البشرية عائلة واحدة

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

الإرهاب يضرب قلب أوروبا! واقع جديد يعيشه الأروبيون يطرح مجموعة من الأسئلة.

أولاً: ما هو تعريف الأوربيين للإرهاب؟ هل له هوية؟ هل هو محدّد الملامح والأبعاد والمواصفات؟ أم كما هو الحال متغيّر في هويته وصفته وجهته؟

ثانياً: لماذا يضرب الإرهاب دولاً أوروبية؟ لأيّ سبب؟ وهل هذه الدول بريئة من وجوده ودوافعه وتمدّده؟ أم أنها فعلاً تتلقى جزاء ما عملته أيديها؟

ثالثاً: هل هناك صلة مباشرة لما يجري في أوروبا بالذي يحصل في بلداننا خصوصاً في سورية والعراق؟

رابعاً: هل للسياسات الأوروبية دخالة في تفجير الحالة الإرهابية في دول المنطقة والعالم؟

خامساً: هل الإرهاب الذي تمارسه جماعات إسلامية مقطوع الصلة بالإرهاب الذي تمارسه دول غربية تحت غطاء الحداثة والمدنية والعولمة؟

هذه أسئلة أولية ضاغطة لا يمكن تجاهلها أمام الدم الذي ينزف أوروبياً هذه المرة، بعدما كان لأشهرٍ ماضية منحصراً داخل المجتمعات العربية والإسلامية.

فإذا كانت أوروبا قارّة محايدة، وحكوماتها لا تُصدّر لشعوبنا إلا الخير والسلام، فما سبب الإرهاب هناك إذاً؟ وإذا كانت غير شريكة في ما يحصل في بلداننا. لا تدعم ولا تسهّل ولا تتعاون ولا تغطي أحداً من الإرهابيين ولا تأوي أحداً منهم، فلماذا الإرهابُ هناك طالما أنّ أوروبا مقرّ لشريعة العدل والسلام والأمن والتعايش؟

إنّ ما لا يعرفه الأوروبيون عن هذا الدم الذي ينزف هو أنّ الحكومات الأوروبية كانت منذ ظهور هذه المجموعات التكفيرية الإرهابية، في موقع الرعاية والدعم والمساندة لتحقيق طموحات استعمارية جديدة.

الدم في بلداننا له صلة بهذه الدماء التي تسيل اليوم في أوروبا ولكن لا أحد يسأل ويستنكر ويسعى بجدّ لإيقافه. منذ العام 2003 التفجيرات الانتحارية تقتل مَن تقتل من الأطفال والنساء وطلاب المدارس والجامعات وفي المارة والأسواق والأماكن العامة، وتُهدم المساجد والكنائس ويُعتدى على المقدّسات والأماكن الأثرية ولم يحدث أن تحرك الأوروبيون لتجفيف منابع الإرهابيين ومحاصرتهم، بل تُركوا بحرية مطلقة مع غطاء إقليمي ودولي ودعم سخي لتعميق الانقسامات وتمزيق الدول.

لم يكن أحد يسمع بقصة أم مفجوعة وطفل مذبوح وشاب مقطّع إرباً إرباً، لم يكن أحد يأبه لكلّ الآلام والأوجاع التي تلحق بالليبيين والسوريين والعراقيين واليمنيين شعوب بأكملها هُجّرت وشُرّدت لا تعرف إلى أين تأوي وإلى أين تذهب، فيما المصادر والثروات الطبيعية التي تُسرق من أرضنا تجد لها الطريق الآمن للوصول إلى قلب العالم الغني في أوروبا.

الأبرياء في أوروبا يدفعون ثمن تجبّر حكوماتهم وظلمها لشعوب أمتنا وهي تلقى للأسف الشديد سوء أفعالها!

نريد السلام والعدل أن يعمّا أقطار العالم أجمع، وهذا ما نريد أن تفهمه أوروبا. لا شماتة ضدّ أحد، ولكن ليستفق هذا العالم الغربي وليستمع إلى أنين كلّ المظلومين ولتكن مواجهة الإرهاب من خلال العودة إلى قيم السماء ومن خلال تشريعات تهدف إلى أن يعيش البشر عائلة واحدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى