نصرالله و «إحاطة» كاملة بالحراك الروسي التركي الإيراني

روزانا رمَّال

تصاعدات مؤشرات الدخول في انهيارات متتالية لأبرز الكتل السياسية الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة السورية أو المرتبطة بانعكاساتها استراتيجياً بشكل مفاجئ أخذ المشهد بشكل دراماتيكي نحو خطوات تقدر «بالجريئة» تجاه الموقف من سوريا أو من الحرب بالمنطقة عموماً كاشفة عن هواجس من التدهور الأكبر في ما لو بقيت متمسكة بتموضعها السابق دون تعديلات.

تحضر الأزمة البريطانية التي تشبه بطريقة أو بأخرى «انقلاباً» انتج تغييراً جذرياً بهوية السلطة الحاكمة «ديمقراطياً» بشكل صارخ في الغرف السياسية الأوروبية. وهي أول نتاج لأزمات الشرق الاوسط التي أدت لتأزيم مالي كبير في لندن وأدت الى انسحاب حليف واشنطن من الاتحاد الأوروبي الذي رفض ادخال روسيا اليه واستكمل محاربتها في مصالحها من ليبيا الى سوريا باستغلال ازمات الربيع العربي والتدخل عسكرياً وتزخيم الصراعات.

محاولة الانقلاب في تركيا بدورها شكلت ضربة قاسية كادت تكون محققة لولا سرعة سيطرة السلطات التركية عليه، وهي المسبوقة باهتزاز في شعبية اردوغان وفشل بتشكيل حكومة منفردة، بعدما حققت قوى واحزاب تركية، خصوصاً الاكراد نتائج بالغة الأهمية في الانتخابات ما اخذ اردوغان نحو انتخابات مبكرة.

تفشي الإرهاب في أوروبا أخذ بدوره يستدرج المواقف والنيات ويقدّم للمجتمع الدولي موقفاً أوروبياً مغايراً سورياً، خصوصاً من السلطات الفرنسية التي أعلنت أن داعش والنصرة تنظيمان ارهابيان تجب محاربتهما بعد رفضها اعتبار النصرة تنظيماً ارهابياً لسنوات. مصادر ديبلوماسية تجزم لـ «البناء» بتواصل اوروبي رسمي من بينه «ايطالي وفرنسي» مع السلطات السورية مع ترك سوريا هامشاً لإعلان الدول نفسها عن ذلك بالوقت المناسب.

وبالعودة لتركيا فإن الازمة الكردية وتموضع اردوغان في صلب المعركة السورية لوجستياً وسياسياً أخذ الداخل التركي نحو الاحتقان وصولاً للانفجار والتخطيط للانقلاب، فاتخاذ تركيا الحدث مفصلاً رئيسياً ترجمته بإشارة لافتة باختيار رئيسها بمغادرة البلاد في أول زيارة له بعد الانقلاب نحو روسيا، ولهذا الامر دلالات عديدة تكاد تعبر عن موقف أردوغان فيها ان روسيا هي بيت القصيد.

ثلاث أزمات رئيسية لا تزال ارتداداتها في أوجها تكاد تطيح بحلفاء واشنطن فتخسر معها ادوات القتال الجدي في المنطقة. استوجبت اعادة البحث بالمواقف الأميركية الحالية وسيرها نحو خطى سياسية جديدة وبعيداً عن الإعلام خطى الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفريقيهما الأسبوعين الماضيين خطوات منتجة نحو التقدم باتجاه حل الأزمة السورية. أعلن اردوغان عزمه التنسيق مع روسيا لحل الازمة السورية وهو وحده تكريس لحقيقة وجودها واعتراف بها كـ «قدر محتوم ويقين باستحالة تخطي وضع مكرّس قد يطول في المرحلة المقبلة للوجود الروسي». بالتالي فان كل ما يضر بالعلاقة مجدداً بين البلدين ويشكل تحدياً لمصالح موسكو ليس على اولوية تركيا في المرحلة المقبلة بل التكيف معها.

وبين ما لم يكن ممكناً وما كان متوقعاً في مناسبة تحمل في طياتها ما تحمله غالباً من رسائل لـ «إسرائيل» بعد عشر سنوات على انتصار حزب الله في حرب تموز وبين تنبه المقاومة واستعدادها لحرب بكامل قدراتها، خرج امين عام حزب الله ليعلن عن انتصار عسكري قريب للمحور الايراني الروسي السوري في المنطقة فاتحاً آفاقاً جديدة في خطاب الحزب الذي توجّه لأول مرة في خطاب واضح للتكفيريين المنتمين لكل من القاعدة ومتفرعاتها بين نصرة وداعش بتوقيت لافت ونفس مغاير، مؤكداً لهم أن شيئاً ما يتحضر يخص مصيرهم من ضمن خطوات الدول التي غذّت حضورهم وهي عازمة على القضاء عليهم.

ليس وارداً بأي شكل من الاشكال التوجّه بخطاب «ضمائر» في لحظة استعار النيات. وهذا ما لم يحصل طيلة فترة الحرب التي شارك فيها حزب الله بوجه التنظيمات أو ذروتها، بالرغم من أن مجريات الشمال السوري والتصعيد اللافت لآلة الحرب السعودية اليوم في اليمن من دون «مبرر أو مستجدّ» يشرح انسحاب فريق اليمن الموالي للرياض منها، يشير ظاهرياً الى مزيد من تزخيم واتحاد العناصر الحليفة لواشنطن، توجّه نصرالله مباشرة للمقاتلين بمحاولة إنقاذية خالية من استعراض القوة أو التهديد الذي أراده حزب الله بوجه «إسرائيل» وهو قد بادر الى لحظة إنسانية لافتة تؤكد تضليل وخيبة هؤلاء في موقف يشبه الأسف على مصير مؤكد يبشر فيه نصرالله.

كشف السيد نصرالله عن اطمئنان شديد في ما بدا على دراية كبرى وشبه أكيدة ببدء تقدّم الحلول السياسية وتحوّلات إقليمية ودولية تجاه الموقف من سوريا، وبما دار بالقمة الروسية التركية واللقاء الإيراني التركي على المقلب الآخر، فور عودة اردوغان من روسيا واستقباله وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الذي قدم حاملاً رسالة من القيادة الإيرانية الى اردوغان والاعلان عن اتفاق على تعزيز التعاون للتوصل للحل في سوريا، مشددين على «وحدة سوريا». وهي العبارة نفسها التي تكررت في خطاب اردوغان بوتين فيما كان نصرالله، قد بحث مع المسؤول الايراني علاء الدين بروجردي الذي انتقل لسوريا للقاء الأسد بتطورات المواقف السياسية لحظة استعار المشهد في حلب.

غمز نصرالله الى انتصار سياسة حلفائه بالمنطقة والخندق الذي يتموضع فيها حزب الله. واعلن رسميا عن اتفاق اميركي روسي مقبل في ضرب داعش بالرقة والموصل وهما اولويتان من اجل الانتخابات الاميركية لتجييرها للحزب الديمقراطي الذي يعاني من اتهامات ترامب لكوادره بخلق «داعش».

اطمئنان شديد مع إعلان جدي عن تحولات سياسية قريبة تحدث عنها نصرالله بوضوح تام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى