بدء العام الدراسي الجديد في سورية… قُرِعَ الجرس!

د. خيام محمد الزعبي

في ساحات المدارس وفي غرفة كلّ صف دراسي يصنع الحلم وتوقد شمعة الأمل وتحرق ورقة التشاؤم والسوداوية… بعد إجازة طويلة امتدّت لعدة أشهر، نعود نحن الطلاب إلى مقاعد الدراسة ونجتمع من جديد، نقرع جرس البدء لمسيرة أخرى من تحصيل العلم والمعرفة في أيام مليئة بالجدّ والنشاط والبذل من أجل سورية، فبالعلم نرتقي حتى نحقق أحلامنا وآمالنا التي ننتظرها بفارغ الصبر، أكتب اليوم هذا المقال تشجيعاً للطلاب على بذل الجهد والاجتهاد في سبيل التفوّق والنجاح، وإثبات الذات وتحقيق الطموحات.

بعد ركود استمرّ لعدة أشهر، عادت الشوارع تلتقط أنفاسها من جديد، لتبدو كيوم عيد ولكن بلباس مدرسي، طلاب يتطلعون صوب المستقبل وهم يخططون له ويتحفّزون لكي يكون لهم الدور الأكبر ليعملوا وينتجوا، ويؤكدوا وجودهم، فبين ناجح بتفوّق ومستعدّ لتفوّق أكثر، وبين آخر أخذ العهد على نفسه ببذل جهد أكبر، وبين كسول ندم على ما فات وسيطوي صفحة الإهمال وسيثابر، هناك لحظه حاسمة تعلن للجميع بأنّ الجرس قرع ليعلن بدء عام جديد.

مدارس سورية اليوم تفتح أبوابها أمام الملايين من أبنائنا الطلاب والطالبات إيذاناً بعودة الحياة إلى تلك المدارس بعد أن أرادت التنظيمات الإرهابية إطفاء شعلة النور فيها أمام هؤلاء الطلاب الذين يصرّون على متابعة تحصيلهم العلمي، في هذا العام الدراسي نبدأ صفحة جديدةً وعاماً جديداً ننسى فيها الماضي ونتطلع إلى الأفضل، نعالج أخطاء الماضي بإشراقة الحاضر وبالروح المتجدّدة التي كلها إصرار وأمل في سبيل الصعود إلى القمة…

اليوم تضطلع وزارة التربية السورية بكوادرها كافة بمهمة تحسين الأداء، والارتقاء بالمستوى، عبر القرارات والإنجازات التي نؤكد بها على ريادتنا بين مختلف الوزارات والحقب التي مرّت عليها، رغبة في إنجاز التقدّم والتطور المنشود، فكلّ ما تحتاجه العملية التربوية تمّ تحضيره بشكل كامل من قبل الإداريين من خلال تأمين الكادر التربوي ووضع برنامج أسبوعي للداوم المدرسي وتأمين الكتاب المدرسي للطلاب، مع استقبال الطلاب القادمين من خارج المنطقة .

العدوان على سورية وإنْ دمر آلاف المدراس وقتل المئات من الطلاب والتربويين والمعلمين إلا أنّ وزارة التربية أكدت أنها ماضية في استكمال سير العملية التعليمية ولو تطلب الأمر تلقي الطلاب دروسهم على الأرض وتحت الأشجار، لذلك حرصت في ظلّ الأزمة على أولوية استمرار العملية التربوية، إذ ركّزت خططها على اعتماد عدة إجراءات منها، اتباع المرونة في قبول وتسجيل التلاميذ الذين لا يحملون وثائق مصدقة أصولاً، و إجراء اختبارات سبر للتلاميذ الذين لا يحملون وثائق تبين صف كلّ منهم الدراسي، بالإضافة الى إجراء دورات إكمال للراسبين في صفوفهم، وتنفيذ امتحانات في نهايتها لتحديد مدى استحقاقهم النجاح أو الرسوب، وإجراء دورات مكثفة خلال فترة الصيف للتلاميذ الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدرسة خلال العام الدراسي المنصرم، ومتابعة تلاميذ الفئة /ب/ المتسرّبين، عبر إعداد مناهج الفئة /ب/ والتدريب عليها وافتتاح شعب خاصة لاستيعاب هذه الفئة من المتعلمين، فضلاً عن تأمين سبل ووسائل التعلم الذاتي للتلاميذ في المناطق الساخنة، و«إطلاق حملة حقي أتعلم»، وتوزيع «مليون» حقيبة مدرسية في أنحاء القطر، وفي الاتجاه الآخر فقد تعرّضت بعض المدارس للدمار والخراب وخروجها عن خدمة العملية التعليمية والتي تنوّعت أضرارها ما بين ضرر كلي – ضرر جزئي – صعبة الوصول، فقد انخفض عدد المدارس من 22664 مدرسة في عام 2012 إلى 15301 مدرسة في عام 2016 أيّ أنّ هناك 7363 مدرسة متضرّرة نتيجة الأعمال الإرهابية منها 331 مدمّرة بشكل كلي و 1039 مدرسة متضرّرة بشكل جزئي و 8863 مدرسة لا يمكن الوصول إليها.

كثيرة هي الآمال والطموحات المستقبلية التي ينشدها أو يتمناها أبناء سورية وبالذات الطلاب الذين يعتبرون شريان الحياة وعماد المستقبل، وتعلق عليهم الآمال لبناء سورية الحديثة، فهم أساس التطور وبناء الحضارات وبهم تبنى الأمم مجدها وحضاراتها، فبعد أكثر من خمس سنوات ملئية بالصعوبات يجب ألا يدفعنا إلى الإحباط والتشاؤم، بل يجب أن تكبر معه الأمنيات والأحلام على وقع صمود سورية ومحبة والتفاف الشباب حولها، فهم أكّدوا للعالم أجمع على أنهم سوريون بانتمائهم وقيمهم والذي من شأنه الخروج من الأزمة وإفشال المؤامرات الهادفة لضرب أمن واستقرار سورية.

مجملاً… رغم كلّ ما تعرّض له قطاع التربية من تخريب وسرقة واستهداف للمدارس والمؤسسات التربوية والتعليمية إلا أنّ إرادة الحياة لدى التلاميذ والمعلمين أقوى من أيّ إرهاب، فالهمم وإرادة هؤلاء الأطفال وذويهم تأبى اليأس أمام التحديات التي تواجه وطنهم، هذه الشجاعة النادرة تبشير بجيل جديد سيكون في المستقبل أقوى سلاح في وجه القوى المتطرفة التي تحاول إرجاع شعوب المنطقة إلى زمن الجاهلية وهنا نتذكر مقولة «إنّ صوت العلم أقوى من صوت الرصاص»، وهنا أتمنى أن يكون هذا العام، عام الأمن والاستقرار في ربوع وطني سورية وينتهي في حلقاته العنف والخراب… وأن تكون السعادة عنوانه وان تتفق كلّ القلوب وتتشابك كلّ الأيادي لأنّ سورية محتاجة للجميع للملمة جراحها، وبإختصار شديد، سنستمرّ في التعليم وسننهض رغم العدوان، بالعودة إلى نقطة البداية نقول أهلا بالدراسة ومرحى بالعلم فهيا نشمّر السواعد لننطلق إلى القمة بعزم دون أن نترك للكسل أو الإحباط مكان.

khaym1979 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى