موسكو تعلن وواشنطن تأمل… قرب التوصل للتفاهم حول سورية خلال ساعات بري يخفض منسوب التفاؤل ويرفع الصوت بوجه الدلع والرهان على الخارج

كتب المحرّر السياسي

مع تصاعد العمليات العسكرية على مختلف جبهات القتال في سورية، لم تنجح الحملة التركية في جرابلس ومنها، ولا حملات الجماعات المسلحة وفي مقدّمتها جبهة النصرة على بلدات ريف حماة، بخطف الأضواء عن حلب، التي يبدو أنها ستبقى عنوان الحرب في سورية، حتى يحسم وضعها العسكري في حماية الجيش السوري، وتشملها التسويات المتدحرجة التي بدأت من داريا وتتمّ اليوم حلقتها الثانية في المعضمية، وتتلوها تسوية مشابهة في حي الوعر في حمص، يخرج بموجبها المسلحون وعائلاتهم،

بينما تتصدّر حلب المحادثات الروسية الأميركية التي تجري على مستوى الخبراء والقادة الدبلوماسيين والعسكريين في جنيف، والتي تبدو على مقربة من بلوغ نهايات التفاهم وفقاً لما نقله نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي رياباكوف إلى طهران، وصرّح به من هناك. بينما أعلنت واشنطن أنها تتابع الحوار سعياً للوصول للتفاهم وأملاً ببلوغه، وأبدى وزير الخارجية الأميركي جون كيرى ارتياحه لما يجري بين الخبراء ولما أنجز في لقائه بنظيره الروسي سيرغي لافروف، فيما أعلن البيت الأبيض مغادرة الرئيس باراك أوباما متوجهاً إلى بكين للمشاركة في قمة العشرين، التي سيلتقي على هامشها بكلّ من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان، ويكون الموضوع السوري محور المحادثات، بينما يفترض ان تكون تفاهمات جنيف قد أنجزت مسودة الاتفاق الذي ينتظر موافقة الرئيسين.

لبنانياً، كان الموعد مع الحشد الجماهيري الذي أحيا بدعوة من حركة أمل ذكرى غياب الإمام موسى الصدر، ومع كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي خفض منسوب التفاؤل بالحلول، رافعاً صوته بوجه ما أسماه بالدلع السياسي والعبث والرهانات على الخارج، محذراً من تعريض الحكومة للخطر، بعدما استنفدت فرص حمايتها، مجدّداً دعوته إلى سلة تفاهمات تتناول رئاسة الجمهورية والحكومة وقانون الانتخاب.

بالتزامن، انفجرت أزمة النفايات من ملف برج حمود وموقف حزب الطاشناق الذي أعلن عدم السماح بمواصلة رمي النفايات فيه، بينما كانت المتفجرة التي هزّت الهدوء الأمني على أوتوستراد زحلة قد فتحت مجدّداً ملف الخلايا النائمة للتنظيمات الإرهابية.

خطاب الألم في ساحة القسم

كان خطاب رئيس المجلس النيابي نبيه بري في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، خطاب الألم في ساحة القسم. وفيما كان الجميع يترقّب ما ستحمله كلمة رئيس المجلس من مبادرات تحدث ثغرة في جدار الأزمة الرئاسية. يبدو أن الرئيس بري لم يتلقَّ أية ردود ايجابية من الرئيس سعد الحريري على مبادرة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بعدما كانت ترددت معلومات أن الحريري سيعود الى بيروت قبل 31 آب. كل ذلك يؤكد أن الاتصالات الجارية على أكثر من جهة حكومياً ورئاسياً وصلت إلى طريق مسدود، ما من شأنه أن ينعكس على طاولة الحوار في 5 أيلول المقبل التي يتجه التيار الوطني الحر إلى مقاطعتها إذا لم تطرأ تطورات ايجابية يبنى عليها.

سنواجه التعطيل بقوة الناس

وفي موازاة الأفق المسدود سيبقى رئيس المجلس مصرّاً على «الحوار الثنائي والجماعي لما له من أهمية تمنع التوتر والفتنة». ودعا بري الى «إيقاف العبث السياسي والالتزام بالدستور ومواجهة القوى التي تواصل الانقلاب على مختلف العناوين السياسية». وشدد على أنه «لا بد من التفاهم على قانون انتخابات أو تشكيل الحكومة ما يتيح انتخاب رئيس للجمهورية حتماً». ودعا إلى «وقف تعطيل المؤسسات، وإذا اقتضى الأمر، فإننا سنواجه هذا الأمر بقوة الناس».

وحذّر التمادي في لعبة حرق الوقت وبناء الأوهام من التمادي في المراهنة على الخارج لحلّ القضايا الوطنية، ولو أني لا زلت أرى أن بناء الثقة في العلاقات السعودية الإيرانية يقدّم اسهاماً ضرورياً في إنتاج سلام لبنان وسائر الأقطار العربية المضطربة او الملتهبة وفي اعادة الاعتبار الى القضية الفلسطينية».

وجدّد المطالبة بدعم الجيش وتبرّع المصارف لتسليحه وزيادة عديده، إذ لا يمكننا الاستمرار بالتسوّل»، كما لفت الى أن «الثروة النفطية من شأنها أن تُخرج لبنان من أزماته ونريد أن نواصل الى الأمام في الملف النفطي»، واعتبر أن «الحفاظ على بيئة لبنان يتطلب اتخاذ الإجراءات لمنع التفجيرات لصالح الكسارات». وقال «اكتشفنا منذ أيام أن هناك مراسيم موقعة من وزراء وقرارات رسمية سمحت بتقسيم صبّ نفايات البلدات في الأنهر»، وأضاف «الحكومة مطالبة بتوليد فرص عمل للشباب ووقف استنزاف مواردهم البشرية». وفيما أكد بري على «تمسكه بالمعادلة الماسية جيش وشعب ومقاومة»، وصف مطالب البعض بجمع السلاح قبل إزالة خطر إسرائيل بأنها «هرطقة»، وأضاف «أقول لـ «الإسرائيليين» لا تجرّبوا لبنان والمقاومة باقية ما بقي العدوان والاحتلال والتهديد بالعدوان».

هل تطير الحكومة؟

وأكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» أن الرئيس بري بدا أمس يائساً من انفراج رئاسي، بعدما كان منذ فترة وجيزة متفائلاً بانتخاب رئيس قبل نهاية السنة». وأشارت المصادر إلى «أن كلامه حمل تحذيراً من مغبات الدلع عند بعض المكوّنات، وكان لافتاً تأكيده انه لم يعد بمقدوره حماية الحكومة». وأبدت المصادر تخوّفها من أن تطير الحكومة مع اتجاه الوطني الحر إلى قطع الاوكسجين عنها»، معتبرة أن سقوط الحكومة قد يدخل البلد في فراغ شامل لا سيما أن أفق حل الأزمة الرئاسية غير واضح اقليمياً».

النفايات إلى نقطة الصفر

عادت أزمة النفايات إلى نقطة الصفر، مع خروج المكونات السياسية من حزب الكتائب إلى عرقلة الخطة المتفق عليها بين الحكومة وبلدية برج حمود وحزب الطاشناق، إذ أعلن حزب الكتائب رفض إقامة مطمر للنفايات في الجديدة بالتوازي مع مطمر برج حمود. في حين سارع عدد من نواب التغيير والإصلاح في الجلسة إلى المطالبة بفتح مطمر برج حمود حالياً أمام النفايات المكدسة بانتظار الاتفاق لاحقاً. وبرز أمس، تأكيد رؤساء اتحادات بلديات كسروان والمتن الشمالي خلال جلسة المال والموازنة المخصصة لحل أزمة النفايات أنها غير جاهزة لمعالجة نفاياتها في كل قضاء قبل عام.

البلديات غير مؤهّلة

وأشارت مصادر في اللجنة لـ «البناء» إلى أن «البلديات أعلنت غير مؤهلة من الناحية التقنية والمالية لتسلم الملف. واليوم علينا إيجاد حل مؤقت الى أن تعمل وزارة الداخلية على تجهيز البلديات وحملة تثقيف المواطنين لا سيما كيفية الفرز من المصدر وحينها تصبح البلديات جاهزة».

وأشارت المصادر إلى أن «لجنة نيابية ستنبثق الى جانب اللجنة الوزارية برئاسة الوزير أكرم شهيب مع المستشارين ومجلس الإنماء والاعمار لمواكبة هذا الملف، لتخفيف حجم الأزمة وزيادة حجم الفرز وتحسين أداء العمل لشركتي سوكلين وسوكومي كي لا يتحوّل الساحل المتني مزبلة، وبالتالي العمل لتخفيف حجم الكارثة وأن لا نشوّه الواجهة البحرية في المتن الشمالي».

وأضافت أن «الخطة المؤقتة هي تخفيف الكارثة وتأهيل المطامر وتوسيعها وحماية شطّ المتن من تكدّس النفايات، وفي الوقت نفسه إزالة النفايات من الشوارع بأسرع وقت. ومهمة مجلس الإنماء والإعمار واللجنة الوزارية واللجنة النيابية أن تجد الآليات العملية التنفيذية لذلك، وإذا لم تستطع الحكومة والإنماء والإعمار، فليعلنا فشلهما أمام الرأي العام».

وكشفت أن «النفايات ستبقى في الشوارع، ومن المتوقع ان تبدأ الشاحنات بإزالتها خلال 5 أيام أو اسبوع، لكن في إطار اتفاق واضح وإجبار الحكومة أن تطبقه».

الكتائب يسحب الجديدة من خطة الحكومة

وأشارت مصادر نيابية أخرى لـ «البناء» إلى محاولات ظهرت من حزب الكتائب خلال الجلسة لسحب منطقة الجديدة من الخطة والإبقاء على مطمر برج حمود، نظراً لوجود شركات نفط وغاز غير راضية عن مشروع الحكومة، لحل ازمة النفايات من جهة ورفض أصحاب المركز التجاري GEANT اقامة مطمر أمام سيتي مول».

ولفتت المصادر إلى أن رئيس بلدية الجديدة انطوان جبارة أشار خلال الجلسة إلى «أنه لن يناقش في تنفيذ أي مشروع قبل رفع الجثة النفايات من شوارع الجديدة ودفنها، عندها تدخل الامين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان، مؤكداً أن برج حمود أقفلت جمعية دفن الموتى». فسارع رئيس حزب الكتائب إلى تكرار ما قاله أول امس في المجلس النيابي، مشيراً إلى «أنه يتفهم جهود حزب الطاشناق وما يعانيه اهالي برج حمود من المياه المبتذلة ومن جبل النفايات، لكن هذا الجبل موجود في برج حمود، فلماذا نقيم جبلاً آخر في الجديدة على الرمل». فردّ بقرادونيان: نحن تحمّلنا بما فيه الكفاية، هذا المشروع هو متكامل. أهم بند فيه أنه ينفذ بالتوازي مع الجديدة. ليطفح كيل بقرادونيان مع مسارعة النائب غسان مخيبر الى الدعوة لتجزئة الخطة بفصل مطمر برج حمود عن مطمر الجديدة ما دفع الأمين العام لحزب الطاشناق الى الإدلاء بدلوه مشمئزاً مما يحصل والخروج غاضباً».

بقرادونيان: برج حمود الجديدة معاً

وأوضحت المصادر ان «بقرادونيان يريد فتح المطمر ضمن خطة متكاملة أي في مطمري برج حمود والجديدة معاً، لان خطة مجلس الوزراء تسبب كارثة على اهالي المنطقة وتراكم للنفايات على مساحة 3 كلم».

وشدد بقرادونيان لـ «البناء» على «الحل المتكامل وليس المجزأ باعتماد آلية وتوقيت وإدارة صحيحة للعمل». وقال «لا رجوع عن موقف الطاشناق الا بتطبيق الخطة المتفق عليها بين الحكومة وبلدية برج حمود وحزب الطاشناق وواففق عليها وزراء حزب الكتائب في جلسة مجلس الوزراء». وشدد على رفض تخزين النفايات المكدسة في الشوارع في مطمر برج حمود، داعياً المعرقلين إلى «تطبيق الخطة أو ليسارعوا الى ايجاد حل للنفايات قرب منازلهم».

خلية نائمة تنشط بقاعاً

وأمس عاد الإرهاب ليضرب من جديد منطقة البقاع، فبعد شهرين على تفجيرات القاع، انفجرت عبوة ناسفة تزن ما يقارب الـ4 كيوغرامات عند مستديرة كسارة في زحلة، ما أدى إلى استشهاد امراة سورية غالباً ما تتواجد في المكان، إضافة إلى جرح عدد من المواطنين. هذه العملية الإرهابية هي الثالثة من نوعها بعد تفكيك الجيش في أيار الماضي عبوة كانت مزروعة على طرف الطريق عشية الانتخابات البلدية، وانفجار عبوتين ناسفتين على أتوستراد زحلة كسارة في عام 2013.

وأشارت مصادر أمنية خاصة متابعة لـ «البناء»، إلى «أن الأجهزة تتابع منذ أسبوع معلومات وردت عن عمل أمني غير عادي في البقاع». وتضيف المصادر التي تقاطعت مع مصادر أمنية واستخبارية لبنانية رفيعة عن «الاشتباه بخلية نائمة تنشط بقاعاً وتحضر لعمل أمني ما وسط البقاع».

وأكدت مصادر أمنية لـ «البناء» «أن عبوة زحلة لم تكن تستهدف الحافلات المتوجهة من البقاع إلى الجنوب للمشاركة في احتفال الإمام الصدر في صور إنما كانت معدة مسبقاً وكانت تستهدف حافلة لحزب الله». وذكرت مصادر خاصة لـ «البناء» مرور حافلة قبل انفجار العبوة بحوالي الساعة، إذ يبدو «أن مفجر العبوة والراصد اختلط عليه الأمر ومرت الحافلة المستهدفة بسلام».

التمديد للقوات الدولية

إلى ذلك، تبنى مجلس الأمن بالإجماع قرار التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان حتى 31 آب 2017، دان بأشد العبارات كل محاولات زعزعة الامن والاستقرار في لبنان، محذراً من ان الخروق لاتفاق وقف الاعتداءات بين لبنان و»إسرائيل» يمكن ان تؤدي الى نزاع جديد لا يمكن ان يتحمله أي من الافرقاء في المنطقة. ابدى قلقه ازاء التقدم المحدود الذي احرز نحو التوصل الى اتفاق دائم للنار، داعياً الافرقاء كافة لممارسة أقصى درجات ضبط النفس والهدوء، اضافة الى الابتعاد عن الخطاب الذي يمكن ان يزعزع اتفاق وقف الاعتداءات او المنطقة ككل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى