بعد اعترافات القائد في النصرة «أبو العز»

حميدي العبدالله

جرى توثيق الدعم الأميركي المباشر لجبهة النصرة على لسان أحد قادتها ويدعى «أبو العز». الذي اعترف بأنّ صواريخ «تاو» الأميركية هي التي مكّنت جبهة النصرة من تحقيق مكاسب كثيرة على حساب الجيش السوري. واعترف أيضاً أنّ دبابات وناقلات جند جبهة النصرة جاءت من السلاح الليبي، وبديهي أنّ من اشترى أو نقل السلاح من ليبيا إلى سورية، وهذه المرة سلاح تضمّن آليات ثقيلة مثل الدبابات وناقلات الجند، ليست «جبهة النصرة» أو غيرها، وإنما دول لها الكلمة الفصل في تأمين وصول هذه الشحنات، أولاً عبورها عبر البحر المتوسط إلى تركيا، ومن ثم عبورها الحدود التركية إلى داخل سورية، الأمر الذي يؤكد أنّ الجهد المبذول على هذا الصعيد هو ثمرة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وتنخرط فيه دول الإقليم مثل تركيا والسعودية وقطر.

لكن السؤال المطروح بعد هذه الاعترافات الموثقة، بالصوت بالصورة، من قبل جهة إعلامية غربية، جهة ألمانية، وليس من قبل الدولة السورية أو أحد حلفائها، كيف يمكن للولايات المتحدة والدول الغربية ومجلس الأمن الدولي الردّ على هذه الواقعة، هل سيكون من السهل التنصّل من المسؤولية، وهل سيتمّ تكذيب ما قاله «أبو العز» الذي طالب الولايات المتحدة بدعم أكبر وبشكل مباشر، علماً أنه وصف جماعتها من التنظيمات المعتدلة، والتي تحمل اسم «الجيش الحر» بأنهم من ضعاف النفوس، ومرتزقة تمّ شراؤهم بالإغراءات المالية؟

كعادتها ستلجأ واشنطن وحلفاؤها إلى إنكار أيّ علاقة لها بالنصرة وبقية التنظيمات الإرهابية، علماً أنّ رئيسة مجلس الشعب السوري د. هدية عباس أعلنت من طهران أنّ لدى دمشق تسجيلات لاتصالات كانت تتمّ بين داعش والقوات الأميركية، الأمر الذي يؤكد ما ذهبت إليه دمشق وحلفاؤها من اتهام للولايات المتحدة بأنها تلجأ إلى الإرهاب لاستنزاف الدولة السورية وحلفائها، والسعي لفرض شروطها عليها عن طريق التنظيمات الإرهابية.

لا يعوّل على يقظة ضمير لدى حكام الولايات المتحدة والقادة الغربيين حول تعاملهم وتعاونهم ودعمهم للتنظيمات الإرهابية، الرهان هو على أبناء سورية وشعوب المنطقة وشعوب العالم، وتحديداً الشعب الأميركي والشعوب الأوروبية، التي تكتوي الآن بنار الإرهاب، وتدرك مدى نفاق الحكومات الغربية وكذب ادّعاءاتها حول محاربتها للإرهاب.

الإرهاب ليس مجرد استثمار أميركي غربي وسلاح بيد الولايات المتحدة للنيل من خصومها منذ ثمانينات القرن الماضي في أفغانستان، بل تحوّل إلى تحالف واضح ومكشوف، وهو الذي تسبّب بهذه الفوضى الدموية التي تعمّ مناطق واسعة من العالم ويقدّر لها أن تمتدّ إلى مناطق جديدة، طالما استمرّت سياسة التحالف والتعاون مع الإرهاب والتستر على جرائمه وتزويده بالمزيد من وسائل الفتك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى