أديسيات

ثور تركيا الهائج

بغضّ النظر عن كل السينارىوات والتكهّنات والدراسات والتحليلات المنشورة لمحاولة الاقتراب من حقيقة ما جرى في تركيا ليلة الانقلاب الفاشل، ومَن كان وراء هذا الانقلاب، وهل هو انقلاب حقيقيّ أو مسرحية مدبّرة من أردوغان للقبض على كامل مفاصل الدولة والتخلّص، مرّةً وإلى الأبد، من معارضيه، وكسر قوة الجيش الذي يعتبر تاريخياً حارساً لعلمانية الدولة.

بغضّ النظر عن كلّ ما سبق، نستطيع أن نقول إن تركيا التي نعرفها انتهت، ونستطيع أن نقول أيضاً إن لفشل ذلك الانقلاب نتائج وتداعيات تفوق أضعاف المرّات فيما لو كُتب له النجاح.

والفضل كلّ الفضل في ذلك، للثور الهائج الذي ما زال حتى يومنا هذا يصارع ويناطح ويحطّم كلّ ما يواجهه.

إذ لم يبقَ إلا تلاميذ المدارس والأطفال في الروضات لم يحاسَبوا على ضلوعهم في الانقلاب. وسترينا القادمات من الأيام والأشهر أن هذا الثور الهائج انساق وراء غريزة الانتقام وإلغاء الآخر، وأسكره شعور الانتصار لدرجة أنه لم يعِ أنه قد كتب نهايته بقرنيه. وازداد يقيننا بهذا الكلام لدى رؤيتنا كبار جنرالات الجيش التركي يُساقون مكبّلين ويُجبرون على ذكر أسمائهم ورُتبهم أمام الكاميرات كأيّ لصّ وضيع أو مجرم يعرضونه في برنامج خاص بالشرطة.

والثور بالثور يذكر…

يحكى أنه في إحدى المزارع تم فصل الأبقار عن الثيران بسياج من الأسلاك الشائكة لغرض تنظيم مواعيد التزاوج والتلقيح.

بعد فترة، جاء أحد الثيران وقد ثارت غريزته فسأل عن كيفية عبور السياج الشائك. فدلّوه على ثور كبير يجلس بعيداً اسمه «الخبيـر»، سأله عن الكيفية، فأجابه «الخبير»: تبتعد عن السياج ما لا يقل عن مئة متر وتركض بسرعة لا تقل عن 60 كيلومتراً في الساعة، وتقفز من على السياج بزاوية لا تقل عن 60 درجة، فتعبر وتنهي حاجتك وتعود بالطريقة نفسها!

فقال الثور: وإذا اخطأت في الحسابات مثل السرعة أو الزاوية، ألن أقع على السياج الشائك وأخسر أعضائي التناسلية؟ ماذا أفعل بعد ذلك؟!

فأجابه: عندئذ، تصبح «خبيـراً!».

هل أخطأ ثورنا الهائج في حساباته؟

أديس ديرمرجيان

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى