، خصوصاً الأردن ولبنان.

التواصل مع سورية ومناطق للنازحين؟

ما من شك في أن أية قمة تعقد أو مؤتمر دولي يُعقَد منذ بداية الأزمة السورية تحركان ملف النازحين صورياً، فالحل الجذري لهذه الأزمة وانعكاساتها على لبنان مرتبط، أولاً بدول عربية لا يعنيها لا من قريب أو من بعيد هذا الملف، تمارس سياسة الهروب الفضائحي عن مقاربته وإلقائه على الدول التي علقت به وعلى رأسها لبنان الضعيف، وثانياً بالحكومة اللبنانية التي ترفض التنسيق مع الحكومة السورية لإعادة النازحين الى الأماكن الآمنة في سورية.

في السياق نفسه، أكدت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام الذي عاد امس من نواكشوط، لـ «البناء» «أن التواصل مع الحكومة السورية ليس ضرورياً، طالما أن هناك اتصالات وسعياً لدى المجتمع الدولي لإقامة مناطق آمنة للنازحين، لا سيما أن هذا التواصل تعارضه مكوّنات أساسية في البلد».

وجددت كتلة المستقبل في اجتماعها الأسبوعي «رفضها التوطين أكان للاجئين الفلسطينيين أو للنازحين السوريين، وهو ما يشكل أهم عامل في حماية لبنان من المخاطر التي يحملها معه هذا العدد الكبير من اللاجئين».

في المقابل، أكد تكتل التغيير والإصلاح عقب اجتماعه الاسبوعي أن «المهم بموضوع النزوح السوري هو وضعه القانوني في لبنان»، لافتاً إلى أن «المطلوب هو التنسيق مع سورية بالتعاون مع الأمم المتحدة». وفي ملف الاتصالات، أعلن التكتل في البيان الذي تلاه الوزير السابق سليم جريصاتي «أن زمن تبخّر الملفات ولّى وكل ملفات الاتصالات تجب متابعتها، فمن كلّف «اوجيرو» بتجاوز مهامهما المنصوصة في القوانين؟». وأوضح جريصاتي أن «عقداً بقيمة 170 مليار ليرة لـ«أوجيرو» يخالف القانون ويتجاوز مجلس الوزراء».

فرنجية: لم أعد مهتمّاً بترشيحي

في غضون الحرب الإرهابية في العالم والتي لا تستثني أحداً في الشرق والغرب لا يزال لبنان يدور في الفراغ، وجلسات مطلع آب المقبل لا تبشر بالخير الرئاسي أو الانتخابي، رغم كل الضجيج التفاؤلي. لكن اللافت، بحسب ما ذكرت مصادر مقربة من بكركي لـ «البناء» أن رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية أبلغ البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال زيارته الديمان أول أمس أنه لم يعُد مهتماً لترشيحه، مشدّداً على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس مقبول من جميع المكونات السياسية وبالأخص حزب الله». وفي السياق نفسه تحدّثت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن «البطريرك الراعي طلب من فرنجية أن يدرس إعلان موقف جريء يصدر عن المسيحيين بإجماعهم بتبنّي ترشيح العماد عون ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم».

السفراء الأوروبيون في البرلمان: لا للتمديد

وعشية الخلوة الحوارية، تجمع اللجان النيابية المشتركة اليوم برئاسة نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري في جلسة مخصصة للبحث في القانون الانتخابي، من المتوقع أن ترفع سريعاً لا سيما أن النواب الأعضاء يعانون من ارتباك تجاه الجلسة بأكملها لجهة النقاشات من منطلق أن الجلسات التي سبقت الجلسة الماضية لم تشهد أكثر من تكرار للمواقف السياسية المعروفة لكل مكوّن. ويأتي موعد الجلسة اليوم عقب اجتماع عقد أمس بين سفراء الاتحاد الأوروبي برئاسة السفيرة كريستينا لاسن من جهة، والنائب مكاري بصفته رئيساً للجان المشتركة وأعضاء لجنة التواصل النيابية والنائب عبد اللطيف الزين بصفته رئيساً للجنة الخارجية. وعلمت «البناء» من مصادر المجتمعين أن «السفراء الأوروبيين نقلوا تأكيد دولهم رفض التمديد للمجلس النيابي، وضرورة إجراء الانتخابات في موعدها بأي شكل من الأشكال بصرف النظر، عما إذا أنجز القانون الانتخابي أولاً». وأكد السفراء أهمية إجراء الإصلاحات التقنية المتعلقة بالكوتا النسائية والقوائم المطبوعة سلفاً، وحقّ المواطن في الانتخاب في أي مكان يشاء، وإنشاء هيئة مستلقة للإشراف على الانتخابات.

في المقابل عرض كل مكوّن من القوى السياسية وجهة نظر حزبه مما يُطرح، وجرى تأكيد أن الخلاف ليس على البنود الإصلاحية، إنما على البندين السياسيين المتعلقين بآلية الانتخاب نسبي، أكثري، مختلط وحجم الدائرة.

إلى ذلك، تخصص جلسة مجلس الوزراء اليوم للبحث في ملف وزارة الاتصالات، لا سيما في البند المتعلق بمناقصات الخلوي. وعلمت «البناء» أن التمديد لشركتَيْ الخلوي ينتظر ما ستكون عليه المناقصات، ولذلك لن تتطرق الجلسة اليوم، بحسب ما أكد الوزير بطرس حرب الى عقد التمديد. وأشار إلى أنه ذاهب الى الجلسة لعرض المشاكل التي تعترض عمل الوزارة، ويتمنى أن تؤخذ في الاعتبار المصلحة العامة، لا تصفية الحسابات والكيدية وسيطرة المصالح الشخصية.

سماحة والأسير إلى رومية

من ناحية أخرى، برز أمس طلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر نقل الوزير السابق ميشال سماحة والإرهابي أحمد الأسير الى سجن رومية. وقد نفّذ القرار بنقلهما مساء وباتا في مبنى المعلومات في سجن رومية. وأبلغ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق رسمياً منسق «التحالف المدني الإسلامي في لبنان» أحمد الأيوبي أن الأسير بات في عهدة شعبة المعلومات في سجن رومية، وذلك بمسعى من «التحالف» و«هيئة علماء المسلمين». وأكدت مصادر عسكرية لـ «البناء» أن كل الآمال التي كانت معلقة على إجراء تسويات او صفقات في ملفي سماحة والأسير طويت وانتهت. فنقلهما يخفّف من وضع الخصوصية والمراقبة ومن أعباء السجن بحيث إن معاملتهما ستكون أسوة بمعاملة محكومين عاديين قيد الملاحقة القضائية العادية من دون خصوصية للملف ومن دون استثناءات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى